ثمة حوار استراتيجي بين واشنطن والدوحة، هو الأول من نوعه، يبدو أنه يعبد الطريق أمام حل الأزمة الخليجية. فهل انتهت هذه الأزمة؟

إيلاف من الرياض: في 30 يناير، رعى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيم ماتيس حوارًا استراتيجيًا بين الولايات المتحدة وقطر فى واشنطن. وفي إشارة إلى الأهمية التي توليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لعقد هذا المؤتمر الثنائي الأول، كان تيلرسون أحد المتحدثين في استقبال أعدته غرفة التجارة للوفد القطري.

التبدل الأميركي

بحسب سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في "معهد واشنطن"، في مقالة نشرها على الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد، يكمن التزام واشنطن الرفيع المستوى بهذا الحدث جزئيًا في حقيقة مفادها أن الجهود الأميركية لمكافحة أنشطة إيران المخلة بالاستقرار خرجت عن مسارها منذ مايو الماضي بسبب التوتر المفاجئ في العلاقات داخل مجلس التعاون الخليجي.

في ذلك الوقت، نشر قراصنة على موقع وكالة الأنباء القطرية بيانات وهمية متعاطفة مع إيران، ما أدى إلى قطيعة دبلوماسية بين قطر والتحالف المكون من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ومصر. بعدها، أصدر هذا التحالف قائمة من ثلاثة عشر بندًا لتتبناها الدوحة، بما في ذلك وقف دعمها للإرهابيين.

في بداية الأزمة، تمثل موقف الولايات المتحدة من هذا التصدع الخليجي في تغريدة لترمب عبر من خلالها عن تعاطفه مع الموقفين السعودي والإماراتي. قال: "خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك أي تمويل للأفكار الراديكالية، وأشار القادة بالبنان إلى قطر!".

هفوات وأخطاء

لكن، سرعان ما اتخذ أعضاء آخرون في الإدارة الأميركية موقفًا أكثر حيادًا، وتم تسريب أخبار مفادها أن دولة خليجية هي من نظم عملية القرصنة على موقع وكالة الأنباء القطرية. بعد ذلك بوقت قصير، وقعت واشنطن والدوحة اتفاقية لمكافحة الإرهاب، لكن الجهود الرامية إلى إقناع الأطراف الخليجية المتخاصمة بحل الازمة تعرقلت.

يضيف هندرسون أنه في الشهرين الماضيين، تفاقم التوتر بين قطر والإمارات مع ادعاء كل من البلدين بتحليق سلاح طيران الدولة الأخرى بشكل استفزازي، ومع إثارتهما ضجة كبيرة حول خريطة في متحف اللوفر أبو ظبي الجديد اختفت منها دولة قطر، وسرعان ما أعلن اللوفر أبو ظبي أن إغفال إثبات موقع قطر على الخريطة نتج من "خطأ غير مقصود".

وأعلنت القوات الجوية الإماراتية في 23 يناير الجاري إنها تتجنب التصعيد العسكري مع الدوحة، وصرح وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تصريحًا مشابهًا بعد ذلك بيومين. 

في الوقت نفسه، كان ترمب يشير إلى تحول عام في السياسة الأميركية بشأن النزاع الخليجي، وهو شكر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في اتصال هاتفي على جهوده "لمكافحة الإرهاب والتطرف بأشكاله كلها". بعد ذلك، وفي خطاب ألقاه في 26 يناير في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أكد ترمب أهمية وجود جبهة خليجية موحدة، وقال: "نواصل دعوة الشركاء إلى مواجهة دعم إيران للإرهابيين". وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر.

مكافحة الإرهاب

يضم الوفد القطري إلى هذا الحوار الاستراتيجي نائبين لرئيس الوزراء، أحدهما وزير الخارجية والآخر وزير الدفاع، إضافةً الى وزير الطاقة والصناعة ووزير الاقتصاد والتجارة ووزير المالية. 
غرّدت وزارة الخارجية الأميركية على حسابها بموقع "تويتر" قائلةً إن الحوار "سيبحث في مجالات التعاون بين دولتينا، بما في ذلك التجارة والاستثمار والدفاع والأمن وتطبيق القانون ومكافحة الإرهاب والطيران". 

مع ذلك، ما زالت واشنطن تشعر بالامتنان لقطر لاستضافتها قاعدة العديد الجوية العديدة، وفيها 10 آلاف جندي أميركي. كما أن ثمة قضايا عالقة مع الدوحة، خصوصًا ما يتعلق منها بالإرهاب، وهذا ما يفسر على الأرجح سبب قيام مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية بالتغريد ما قبل الاجتماع مؤكدًا أن "الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر يشمل موضوعات متعلقة بمكافحة الإرهاب".

يختم هندرسون: "يقول مسؤولون سابقون إن أهمية الحوارات الاستراتيجية يمكن أن تختلف اختلافًا كبيرًا وفقًا لمستوى التمثيل ونطاق المشاركة من الجانب الأميركي. ويبشّر المشروع المشترك بين تيليرسون وماتيس بعقد جلسات مثمرة، إلّا أنه لا يمكن تكوين رأي نهائي إلا بعد انتهاء هذا الحوار".​