بعد تسريب فيديو لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل وصف فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ "البلطجي"، ينحو الخطاب السياسي في لبنان نحو التوتر مما يهدّد السلم الأمني.

إيلاف من بيروت: اتخذ التصعيد السياسي والإعلامي في لبنان منحى خطرًا ينذر بمضاعفات واسعة غداة الأزمة التي خلفها الفيديو المسرب لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، الذي وصف فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بـ "البلطجي"، وما أعقبه من ردود فعل حادة، وذلك في ظل حركة اتصالات ناشطة لتطويق الأزمة، بعدما نجحت الجهود في ضبط الشارع نوعًا ما.

هذا التصعيد يعيدنا الى مدى دور الخطاب السياسي في لبنان في إشعال الأزمات السياسية وفي الشارع أيضًا.

دراسة وتحليل

يشير عالم الاجتماع الدكتور أنطوان مسرّة لـ "إيلاف" إلى أنه يجب دراسة الخطاب السياسي السائد، إذ ان لغة الخطاب والجسد هي التي تتكلم بشكل تهديدي، وهذا الاتجاه هو الذي يساهم في تأزيم الوضع السياسي، كما أن هذا الخطاب يتميز بأنه شعبوي بسيط في مفاهيمه يطلق شعارات التغيير التي يتأثر بها المواطنون "شبه النائمين" والشباب الذين يطلبون التغيير.

زبون

ويضيف مسرّة أن اللبناني تحول إلى زبون أكثر منه مواطن فأصبح مستزلمًا للقادة السياسيين، وإذا ما قمت بسؤاله، أي المواطن، عن تغيير الخطاب عند زعيمه بين ليلة وضحاها، يقول لك إن السياسي يعرف لماذا. وهذا الأمر هو الأخطر لأن المواطن يتبع الزعيم مهما فعل دون معرفة الأسباب والحيثيات، وهذه الظاهرة وجدت أيام النازية فكان الشباب يتبعون هتلر دون معرفة خفايا ما يقوم به، ويعتبر مسرّة أن وسائل الإعلام ساهمت في ضرب العقول وضرب القيم الجمهورية، فبعض المسؤولين عن البرامج يديرون ما يقال بأنه حوار يتلقفون العبارات والمصطلحات وكأنهم حياديون، فمن مساوئ رجال الإعلام أنهم ملتصقون بالسياسيين، كما توجد تبعية سياسية لوسائل الإعلام وكسل في البحث عن المعلومات.

النزاعات

ويضيف مسرّة أن النزاعات تنشأ في المستنقعات وفي الحوارات المسائية التي تكون دون معايير ودون رقيب أو قواعد، وبهذا تحوّلت وسائل الإعلام إلى منبر للسياسيين.

ضغط من الأطراف

وتعتبر عالمة الاجتماع الدكتورة ليلى خوند في حديثها لـ"إيلاف" أن الخطاب السياسي اليوم هو مجرد حالة ضغط تمارس من الأطراف على بعضها البعض من خلال استخدام الكلمات النابية، ومن استراتيجيات هذا الخطاب أن يحرج كل طرف للآخر، ويقوم ايضًا بإقصائه، سياسيًا واجتماعيًا، وتؤكد ان أن كل فريق يقوم اليوم باستعمال العبارات القاسية والمنفرة لانه يدرك إنه غير مقنع، ولا يملك حجة قوية، مع وجود افلاس في استخدام اللغة العلمية، وفي النتيجة مع وجود نظام مبني على الطائفية كما هو الحال في لبنان فإن التهويل والكلام النابي سيكونان سيدي الموقف، وعندها يتصرف المسؤولون كضحية ويلجأون إلى تهويل الآخر وإقصائه.

دور الإعلام

وعن دور وسائل الاعلام في زيادة الاحتقان والتأزم في الشارع، تشير إلى انه لا يمكن لوسائل الاعلام أن تكون مجرّدة من أي غاية، فهي من حيث تركيبتها السياسية والاجتماعية تعبّر عن جهة سياسيّة معيّنة، فكيف نطلب منها التجرّد؟ وتشير خوند إلى أن وسائل الإعلام موزعة اليوم بشكل غير ديمقراطي وغير حيادي على الإطلاق.