واشنطن: بعد عام على وصوله الى البيت الابيض مع شعار "اميركا اولا"، اكد الرئيس الاميركي دونالد ترمب بسلسلة قرارات رغبته في التخلي عن التعددية على الساحة الدولية.

وفي نهايته السنة الاولى من ولايته الرئاسية، تبدو صورة الرئيس الاميركي اسوأ بكثير مما كانت عليه صورتي الرئيسين السابقين باراك اوباما، كما كشف استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب ونشرت نتائجه الخميس.ف 30% فقط من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع في 134 بلدا يؤيدون عمل قطب الاعمال الجمهوري.

والاشد قسوة في مواقفهم هم بين الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في اوروبا الغربية وكندا والمكسيك. وعلق غالوب ان "تحالفات عديدة كانت تعتبرها ادارة ترمب +قوة كبيرة+ باتت مهددة في الواقع".

ويقول جيمس ليندساي من مجلس العلاقات الخارجية ان بعض اقرب حلفاء الولايات المتحدة "يخشون انتهاء العهد الذي كانت تمارس فيه الولايات المتحدة زعامة عالمية". واضاف "اذا حدث ذلك فان العواقب يمكن ان تكون رهيبة".

الا ان الباحث لدى معهد واشنطن والدبلوماسي السابق في ظل ادارات جمهورية جيم جيفري قلل من اهمية ذلك. وقال "لدينا مشكلة مع الاوروبيين لكن بقية العالم لا يشعر بالصدمة".

واضاف ان "ترمب لم يلحق اضرارا كبيرة بالنظام العالمي حتى الان"، مشيدا باستراتيجيته حول كوريا الشمالية وايران وسوريا.

في ما يلي جولة للدبلوماسية في عهد ترمب:

اتفاقات دولية: "مبدأ الانسحاب"

أعلنت الولايات المتحدة في حزيران/يونيو انسحابها من اتفاق باريس حول المناخ الذي يتعارض بحسب ترمب مع المصالح الاقتصادية الاميركية وان كان ذلك لن يتحقق فعليا سوى عند نهاية ولايته. يريد نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يعول على العلاقة الجيدة بينهما اقناعه بالتراجع عن قراره.

الا ان واشنطن ادارت ظهرها لاتفاقات اخرى ومنظمات متعددة الاطراف مثل معاهدة التبادل الحر لاسيا والمحيط الهادئ ومنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) والمعاهدة الدولية حول الهجرة... وتوجه انتقادات متكررة للكلفة المرتفعة لتمويل الامم المتحدة. في المقابل، تندد حتى الاوساط الجمهورية ب"مبدأ الانسحاب".

إيران: ترمب ضد التيار

يهدد ترمب ايضا بالانسحاب من الاتفاق الدولي الموقع في 2015 والذي يحول دون تطوير ايران لبرنامجها النووي وذلك رغم تأييد الدول الاخرى الموقعة (ايران والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا). وامهل ترمب الاوروبيين حتى الربيع لمساعدته على وقف "النشاطات المزعزعة للاستقرار" التي تقوم بها ايران قبل ان ينتقل الى التنفيذ.

القدس: صدمة في العالم

اعترف ترمب في قرار احادي مطلع ديسمبر بالقدس عاصمة لاسرائيل ما اثار استنكارا في العالم. واذا كانت اسرائيل رحبت بالامر الا ان الفلسطينيين كان لهم موقف اخر وباتوا يرفضون الوساطة الاميركية في عملية السلام التي يريد الرئيس الاميركي تحريكها لكنها تبدو عالقة اكثر من اي وقت مضى.

كوريا الشمالية: استراتيجية احادية واسلوب شخصي

ازاء الطموحات النووية الكورية الشمالية، التحدي الدولي الاساسي بالنسبة الى واشنطن، الاستراتيجية مختلفة تماما وتقوم على اقناع الاسرة الدولية بدفع بيونغ يانغ الى الحوار عبر فرض عقوبات متشددة، لكنها حققت بعض النجاح مع تصويت بكين وموسكو لصالح القرارات الاخيرة في مجلس الامن الدولي.

بعد ان شن المرشح ترمب حملة وهدد الصين بحرب تجارية، بات الرئيس يشيد بجهود هذه الاخيرة. لكن تغريداته وتصريحاته العدائية التي توعد فيها كوريا الشمالية ب"النار والغضب" وبتدميرها "التام" تثير القلق من ان تتحول الحرب الكلامية الى نووية.

واقر جيفري ان "مشكلته الاساسية هي انه لا يمكن التكهن بما سيقوم به".

روسيا: المصالحة المستحيلة

كان ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يأملان بمصالحة بين بلديهما. لكن التحقيق حول حصول تواطؤ محتمل بين الفريق الانتخابي لترمب والكرملين يجعل اي تقارب مستحيلا والنتيجة ان العلاقات في ادنى مستوى لها وهو ما يقر به الرئيسان.

سوريا: الانتصار على تنظيم داعش

في سوريا وفي العراق واصلت ادارة ترمب وكثفت على حد تعبيرها الحرب على تنظيم داعش حتى تحقيق النصر. والان وبعدما مالت الكفة لصالح النظام السوري المدعوم من ايران وروسيا، تحاول واشنطن اعتماد استراتيجية تقوم على وجود عسكري مستمر في سوريا لتفادي اي عودة للجهاديين لكن ايضا للتصدي لطهران والتوصل في نهاية المطاف الى رحيل الرئيس السوري بشار الاسد.

لندن: زعزعة "العلاقة الخاصة"

هل استمرت "العلاقة الخاصة" مع بريطانيا؟ الولايات المتحدة تقول لا، لكن ذلك ينعكس سلبا عليها. وبعد ان تعرض ترمب للانتقاد من رئيسة الحكومة تيريزا ماي لانه اعاد نشر تغريدات تتضمن تسجيلات فيديو لمجموعة من اليمين المتطرف، رد عليها بالمثل على تويتر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قبل ان يلغي زيارته بمناسبة تدشين السفارة الجديدة لبلاده في لندن.

المكسيك: إصرار على الجدار

تعهد المرشح ترمب ببناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين والمجرمين ولا يزال يصر على مشروعه. لكن المكسيك ترفض تحمل نفقات بنائه الذي يبدو معقدا. الا ان كبير موظفي البيت الابيض جون كيلي قال في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" ان هذا الاخير لم يكن "مطلعا بشكل كاف" حول الموضوع عندما تعهد بذلك.