«إيلاف» من القاهرة: تترقب مصر الأوضاع في أثيوبيا بعد استقالة رئيس الوزراء هايلي مريام ديسالين، وفرض حالة الطواريء، في ظل سيطرة حالة التوتر على الأجواء. وتأمل القاهرة أن تؤثر الأوضاع السياسية في أديس أبابا إيجابيًا على سير المفاوضات بين الجانبين فيما يخص سد النهضة.

وأرجعت الحكومة الإثيوبية فرض حالة الطواريء إلى الرغبة في السيطرة "الاشتباكات الإثنية الطابع" و"الفوضى والتمرد".

وقال التلفزيون الرسمي في إثيوبيا إن حكومة البلاد أعلنت حالة الطوارئ بأثر فوري، وذلك عقب استقالة رئيس الوزراء هايلي ميريام ديسالين، دون أن تحدد سقفًا زمنيًا لإنهائها.

وتعتبر المرة الثانية التي تفرض فيها السلطات في أثيوبيا حالة الطوارئ منذ العام 2016، عندما شهدت أكبر مظاهرات مناهضة للحكومة منذ 25 عاما، وتعاملت معها الحكومة بالقمع، وأسفرت المواجهات عن مقتل 940 شخصًا، على الأقل بحسب اللجنة الإثيوبية الحكومية لحقوق الإنسان.

وتولى ديسالين منصبه في العام 2012، بعد وفاة ميليس زيناوي، الذي انقلب على الديكتاتور مينغيستو هايلي ميريام في 1991.

ورغم استقالته، قال ديسالين، إلا أنه يريد أن "يشارك في برامج الإصلاح". و"طلب من مواطنيه، وخصوصا الشباب لعب دورهم وتحمل مسؤولياتهم لتحقيق السلام والتنمية لهذه الأمة".

وتراقب مصر الأوضاع في أثيوبيا، ومدى تأثيرها على سير المفاوضات المتعثرة حول سد النهضة، الذي تراه القاهرة خطرًا على حصتها التاريخية من مياه نهر النيل.

وقال رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، إن ديسالين، كان رئيس وزراء انتقاليا، وينتمي للإقليم الجنوبي ويمثل أقلية عددية وبلا نفوذ يذكر، أما النفوذ الحقيقي فتمثله لجبهة التجراي الحاكمة التي أسسها رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي، مشيرًا إلى أن تلك الجبهة تمتلك مفاتيح السلطة والقوة الحقيقية في البلاد.

وأوضح في تصريحات له، أن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي تبدو في الحقيقة أنه قد وصل لمفترق طرق مع النافذين في هذه الجبهة، وهم تيار أكثر تشددًا من الناحية القومية لإقليم التجراي ومحاولة الحفاظ على سلطته في البلاد.

وأضاف أنه سيكون هناك انعكاس غير مباشر للاستقالة على ملف مفاوضات سد النهضة؛ منوهًا بأن هذه الفترة تشهد تركيزًا على الداخل وتثبيت السلطة الجديدة التي تخلف ديسالين، ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى مرونة أكثر في المفاوضات مع مصر، خاصة أن المطالب المصرية ليست كبيرة".

ويستبعد الخبير في الشؤون الأفريقية، أحمد عيسى، أن تؤثر استقالة ديسالين في أزمة سد النهضة مع مصر، وقال إن الشعب الأثيوبي وأجهزة الدولة، ولاسيما الجيش الأثيوبي، تعتبر أن السد من أعظم مشروعاتها القومية، وتعتبر أن مصر دولة عدو تستهدف القضاء على مشروعهم القومي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الحكومة الأثيوبية منذ عد الراحل زيناوي، تروج للمشروع على أنه سوف ينفذ أثيوبيا من الفقر وينقلها إلى مصاف الدول المتقدمة، لافتًا إلى أن هناك موجة من التشدد ضد الموقف المصري، لاسيما أنه يلقي مساندة دولية من أميركا وإسرائيل والسودان وبعض الدول الأفريقية.

ولفت إلى مصر ليس لديها سوف متابعة الأوضاع وترقب ما ستسفر عنه من مستجدات، وأن تستمر في التواصل مع الحكومة الجديدة، متوقعًا أن يكون هناك تأثيرات سلبية على مفاوضات السد، لأنها سوف تعرق مسارها، وتأجلها إلى حين استقرار الأوضاع، في الوقت الذي تستمر فيه أعمال البناء.

بينما يرى الخبير الشؤون الأفريقية، عادل عبد الحي، أن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين لن تؤثر إيجابيًا على موقف مفاوضات سد النهضة.

وأضاف لـ"إيلاف" أن المرشح لرئاسة الحكومة سيكون من الجبهة التي تحكم أثيوبيا منذ عهد الراحل زيناوي، مشيرًا إلى أن مفاوضات سد النهضة سوف تستمر على غرار مسار زيناوي وديسالين، خاصة أن الجميع شعبًا وحكومة يعتبرونه مشروعًا قوميًا لكل إثيوبيا.

وحسب "صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن استقالة ديسالين، جاءت وسط الاضطرابات السياسية في إثيوبيا، التي تعد أسرع اقتصادات إفريقيا نموا.

وأضاف أن ديسالين أعلن استقالته، بعد أن أغلق الشباب الطرق المؤدية إلى العاصمة بالصخور وأحرقوا إطارات السيارات وعطلوا شبكات النقل العام، وأُغلقت الشركات في جميع أنحاء منطقة أورومو الشاسعة كجزء من الإضراب.

وأضافت أنه قبل يومين من الاستقالة أعرب السفير الأمريكي في إثيوبيا، مايكل راينور، عن قلقه إزاء الاضطرابات في البلاد وحث على الانفتاح السياسي والحوار السلمي.

وكتب راينور على الصفحة الرسمية للسفارة على موقع فيسبوك: "يجب أن يكون الناس أحرار في التعبير عن أنفسهم سلميا، وأن يكونوا واثقين من السماح لهم القيام بذلك"، وأضاف: "يجب أن تكون القوة القاتلة لحماية سلامة الجمهور، حتى في مواجهة الاحتجاجات العنيفة، الملاذ الأخير. وفي الوقت نفسه، يحتاج الناس إلى إظهار التزامهم بالتعبير والحوار السلمي".

وأشارت الصحيفة إلى أن إثيوبيا تعتبر حليفا قويا للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب والبلد الثاني الأكثر شعبية في إفريقيا، لافتة إلى أنها قوة إقليمية ذات طموحات اقتصادية كبرى، لكنها شهدت اضطرابات اجتماعية خلال السنوات القليلة الماضية التي قتلت مئات وآلاف من بينهم أبرز الشخصيات المعارضة.

وكان "ديسالين" قد زار مصر في شهر يناير الماضي، وتركزت الزيارة حول سبل دفع مفاوضات سد النهضة. وأبدى مراقبون تفاؤلهم حيال تلك الزيارة في عودة المفاوضات مجددًا.

وتعثرت مفاوضات السد بين مصر وأثيوبيا والسودان في شهر نوفمبر الماضي، ولم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات التي يجريها المكتبان الاستشاريان الفرنسيان، ورفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة"، بينما وافقت مصر عليه.