إيلاف من نيويورك: لم تكن روسيا مهتمة كثيرا لأمر المرشح الجمهوري، دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية صيف عام 2016، فموسكو كانت تنظر إلى أبعد من دعم مرشح على حساب آخر، وإستعدت جيدا منذ عام 2014 لهذه المناسبة.

وفي الوقت الذي كان فيه الشارع الأميركي يتساءل عن الأسماء التي ستلحق ببول مانافورت، وجورج بابادوبولوس، ومايكل فلين، صدم المحقق الخاص روبرت مولر الجميع بعدما وجه إتهامات إلى 13 مواطنا روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بالإضافة إلى ثلاث شركات روسية.

فتنة في الداخل الأميركي

الإتهامات الجديدة تؤكد ان روسيا لم تهدف الى دعم ترمب بل حاولت زرع الخلافات بين الأميركيين، وخلق فتنة من أجل خلق اضطرابات كبيرة، وإستخدمت مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت لتحقيق هذه الغاية.

وفي الوقت الذي استحوذت الإتهامات الموجهة إلى المواطنين الروس والشركات على الأضواء الإعلامية، مر إسم ريكاردو بينيدو مرور الكرام، علما بأن هذا الرجل الموجود في كاليفورنيا كان بمثابة طرف الخيط الذي مكن فريق التحقيق من توجيه اتهاماته، فالرجل الذي يقدم نفسه على أنه خبير في التسويق الرقمي عمل على بيع حسابات وأرقام بنكية مسروقة إلى اشخاص خارج الولايات المتحدة الأميركية دون ان يعلم حسب التحقيقات ان هؤلاء يعملون لحساب الاستخبارات الروسية.

تشويه صورة الجميع

وكما ظهر في لائحة الاتهام الجديدة، فإن الروس عمدوا إلى تشويه صورة جميع المرشحين من الانتخابات التمهيدية الى الانتخابات العامة، ولم تسلم حتى المرشحة جيل ستاين التي نالت ادنى نسبة تصويت من محاولة الروس التلاعب بالاميركيين.

غاية الروس

وتتلاقى الإتهامات المتعلقة بزعزعة النظام مع معلومات حصلت عليها "إيلاف" حول شهادة، مستشار ترمب خلال الانتخابات، د.وليد فارس أمام لجنة الإستخبارات في مجلس الشيوخ الصيف الماضي، حيث أشارت مصادر خاصة، "إلى ان فارس اعتبر في اطار رده على سؤال حول تقييمه لما جرى، ان الروس اخترقوا الحملات الانتخابية من اجل قلب الأوضاع السياسية وتقويض النظام القائم، وان هذا الاختراق استهدف القواعد الشعبية للمرشحين لا قيادات ومسؤولي الحملات الانتخابية".

هيلاري على رأس القائمة

وجاءت هيلاري كلينتون على رأس قائمة الأهداف التي أراد الروس ضربها، فتم تمويل اشخاص للمشاركة في مهرجانات انتخابية في فلوريدا للهجوم على المرشحة الديمقراطية، وطلب العابثون بالداخل الأميركي مهاما محددة من الأشخاص لتنفيذها، فتم الطلب من رجل بناء قفص على سطح شاحنته، وطُلب من آخر ارتداء ثيابا يرتديها السجناء في مشهد يهدف إلى إظهار هيلاري وكأنها خلف القضبان.

وكذلك حاول المتهمون تقويض شعبية كلينتون لدى الافارقة الاميركيين، والجالية المسلمة من اجل ثني الناخبين عن التصويت لها ومقاطعة الانتخابات لأنها ستعلن الحرب على المسلمين في الشرق الاوسط، وصوتت بنعم لغزو العراق.

ضرب ترمب

ولم تكن كلينتون ضحية هذه العملية التي عمد منظموها الى تشويه صورة المرشحين تيد كروز وماركو روبيو، ورغم ان الاحداث توحي بأن نتائج الحملة كانت تصب في صالح بيرني ساندرز وترمب، إلا ان الأخير تذوق أيضا قطرات من سُمّ الجهود الروسية حيث زج المتهمون بمتظاهرين في مسيرات ضد ترمب في نيويورك (حملت عنوان ترمب ليس رئيسي)، وفي نورث كارولينا "تشارلوت ضد ترمب).

إهتمام بمرشحة الخضر

جيل ستاين مرشحة حزب الخضر والحلقة الأضعف في الانتخابات حظيت أيضا بإهتمام الروس الذين قاموا بشراء حسابات على انستغرام وروجوا لإعلانات تقول، "اختر السلام وصوت لجيل ستاين"، وجدير بالذكر ان لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بدأت منذ ديسمبر الماضي بالنظر في إمكانية تواطؤ حملة ستاين مع الروس.

ولم تقف محاولات المدعى عليهم عند حدود الديمغرافيا، بل حاولوا التأثير على خيارات الناخبين في الولايات الرئيسية كفلوريدا وكولورادو وفرجينيا، فأصبحت الجغرافيا هدفا آخر لهم.