إيلاف من القاهرة: حسم الرئيس عبد الفتاح السيسي الجدل الذي شغل بال الشعب المصري، حول إمكانية الإفراج عن قيادات الإخوان داخل السجون من عدمه.

قال الرئيس السيسي إنه على استعداد تام لإخراج أعضاء جماعة الإخوان من السجن فورًا، ولكن لا أحد يسألني عن شيء بعدها".

وتابع في مداخلته بفقرة "اسأل الرئيس"، خلال مشاركته بمؤتمر "حكاية وطن": "أنا مستعد أخرجهم من السجن بس ماحدش يسألني عن حاجة.. انتم قراركم بأيدكم .. لو انتم شايفين كده ماحدش يسألني عن شغل وأمان واستقرار ووظائف"، وأردف: "لكن طالما انتم موافقين على التفويض إحنا معاكم بقى".

تصريحات سابقة

حديث السيسي حول قرار الإفراج عن قيادات الإخوان من عدمه، كان قد سبقته تصريحات مماثلة خلال العام الماضي، فقد اعتبر السيسي أن إمكانية إجراء المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين يجيب عنها الشعب المصري، جاء ذلك في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه فضائية "فرانس 24" خلال زيارته للعاصمة الفرنسية باريس مؤخرًا.

وردًا على سؤال من المحاور بشأن إمكانية إجراء المصالحة مع "الإخوان" قبيل انتخابات الرئاسة في 2018، قال السيسي :"إن الإجابة عند الشعب المصري، وهو في حالة غضب كبير، وعلى الآخرين (لم يسمهم) أن يضعوا ذلك في الاعتبار".

ونفى السيسي وجود معتقلين سياسيين في مصر، وشدد على أن سجناء الإخوان يتعرضون لمحاكمة عادلة طبقًا للقانون المصري.

مبادرات المصالحة

منذ ثورة 30 يونيو، خرجت العديد من المبادرات للتصالح بين الدولة والإخوان، ومن الشخصيات التي طرحت تلك المبادرات الدكتور أيمن نور الهارب في تركيا، كذلك الدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز بن خلدون للدراسات الإنمائية.

كما خرجت مبادرات أخرى للتصالح من داخل الإخوان، فوفقًا لبيانات الجماعة، فقد كلف نائب المرشد العام (الأمين العام للجماعة محمود حسين) بفتح قنوات اتصال مع عدد من القوى السياسية والشخصيات العامة؛ للبدء في حوار مع الدولة، يتضمن أولًا: الإفراج عن المعتقلين الموافقين على الاتفاقات التي ستتم والتحفظ على من يرفضها، ثانيًا: تخفيف الأحكام عن الموافقين على الوثيقة، ثالثًا: منع الجماعة من العمل السياسي والدعوي لمدة ٧ سنوات تعود بعدها للدعوة ثم للسياسة تدريجيًا من خلال الدولة، على أن تخضع القيادات المفرج عنها للمراقبة، والابتعاد تمامًا عن العمل السياسي.

سجناء الإخوان

منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم عقب ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن، تنوعت الاتهامات التي واجهتها قيادات الجماعات، ما بين الإرهاب والعنف والتحريض والتجسس والعمالة لصالح منظمات ودول خارجية.

وصدرت ضدهم عدة أحكام بعضها نهائية غير قابلة للطعن أو إعادة التقاضي، والبعض الآخر منها ما زال في الطور الأول من مراحل التقاضي.

تعتبر قضية "التخابر مع قطر" آخر القضايا التي سطرت سنوات جديدة لقيادات الإخوان خلف السجون بحكم نهائي صادرًا من محكمة النقض ضد الرئيس المعزول محمد مرسي بالسجن المؤبد؛ لتصل مجمل الأحكام النهائية والصادرة ضد القيادات السبعة الأبرز للجماعة، لنحو 180 عامًا مرشحة للزيادة، في ظل وجود أكثر من 13 قضية متهمين فيها، وما زالت تنتظر حكم القضاء.

يعتبر مرشد الإخوان محمد بديع الأكثر من حيث عدد القضايا المتهم فيها بواقع 14 قضية، كما يعتبر محمد البلتاجي عضو مكتب الإرشاد أكثر قيادات الإخوان حصولًا على أحكام نهائية بواقع 55 سنة في 3 قضايا، في حين يعتبر خيرت الشاطر وسعد الكتاتني القياديان الوحيدين اللذين لم يصدر بحقهما أحكام نهائية حتى الآن، في السياق ذاته فقد أسدل القضاء الستار نهائيًا على 4 قضايا لقيادات الإخوان هي "أحداث الاتحادية" و"قطع طريق قليوب" و"تعذيب ضابط برابعة" و"التخابر مع قطر".

رفض شعبي

يقول الدكتور عبد السلام النويري الخبير السياسي لـ"إيلاف"، إنّ "حديث الرئيس عن المصالحة مع الإخوان أكد ما قد سبق ذكره، بأن المصالحة بين الإخوان والدولة على المدى القريب أمر مستبعد الحدوث، في ظل حالة الرفض الشعبي لهذا الأمر، بجانب أن النظام السياسي الحالي غير مستعد تمامًا لإتمام أي مصالحة مع جماعة الإخوان في ظل استمرار العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة في سيناء".

وأكد النويري أن الرئيس "ربط خروج الإخوان بعودة الفوضى داخل البلاد وزيادة الإرهاب، وهو حديث الغرض منه تخويف الشعب من طرح مبادرات المصالحة والإفراج عن قيادات الإخوان داخل السجون، وبالتالي غلق هذا الملف تمامًا طوال الولاية الثانية للرئيس السيسي في حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية".

وتوقع عدم تنفيذ الدولة لأي أحكام تتعلق بإعدام القيادات السبعة الكبرى بالإخوان، وعلى رأسهم محمد مرسي، لتخوف الدولة من نتائج ذلك داخليًا وخارجيًا في ظل الضغوط الدولية التي تمارسها منظمات حقوق الإنسان العالمية على مصر مؤخرًا.

أمر مرفوض

في السياق ذاته، يرى ثروت الخرباوي القيادي الإخواني السابق، أن الرئيس السيسي أغلق تمامًا هوس البعض بالداخل والخارج بأن المصالحة بين الدولة والإخوان قادمة لا محالة.

وأكد الخرباوي ل"إيلاف" أن حديث الرئيس خلال مؤتمر "حكاية وطن" كشف عن رفض الدولة والشعب فكرة عودة الإخوان للظهور في الصورة والمشهد مجددًا، بدليل قرار الحكومة بفصل الإخوان المتورطين في الإرهاب من الوظائف بالجهاز الإداري بالدولة.

وأشار إلى أن الدولة لن تقبل خروج قيادات الإخوان من السجون حتى لو قدمت جماعة الإخوان اعتذارات رسمية عمّا بدر منها عقب ثورة يونيو، وإن كان هذا الأمر أيضًا مستبعدًا تقديمه من جانبهم بشكل رسمي، على حدّ تعبيره.