حسن نصر الله
Reuters

ناقشت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية الخطاب الأخير لحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في ذكرى مرور 12 عاماً على حرب يوليو/ تموز مع إسرائيل.

ورأى العديد من الكتاب، خاصة في الصحف اللبنانية، أن الخطاب ينطوي على "إشارات واضحة" إلى إعادة العلاقات اللبنانية-السورية كشرط للمضي في تأليف الحكومة في لبنان.

ووصف بعض المعلقين تصريحات نصر الله بأنها محاولات "لانتزاع الاعتراف بالنظام السوري" بينما أشار آخرون إلى أن رئيس الوزراء سعد الحريري يواجه ضغوطاً لـ"تطبيع" العلاقات مع سوريا.

"التطبيع" مع سوريا

كتب عباس الصباغ في صحيفة النهار اللبنانية يقول: "لم يسبق لـ'حزب الله' أن لمّح وبوضوح إلى أن زمن التنازلات في الداخل اللبناني قد ولّى وربط ذلك بمعادلة مفادها أنه في حال أصر الطرف الآخر، أي خصوم الحزب، على انتظار او توقّع انتصار محورهم، فعندها سيعيد الحزب النظر في حجمه الحكومي انطلاقاً من الوقائع الميدانية في المنطقة. وفي الأمر إشارات واضحة لإعادة العلاقات اللبنانية - السورية إلى سابق عهدها".

وانتقد وليد شقير في صحيفة الحياة اللندنية ما أطلق عليه "التعفيش السياسي" في لبنان، حيث قال: "الحرب السورية اخترعت تعبيراً لعمليات السبي ومصادرة الأملاك ونهب منازل المواطنين على أيدي 'القوات الرديفة' للنظام (الميليشيات) حين تظفر بطرد قوات المعارضة من إحدى المناطق، هو 'التعفيش'. وفي لبنان، يتم 'التعفيش السياسي' على القوى الرافضة التطبيع مع النظام لانتزاع الاعتراف به منها بالضغط، بعدما كان الحريري تلقف المبادرة الروسية لإعادة النازحين لتجنب التطبيع مع النظام... كل فريق يسعى لاقتناص اللحظة، و'حزب الله' ودمشق يسعيان لاقتناص اللحظة الجديدة للحصول على التطبيع".

وقال أسعد حيدر في المستقبل اللبنانية: "تجتهد أوساط 'حزب الله' في تعليق على التأخير في تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، في رفع مسؤولية التأخير عنها بشكل كامل، وإذا كان ذلك من حقها لأن المترتبات على التأخير كبيرة، فإن الباقي يبقى مثل حلّ مسألة من الكلمات المتقاطعة. وفي كل تقاطعات العرض تبقى سوريا عقدة القطع والوصل، سواء ما يرتبط منها بعودة العلاقات معها، أو ما يتعلّق بشروط هذه العودة، أو لماذا العودة والحرب لم تنته ولماذا هذا الاستعجال؟".

سعد الحريري مع العماد عون
Reuters

أزمة تشكيل الحكومة

وفي صحيفة القدس العربي اللندنية، رأى سعد إلياس أنه "لم تعد أزمة تأليف الحكومة في لبنان تقتصر على قياس حجم هذا الفريق الوزاري أو ذاك أو على نوعية هذه الحقيبة أو تلك، بل اتخذت بعداً آخر وأوسع بعد الموقف الحاسم الذي أعلنه الرئيس المكلف سعد الحريري لجهة رفضه مطلب البعض تضمين البيان الوزاري بند عودة العلاقات اللبنانية السورية وقوله "ساعتها لن تتشكّل الحكومة".

وحذر إلياس حرفوش في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية من أن الحريري "يواجه ضغوطاً وعقداً في عملية تشكيل الحكومة، ظل الرجل يصفها بالعقد الداخلية، إلى أن اضطر أخيرا إلى كشف الهدف وراء تلك العقد، وهو سعي حلفاء إيران، الموزعين في لبنان إلى الحصول على الأكثرية داخل الحكومة، ليتمكنوا من فرض قراراتهم، ومن بينها إعادة العلاقات الطبيعية مع نظام دمشق كسياسة تعتمدها الحكومة الجديدة التي يسعى الحريري لتشكيلها".

وأضاف الكاتب: "طبعاً، يستطيع الحريري أن يبقي تشكيل الحكومة معلقاً إلى أن يستطيع إعلان التركيبة التي يرضى عنها... لكن ذلك يعني دخول لبنان في أزمة حكومية طويلة، وفي عملية عض أصابع، يعرف 'حزب الله' وحلفاؤه كيف يستفيدون منها ويوظفونها لمصلحتهم".

من ناحية أخرى، قالت صحيفة الجمهورية اللبنانية نقلاً عن "أوساط قريبة من حزب الله" أن "نصرالله لم يشترط حتى الآن تفعيل العلاقة مع سوريا أو إدراج هذا المطلب في البيان الوزاري، لتسهيل ولادة الحكومة الجديدة... ولكن كل ما طلبه الحزب مع حركة 'أمل' [الشيعية] هو تمثيلهما بـ6 وزراء انسجاماً مع التوازنات اللبنانية المرهفة" واعتبرت تلك الأوسط، وفقاً لصحيفة الجمهورية أن "استعداد الحريري لعدم تأليف الحكومة إذا أصرّ البعض على التطبيع مع النظام السوري... موقف يندرج في إطار افتعال ذريعة جديدة لتبرير الاخفاق المستمر في التأليف".

وفي السياق ذاته، انتقد، عبد الباري عطوان، في موقع أوقات الشام، موقف الحريري الذي "يَنسَى، أو يتَناسى، مَجموعةً من الحَقائِق، أبرزها أن ثلاثة أرباع الشَّعب اللُّبناني تقريبًا... مع عَودة العلاقات مع سورية وفي أسْرعِ وَقتٍ مُمكِن لاعتباراتِ التَّاريخ والجُغرافيا والمَصير المُشتَرك، وثانيها أنّ هُناك مِليون مُواطن سوري في لُبنان، أي رُبع السُّكّان تَقريبًا، إن لم يَكُن أكثَر، وثالِثها أنّ حاجَة لُبنان إلى سورية القَويّة المُتعافِية أكبَر بكَثير من حاجَتها إليه، سِياسيًّا، واقتصاديًّا، واجتماعيًّا أيضًا".

وانتقد الكاتب الحريري ومَواقِفه التي "تَصُب في خانَة 'تأزيم' الأزَمة، وإطالَة حالة الشَّلل السِّياسيّ التي تَعيشها البِلاد، وليس البَحث عن حُلول".