يتنافس عدد من مدن أميركا الشمالية اليوم على الفوز باختيار أمازونتسوق، التي تبحث عن مدينة تقيم فيها مقرها الثاني. إلا أن لهذا الخيار معايير اقتصادية وديمغرافية وسياسية محسوبة بدقة.

إيلاف: أعلنت أمازون القائمة القصيرة للمدن والمناطق المرشحة لاستضافة مقرها الثاني، إيذانًا ببدء المرحلة الثانية من أشد المنافسات على الفوز باستثمارات منذ عقود، تعبيرًا عن القوة المتنامية لهذه الشركة التكنولوجية العملاقة في قطاع الأعمال الأميركي.

بين المدن التي اختارتها الشركة من أصل 238 مدينة ومنطقة تقدمت للتنافس على استضافة مقر أمازون الثاني في أكتوبر الماضي: نيويورك وبوسطن وشيكاغو، وكلها مدن كبيرة ذات مطارات يسهل الوصول إليها، وكوادر تقنية موهوبة وشبكة وافية للنقل العام. 

50 ألف فرصة عمل
تضم القائمة القصيرة ثلاثة مواقع مدينية في منطقة كولومبيا، بينها العاصمة واشنطن، في حين أن تورونتو الكندية هي المدينة الوحيدة غير الأميركية على القائمة. من المدن غير المتوقعة على القائمة كولومبوس عاصمة ولاية أوهايو، وإنديانابوليس عاصمة ولاية إنديانا.

قالت أمازون، التي ستعلن اسم المدينة الفائزة خلال هذا العام، إنها تتوقع توفير 50 ألف فرصة عمل متوسط راتبها السنوي 100 ألف دولار أو أكثر، وتوليد استثمارات تزيد على 5 مليارات دولار خلال العقدين المقبلين.

أطلقت هذه الأرقام حرب مزايدات بين المدن والمناطق التي تتنافس على استضافة مقر الشركة في أميركا الشمالية بتقديمها المغريات والحوافز والمقترحات الغريبة في محاولة للفوز باستضافة مقر أمازون الثاني. 

من المتوقع أن تتنافس المدن العشرون التي تضمها القائمة القصيرة على كل شيء، من موقع المكاتب إلى تسهيلات ضريبية بمليارات الدولارات لاستدراج أمازون إليها. وشرع بعض الحكومات المحلية في إعادة النظر ببعض القوانين أو حل مشكلات في قطاع النقل العام لتعزيز موقعها في المنافسة.

معايير معلنة مسبقًا
استخدم عمد مدن وحكام ولايات القائمة القصيرة فرصة لاستعراض أفضليات مناطقهم وإعلان مدنهم العاصمة التكنولوجية المقبلة للولايات المتحدة.

أعد فريق أمازون القائمة القصيرة وفق معايير معلنة مسبقًا، بينها أن تكون منطقة حضرية، لا يقل عدد سكانها عن مليون نسمة، وذات بيئة مستقرة وصديقة للأعمال، وموقع يغري المواهب التكنولوجية بالمجيء والبقاء، ومناطق ذات طموحات كبيرة في سوق العقارات ومواقعها.

لكن أمازون بقيت متكتمة على تفاصيل العملية، واستخدمت تحليلات مدعومة بالبيانات لإضافة معايير أخرى مثل العلاقة بين معدل نمو السوق المحلية واستعداد المرشح للتوظيف للانتقال إلى هذه المدينة، كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصدر مطلع. المهم في الدرجة الرئيسة أن تكون في المدينة مواهب تقنية تشغل آلاف الوظائف.

ستعلن أمازون اسم المدينة الفائزة خلال هذا العام

من العوامل الأخرى نوعية المقترحات التي تقدمها المدينة المتنافسة، خصوصًا ما فيها من حوافز يمكن أن تساعد أمازون على استعادة ما ستنفقه من أموال ضخمة على المقر الجديد. على سبيل المثال، مدينة نيوآرك ووولايتها نيو جرسي قدمت ما قيمته 7 مليارات دولار من الحوافز الضريبية، ودعمت ولاية ماريلاند مقاطعتها مونتغمري شمال واشنطن بحزمة من الحوافز تزيد على 5 مليارات دولار.

التوجهات السياسية محسوبة
امتنعت أمازون عن القول إذا كانت ميول المدينة السياسية ستؤثر في قرارها النهائي، لكن من المحتم أن تأخذ توجهات المدينة السياسية في الاعتبار، لا سيما أن مدينة سياتل، التي تستضيف مقرها الحالي، مدينة ذات ميول ليبرالية قوية، وكذلك الأيدي العاملة في القطاع التكنولوجي عمومًا.

كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب استهدف أمازون بتغريداته على تويتر، مشيرًا إلى الضرائب التي تدفعها. وشهدت الآونة الأخيرة تصعيد مؤسس أمازون ورئيسها التنفيذي جيف بيزوس نشاطه السياسي، متبرعًا بما قيمته 33 مليون دولار من المنح الدراسية لطلاب عائلات مهاجرة لا تحمل أوراقًا قانونية. وكان من أوائل رؤساء الشركات الذين رفعوا دعوى قانونية ضد منع السفر الذي أعلنه ترمب في العام الماضي.

أثارت هذه المواقف تكهنات بين الخبراء بأن بيزوس قد يختار موقعًا يمكن لحراك الأيدي العاملة أن يشجع على التغيير السياسي فيه. كما إن توافد الكوادر التقنية وعائلاتهم يمكن أن يزيد الأجور ويرفع أسعار العقارات، كما حدث في سياتل.

صانعة ملوك
أصبحت أمازون صانعة ملوك في عموم أميركا الشمالية نتيجة تسابق مدنها على استضافة مقر الشركة الجديد، في وقت تشهد أعمالها انتعاشًا كبيرًا. فأمازون ليست أكبر شركة لتجارة التجزئة على الانترت في الولايات المتحدة فحسب، بل تنتج أجهزة كومبيوتر لوحية وهواتف ذكية، وتبيع خدمات الحوسبة السحابية، وتبني شبكة واسعة لتوصيل البضائع إلى المنازل، ودخلت أخيرًا بقوة إلى سوق البقاليات.

أسفر هذا النمو عن زيادة إيرادات أمازون إلى مستويات قياسية بلغت 43.7 مليار دولار في الربع الثالث من العام الماضي، أو أكثر من ضعف إيراداتها قبل ثلاث سنوات. وخلال هذه الفترة ارتفع سعر سهم الشركة ثلاثة أضعاف تقريبًا. وبدأت الشركة تنمو فوق طاقة مقرها الحالي في سياتل، حيث يعمل أكثر من 40 ألف شخص، وتشغل رقعة كبيرة من وسط المدينة.

تتوقع الشركة بناء أو شراء مساحة مكتبية في حدود 500 ألف قدم مربع أو اكثر لبدء المرحلة الأولى من مشروعها في أقرب وقت ممكن. وقال مارك سويني، المدير في شركة ماكالوم سويني للاستشارات، إن عملية اختيار الموقع النهائي تستغرق بين 3 و6 أشهر من العمل الميداني والتحليل.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "وول ستريت جورنال". الأصل منشور على الرابط:
https://www.wsj.com/articles/amazon-narrows-choices-for-second-headquarters-to-20-1516284607