دافوس: بدلا من استقبال بارد من جانب المدافعين عن العولمة، قد يلقى الرئيس الاميركي دونالد ترمب ترحيبا حارا في منتجع دافوس الراقي من رؤساء كبرى الشركات العالمية الذين عبروا عن سرورهم باصلاحاته في مجال الضريبة.

ويشكل المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في المنتجع السويسري معقلا للعولمة، وكانت التوقعات بان حضور ترمب يومي الخميس والجمعة قد يكون على الارجح امرا سيئا نظرا لحماسة الرئيس الاميركي للحمائية.

لكن الشهر الماضي، حققت رئاسة ترمب انتصارا نادرا عبر اقرارها قانونا من خلال الكونغرس الذي يقوده الجمهوريون يخفض معدلات الضرائب على الشركات بشكل دائم من 35% الى 21%، ما يحقق رغبة قديمة لدى الرؤساء التنفيذيين الاميركيين.

وكانت المعارضة في الولايات المتحدة شرسة ضد هذا التعديل الذي ينظر إليه على انه مساعدة للاثرياء كما انه اغضب الحكومات الاوروبية التي اعتبرته عملية اغراء من قبل واشنطن لكي تعيد الشركات متعددة الجنسيات أموالها الى الوطن.

لكن في دافوس، اشاد العديد باصلاحات ترمب التي تعيد الولايات المتحدة الى قيادة الاقتصاد العالمي.

وقال الملياردير ستيفن شفارتزمان، الرئيس التنفيذي لشركة بلاكستون العملاقة لادارة الثروات، "هناك شركات في جميع أنحاء العالم تقول ان الولايات المتحدة هي المكان الانسب لها في العالم المتطور".

واعتبر شفارتزمان، وهو من مرتادي دافوس، خلال ندوة شارك فيها عدد كبير من قادة الاعمال في العالم ان "انخفاض الضرائب، والتخلي عن الضوابط المالية، وقوى عاملة متعلمة (...) إن (هذا الاصلاح الضريبي) هو بالنسبة لغير الاميركيين أمر في غاية الأهمية".

من جهته، اشار بريان مونيهان رئيس مجلس ادارة "بنك اوف اميركا" الى "الحماسة التي سمعتها الليلة الماضية من مجموعة من الاشخاص من خارج الولايات المتحدة".

 واضاف "انهم يعتقدون ان الولايات المتحدة ستكون محور الحديث خلال 12 او 18 حتى 24 شهرا المقبلة ... ما سيشكل ديناميكية مثيرة للاهتمام لفترة من الوقت".

بدوره، وافق الرئيس التنفيذي لمصرف كريدي سويس التيجاني ثيام وهو فرنسي عاجي مقرب من الرئيس ايمانويل ماكرون على ذلك.

وقال في هذا السياق "لقد تعلمت بمرور الوقت عدم المراهنة ضد الاقتصاد الاميركي. انها ليست استراتيجية تضمن الفوز".

- "عبقري" -

لم يكن من المفترض ان تسير الامور بهذه الطريقة.

نسخة العام الماضي من دافوس تزامنت تماما مع تولي ترمب مهامه، في حين كان الاندهاش باديا على وجوه كبار قادة الاعمال في المنتدى وهم يتابعون هذه المشاهد التاريخية على أجهزة التلفزيون.

لكن المديرين التنفيذيين قالوا ان الانهيار والقلق ازاء الزلزال السياسي لم يتحققا، أقله حتى الان.

وقال مارك واينبرغر، رئيس مجلس ادارة شركة المحاسبة العالمية "اي واي" لقناة "سي إن بي سي" في دافوس "أعتقد ان الامور هدأت" مؤكدا أهمية الاصلاح الضريبي الذي وصفه بأنه "تغيير تاريخي".

واضاف ان هذا ساهم في ترطيب الاجواء تجاه ترمب والولايات المتحدة.

وتابع واينبرغر "يجب ان نتذكر انه العام الماضي واجهنا مشكلة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وبعدها مباشرة انتخاب دونالد ترمب ( ...) كان هناك قلق حيال الانتخابات في فرنسا والمانيا والنمسا وهذا كله بات وراءنا الان".

لكن الاصلاح الضريبي لم يلق استحسانا من الجميع.

وحذر فرانك آبيل، الرئيس التنفيذي لشركة "دويتشه بوست" من أن الإصلاح الضريبي يمكن ان يكون السبب في تضخم خطير في العجز الاميركي.

وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد حذرت الاثنين من ان ارتفاع توقعات النمو في الولايات المتحدة لهذا العام الى 2,7 في المئة، سيكون بفضل الآثار "القصيرة الأمد" للاصلاح الضريبي.

من جهتها انتقدت رئيسة منظمة اوكسفام ويني بيانيما بشدة ترمب ووصفت ما تعتبره هدفا حقيقيا وراء سياساته. 

واوكسفام مجموعة بريطانية تقدم مساعدات وتعتبر من معارضي الرأسمالية في دافوس.

وقالت بيانيما لوكالة فرانس برس ان رئاسة ترمب "مثال جيد جدا (...) حين يتولى الاغنياء السيطرة على الحكومة ثم يستخدمونها لمصالحهم الخاصة".

لكن تاثير الاصلاح الضريبي لترمب يبقى واضحا في اوساط المدراء التنفيذيين، ومعظم الاثرياء.

وقال احد المشاركين البارزين مشترطا عدم الكشف عن اسمه "في غضون سنوات قليلة، قد نقول ان ترمب عبقري بشكل مطلق".