نصر المجالي: تحتفل بريطانيا بالذكرى المئوية لحصول النساء على حق الانتخاب، بعد نضال امتد نصف قرن واجهن فيه عنفًا وقهرًا من جانب الرجال، كما قمن أنفسهن بأعمال عنف، وشهد العام 1919 انتخاب أول امرأة على مقعد في مجلس العموم.

وفي يوم 6 فبراير 1918، منح القانون البريطاني في البداية حق الانتخاب للنساء اللواتي يتجاوزن الثلاثين من العمر، ويملكن بيتًا أو قطعة أرض، ثم حصلت المرأة على حق الترشح في الانتخابات البرلمانية، وفي عام 1919 شهد حصول أول امرأة بريطانية على مقعد في البرلمان.

وبموجب "قانون 1918 حول التمثيل الشعبي"، اصبحت 8 ملايين امرأة فوق سن الثلاثين مدرجات على القوائم الانتخابية، فيما أصبح هذا الحق من نصيب الشابات اعتبارًا من سن الحادية والعشرين، بعد مرور 10 سنوات على هذا القرار.

وكانت أول امرأة تنتخب في مجلس العموم هي كونستانس ماركيفيتش، في الانتخابات العامة لعام 1918، ولكن عضويتها سحبت بسبب انتمائها لحركة (شين فين) الجمهورية المناهضة للملكية في إيرلندا الشمالية. 

لكن بعد انتخابات فرعية في ديسمبر 1919 كانت أول امرأة تأخذ مقعدها نانسي أستور (الكونتيسة أستور)، حيث انتخبت عن حزب المحافظين في دائرة بليمون ساتن، بعد شغور مقعد زوجها والدورف أستور الذي تم ترفيعه لعضوية مجلس اللوردات آنذاك. 

وشغلت استور المقعد حتى اعتزالها العمل البرلماني العام 1945. وكانت مؤيدة لعضوية المرأة للبرلمان على الرغم من أنها لم تشارك قط في حملات لاقتراع المرأة، لكنها كانت مؤيدة كبيرة للحركة النسائية.

كما أن زوجها عمل بعد ترقيته الى منصب لورد، على تعزيز قبول المرأة في مجلس اللوردات خلال العشرينيات من القرن الفائت.

احتفال 

وبمناسبة احياء الذكرى الـ100 لحصول المرأة البريطانية على الحق فى الاقتراع، شارك عمدة لندن، صادق خان، والمؤرخة لوسي ورسلي، الاحتفال بمناسبة وضع صورة تذكارية للنساء اللواتي ناضلن في سبيل تحقيق هذا الإنجاز في تاريخ النضال النسوي العالمي، في إحدى ميادين العاصمة البريطانية، والتقطا صورًا مع الصورة التذكارية للمناضلات البريطانيات.

أعمال عنف

وفي خضم النضال سلكت بعض الناشطات في بعض الحالات طريقاً عنيفاً لم يسبق له مثيل وقتها، فكانت بعضهن يوثقن أنفسهن على السكك الحديدية، أو يحطّمن واجهات المتاجر، ويخرّبن خطوط التيار الكهربائي، وبلغت أعمال العنف هذه إلقاء قنبلة على منزل أحد الوزراء، وكانت مؤسسة مجموعة الناشطات المطالبات بتصويت المرأة إميلين بانكهرست، تبارك هذا النضال العنيف، وهي المرأة التي سجنت وأطلق سراحها 11 مرة.

وفي عام 1913، انتحرت الناشطة إميلي ديفيسن، ملقية نفسها تحت أقدام حصان ملكي في سباق، وأسفرت أعمال العنف عن الزج بمئات الناشطات وراء القضبان، ومنهن من كن ينفذن إضرابا عن الطعام للخروج من السجن.

ويشار إلى أن نيوزيلندا كانت رائدة في هذا المجال، لأنها أقرت عام 1893، قانونا يجيز تصويت النساء في الانتخابات، وتلتها بعد ذلك أستراليا عام 1902، ثم فنلندا عام 1906، والنرويج عام 1913.

انجاز عظيم

ونشرت صحيفة (الغارديان) البريطانية تقريرًا للاحتفال بالذكرى المئة لحصول النساء في ​بريطانيا​ على حق الانتخاب، وهو ما وصفته الصحيفة ذاتها قبل قرن من الزمان بأنه "إنجاز عظيم، وعلامة فارقة في ​الدستور​". وأشارت إلى انه "حصلت النساء على حق الانتخاب بعد خمسين عاما من النضال واجهن فيه العنف".

وأضافت "في البداية منح القانون حق الانتخاب للنساء اللواتي يتجاوزن الثلاثين من العمر ويملكن بيتا أو قطعة أرض، وهذا يعني أن 40 في المئة من نساء بريطانيا حصلن على حق الانتخاب. ثم تبع هذا التطور الثوري تطور آخر، وهو حصول ​المرأة​ على حق الترشح في ​الانتخابات​ البرلمانية. ومع أن 99 في المئة من المرشحين كانوا رجالا في البداية، إلا أن عام 1919 شهد حصول أول امرأة على مقعد في البرلمان".

يشار إلى أنه تم انتخاب ما مجموعه 489 امرأة في مجلس العموم منذ عام 1918، وقبل عام 1987، لم تكن النساء أكثر من 5 في المائة من أعضاء البرلمان وتم انتخاب 208 نائبات في الانتخابات العامة لعام 2017، اي ما يعادل 32٪ من جميع أعضاء البرلمان، وهي نسبة قياسية. 

كما أن هناك 210 نساء، يشكلن (26 %) من أعضاء في مجلس اللوردات.

وفي أعقاب انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2014، بلغت نسبة النساء 41 في المائة من أعضاء البرلمان الأوروبي في المملكة المتحدة.

المجالس المحلية 

كما تشكل النساء نسبة 32 في المائة من أعضاء المجالس المحلية في إنكلترا اعتبارا من عام 2013. وفي اسكتلندا، تشكل النساء نسبة 24 في المائة من أعضاء المجالس البلدية. وتشغل النساء 26 في المائة من مقاعد المجلس في ويلز. وفي أيرلندا الشمالية، تشكل النساء نسبة 25 في المائة من أعضاء المجالس البلدية.

أما في المناصب الحكومية والوزارية العليا، فإن سيدتين تسلمتا منصب رئيس الحكومة هما الراحلة الليدي مارغريت ثاتشر أول امرأة رئيسة وزراء في المملكة المتحدة في عام 1979 ورئيسة الحكومة الحالية تيريزا ماي منذ 2016.

وتوجد حاليا ست نساء في مجلس الوزراء (بمن فيهم رئيسة الوزراء)، أي 26 في المائة من 23 منصباً في مجلس الوزراء.