إيلاف من نيويورك: عندما أعلن ستيفن بانون، كبير المساعدين الاستراتيجيين السابق للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حربه على قيادات الحزب الجمهوري، رسم سناتور تينيسي بوب كوركر خطة الانسحاب الهادئ من الحياة السياسية.

رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والحليف الوثيق لزعيم الأكثرية ميتش ماكونيل، شاهد تسونامي بانون الذي أطاح بمرشحي الحزب الجمهوري، (مو بروكس، لوثر ستراينج)، في الانتخابات التمهيدية في ولاية الاباما لخلافة جيف سيشنز في مجلس الشيوخ بواشنطن، ففضل الإعلان عن عدم الترشح للإنتخابات النصفية عام 2018، خصوصًا ان بانون كان قد اعلن نيته دعم مرشح محافظ بوجه كوركر.

جزء من هزيمة الاباما الأولى

وبلا ادنى شك فإن كوركر الذي كان من ابرز المرشحين لشغل منصب وزير الخارجية، يتحمل أيضا جزءًا من مسؤولية هزيمة لوثر سترينج مرشح الحزب الجمهوري الرئيس ترمب في الاباما، فهو دفع بالرئيس الأميركي الى الانتقال للولاية من اجل المشاركة في مهرجان انتخابي لدعم سترينج، كما لعب دورا كبيرا الى جانب جاريد كوشنر في اقناع ترمب بتبني ترشيحه.

الحليف اصبح عدوًا

سناتور تينيسي لم يكتفِ بالإعلان عن عدم خوضه الانتخابات، بل عمد الى فتح مواجهة عنيفة مع ترمب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والصحف الأميركية، فإنقلب الحليف إلى عدو بين ليلة وضحاها، وتبادل الرجلان اقسى الانتقادات.

يومها اعتبر ترمب ان كوركر الذي قال ان البيت الأبيض اصبح دارا لرعاية المسنين، شن هذه الحملة بعد اعلامه من قبل الرئيس برفض دعمه في الانتخابات النصفية، وقال في وابل من التغريدات التي قصف بها جبهة حليفه "السناتور بوب كوركر توسل اليَّ لدعم إعادة انتخابه في تينيسي. قلت لا، وهو انسحب من الانتخابات (وقال انه لا يمكن ان يفوز بدون دعمي). واراد ايضا ان يكون وزيرا للخارجية، قلت لا، شكراً. هو ايضا مسؤول بشكل كبير عن الاتفاق المريع مع ايران"، مؤكدا، "انه لم يمتلك الشجاعة للترشح".

بالمقابل، إستغل كوركر الصدام البسيط الذي كان قد وقع بين وزير الخارجية ريكس تيلرسون وترمب على خلفية ملف التفاوض مع كوريا الشمالية، فإعتبر "ان الوزير ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس ورئيس اركان الموظفين في البيت الأبيض جون كيلي يساعدون في ابعاد بلادنا من الفوضى وأنا أؤيدهم بقوة". واعتبر العديد من المراقبين ان كوركر أراد من خلال الإشادة بأداء الرجال الثلاثة اظهار ترمب وكأنه غير قادر على تولي أمور البلاد.

إنقلاب المشهد

توقفت المواجهات عند هذه الحد، وبعدها بحوالي شهرين انتهت حرب بانون بخروجه خالي الوفاض بعدما خسر صداقته للرئيس الأميركي بسبب تصريحات النار والغضب، وخسر معها موقعه في بريتبارت، لتفقد الحركة المحافظة التي كان يقودها توازنها فإنفض معظم أركانها الذين كانوا ينوون الترشح تحت راية بانون لإنتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، واعلنوا وقوفهم خلف رئيس البلاد.

ويبدو ان ابتعاد شبح بانون، والوجوه الجمهورية التي تستعد لخوض انتخابات تينيسي، والمخاوف من خسارة الأكثرية في مجلس الشيوخ، دفعت ببوب كوركر الى مراجعة قرار عدم الترشح، وخوض الانتخابات مجددا بوجه الديمقراطي فيل بريديسن.

قلق جمهوري

ونقلت بوليتيكو عن مصدر مقرب منه قوله،" إن الجمهوريين يحثون كوركر على الترشح بظل قلقهم من خسارة المقعد في الولاية"، مضيفا "يتخوف الناخبون من إمكانية خسارة المرشحة البارزة مارشا بلاكبيرن من الفوز بالانتخابات العامة علما بأنها ستواجه ستيفن فينشر في الانتخابات التمهيدية بالحزب الجمهوري".

وبحسب اكسيوس فإن زعيم الأكثرية ميتش ماكونيل نصح كوركر بالحصول على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل التفكير بالترشح، علما بأن مارشا بلاكبيرن تعد من الشخصيات المحافظة، وتؤيد اجندة البيت الأبيض.

شق الحزب

لكن إعادة ترشح كوركر قد يساهم في شق الحزب الجمهوري المنقسم أصلا في تينيسي بين معتدلين ومحافظين، وفتح خلافات يعتبرها البعض أيديولوجية بين اجنحة الحزب في هذه الولاية.

تحذيرات المحافظين

وحذر ديفيد ماكينتوش احد ابرز داعمي بلاكبيرن، السناتور كوركر من انهاء حياته السياسية بهزيمة في حال ترشحه، مؤكدا دعمه للمرشحة المحافظة، والجدير بالذكر ان المنظمة التي يقودها ماكينتوش انفقت ملايين الدولارات لهزيمة الجمهوريين المعتدلين بالانتخابات الماضية.

وفي ضوء التنافس على الترشح، تبقى كلمة السر بحوزة ترمب، علما بان المعلومات تشير الى ان كوركر وحلفاءه في مجلس الشيوخ يعملون للحصول على دعم الرئيس.