يقول العلماء الأميركان إنهم طوروا لقاحاً ضد إدمان الهيروين أثبت فاعلية وتأثيراً ثابتًا على فئران الاختبار، ويبحث الخبراء عن شركة أدوية تأخذ على عاتقها إنتاج هذا اللقاح بكميات كافية لتغطية حاجة العالم في الحرب ضد المخدرات.

ايلاف من برلين: تتحدث مصادر الأمم المتحدة عن 255 مليون إنسان مدمن على مختلف أنواع المخدرات على المستوى العالمي. ويرتفع الإنتاج اللاشرعي للمخدرات الثقيلة والخفيفة إلى 448 طناً في السنة في العالم، وتجد دول العالم صعوبة بالغة في معالجة الإدمان بين الشباب. وتتحدث دائرة الإحصاء المركزية الألمانية عن1400 حالة موت سنوياً كمعدل سببها الإدمان على المخدرات.

من أجل معالجة الإدمان بين الشباب، وضمان عدم انتكاسهم مجدداً بعد العلاج، طور العلماء الاميركان لقاحاً فعالاً ودائم التأثير. وواقع الحال ان العقار معروف للأطباء منذ فترة إلا أنهم أجروا تغييرات عليه أهلته للنهوض بالمهمة الصعبة.

وكتب الباحث كاندي هوانغ، من معهد "سكريبس" الأميركي في مجلة"موليكيولر فارماسويتسكس"، انهم جربوا اللقاح بنجاح على فئران الاختبار. وجاء في التقرير أن فريق العمل من معهد"سكريبس" تقدم بطلب إجازة اللقاح من السلطات الصحية الأميركية.

واللقاح عبارة عن عقار مركب منع الفئران والقرود المدمنة من الانتكاس في العلاج وأبقاها "نظيفة" لفترة طويلة. والمهم انه يمارس تأثيره بدرجة حرارة الغرفة، ويصبح بالتالي سهل الاستعمال والخزن أيضاً. وكتب الباحثون انهم قطعوا شوطاً مهماً على طريق مكافحة الأدمان.

اللقاح يعمل مثل اللقاحات الاعتيادية ضد الجراثيم

وكتب هوانغ أن اللقاح الجديد ضد ادمان الهيروين يعمل في الجسم مثل عمل اللقاحات الأخرى المضادة للبكتيريا والفيروسات وغيرها. وان أهميته تتبدى في قدرته على معالجة إدمان الهيروين الذي يعتبر من أصعب أنواع ادمان المخدرات على الشفاء.

فاللقاح ضد الهيروين عبارة عن "هيروين" ضعيف يحفز جهاز المناعة الجسدي عند المدمن على التعرف على الهيروين الحقيقي كجسم غريب في الدم. بعبارة أخرى أن اللقاح"يعلم"، بحسب تعبير هوانغ، نظام المناعة على مكافحة جزيئات الهيروين.

ثبت أيضاً ان جزيئات اللقاح تحفز نظام المناعة على فرز أجسام مضادة خاصة ترتبط بجزيئات الهيروين وتمنع تجاوز المادة المخدرة للحاجز الدماغي. وطبيعي تحارب هذه العملية الرغبة الجامحة للمدمن في الحصول على المزيد من جرعات الهيروين.

لقاح مركب من عدة مواد

ويواصل العلماء عملية تحسين وتطوير تركيب وعمل اللقاح بغية الوصول إلى أفضل النتائج التي تؤهل اللقاح لحيازة اجازة الاستخدام. كما يخطط العلماء لاحقاً لتجربة اللقاح على البشر المدمنين أيضاً.

ولايحتوي اللقاح على"جزيئات هيروين ضعيفة" فقط، وإنما على حامل بروتين وعلى ما يسمى"عاملاً مساعداً"( Adjuvans). ووظيفة حامل البروتين والعامل المساعد هي ابقاء نظام المناعة الجسدي عند المدمن في حالة إنذار دائم ضد المخدر، كما تساعد في زيادة تأثير اللقاح على جزيئات الهيروين.

وكتب هوانغ في"موليكيولر فارماسويتسكس" ان فريق العمل اختبر 20 توليفة حامل بروتين-عامل مساعد. وسبب هذا البحث، بحسب هوانغ، هو التوصل إلى أفضل توليفة مؤثرة في جزيئات الهيروين، واختيار أفضل تركيبة للاستخدام في العيادة وبدرجة حرارة الغرفة، وأفضل لقاح قابل للنقل والخزن دون عناء.

وكانت الصيغة المثلى للقاح المركب، التي جربت بنجاح على الحيوانات، عبارة عن جزيئات الهيروين الضعيفة زائداً جزيئة صناعية من DNA-Oligonukleotid اسمها CpG-ODN ومادة معرفة في الطب اسمها الاون (Alaun). والمادة الأخيرة معروفة منذ عشرينيات القرن العشرين، وتستخدم كعامل مساعد في اللقاح ضد التهاب الكبد الفيروسي والكزاز.

وكانت هذه التركيبة الأكثر تأثيراً وثابتة تبقى لمدة 30 يوماً بدرجة حرارة الغرفة دون أن تتأثر. والمهم أيضاً ان العلماء نجحوا في إنتاجها كسائل و كمسحوق، وهذا يتيح منح اللقاح بعدة أشكال وبعدة طرق إلى المدمنين.

ويبحث فريق العمل سلفاً عن شركة للأدوية تتولى إنتاج اللقاح ضد الهيروين بكميات كافية لتغطية حاجة العالم في الحرب ضد الإدمان. وعبر هوانغ عن ثقته بأن اللقاح سيلعب دوراً مهماً في معالجة الإدمان ووقف انتكاسة علاج المدمنين.

وتشير إحصائية وزارة الصحة الألمانية إلى ان26,5% من الألمان البالغين يتعاطون مختلف المخدرات بدرجات متفاوتة، وترتفع هذه النسبة بين المراهقين والأطفال إلى 7,2%. وهناك 200 ألف مدمن على مختلف المخدرات في ألمانيا، وأكثر المخدرات انتشاراً هي الحشيشة يليها الكوكايين والهيروين.