الرباط: ردًا على قرار الإدارة الأميركية بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، و نقل سفارتها إليها، حذر مجلس العلاقات العربية والدولية من خطورة وفداحة عواقب السياسة الأميركية الحالية، لكونها تدمر مبادئ وأسس القانون الدولي من خلال مد صلاحية التشريعات المحلية خارج النطاق الوطني، وأفضليتها وأولويتها على التشريع الدولي الملزم، طبقا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والمنظمات والهيئات ذات الصلة، مما ينذر بتبعات وعواقب وفوضى عارمة في العلاقات الدولية بشكل لا يمكن التنبؤ بنتائجه.

و أدان المجلس في بيان تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه القرار الأميركي الذي يتناقض وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، مما يعرض الأمن والسلام في المنطقة والعالم لأشد الأخطار، خاصة أنه يشكل مخالفة صريحة لأسس وقواعد النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وقواعد القانون الدولي الذي يشكل ميثاق منظمة الأمم المتحدة دستورا ملزما له، و حدد في شكل العلاقات الدولية مذاك، مما يشكك في شرعيتها ويضعف من قدرة المنظمة على القيام بمسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار في العالم.

تجاوز للحقوق المشروعة

وأوضح المجلس الذي يوجد مقره في دولة الكويت أن الاعتراف الأميركي غير المشروع بالقدس كعاصمة لإسرائيل لن يلغي صفة الاحتلال عنها، فهو يتجاوز الحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه و وطنه بما في ذلك عاصمته القدس.

وحذر المصدر ذاته مما اعتبره الانتقائية والازدواجية في المعايير التي تمارسها الإدارة الأميركية مع القضية الفلسطينية، باعتبارها من أهم أسباب عجز المجتمع الدولي و منظمته الأممية عن القيام بدورها في تحقيق الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن كونه يوفر وقودا للعنف والتطرف والإرهاب في المنطقة لتعميقها مشاعر الظلم والإحباط، بسبب غياب العدالة والإنصاف في التعاطي مع القضية العادلة للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية، والتي تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية خاصة تجاهها، باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن المعني بالحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الدولي.

وأكد مجلس العلاقات العربية والدولية على إلزامية القرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برفض الموقف الأميركي بشأن القدس بأغلبية ساحقة، بعد أن اضطرت الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض بسبب تصويت جميع أعضاء مجلس الأمن الآخرين لصالحه، مما يعبر بوضوح عن الإرادة الدولية الجامعة بالالتزام الكامل بالشرعية الدولية، ممثلة بقرارات الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية وفقا لحل الدولتين، وعلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو لسنة 1967 كأساس وشرط مسبق لتسوية شاملة، كما عبرت عنها مبادرة السلام التي تبنتها القمة العربية الرابعة عشر في بيروت سنة 2002.

موقف دولي حازم

وشدد البيان على أهمية الموقف العربي الصلب والموحد، باعتباره الأساس والقاعدة المتينة لموقف إسلامي ودولي حازم وفاعل في التصدي لأخطار السياسة الأميركية اللامسؤولة والمدمرة، وعواقبها الكارثية على السلم والأمن الدوليين، بما يفسح المجال للتقدم في مسارات تطبيق القرارات الدولية القاضية بإجراء التسوية السياسية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية.

وخلص المجلس إلى أن الرؤية السياسية والموضوعية المنصفة التي يعبر عنها تستند لأهدافه ودوره وجهوده الدؤوبة، وسعيه الدائم لنشر ثقافة الحوار الحضاري، والتعاون الدولي ونبذ العنف والتطرف في المنطقة والعالم، والدعوة الخالصة لسلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية بتقرير مصيره في دولة مستقلة ذات سيادة، طبقا لقرارات الشرعية الدولية، وبما يكفل حقوق جميع شعوب المنطقة في الحرية والأمن والسلام والرخاء، ويعيد إليها وجهها الحضاري المشرق، باعتبارها أما للحضارات ومهدا للديانات السماوية الثلاث التي شرعنت قيم الإنسانية، والتي تمثل القدس تعبيرا وتجسيدا لها، كمركز لتلاقي الأديان السماوية و تعايشها.