وجدت دراسة جديدة أن ضعف القدرات الفنية لإنسان النيندرتال يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتدني مستوى مهاراته في الصيد، ويمكن أن يفسر في النهاية سبب انقراضه.

إيلاف: يكشف تحليل الرسوم والنقوش، التي تركها الإنسان العاقل الأول "هومو سابينس" في كهوف مثل كهف شوفيه في جنوب فرنسا، يكشف عن صور حيوانات، بينها أسود وغزلان، في مشاهد مختلفة. لكن ليس هناك دليل على وجود فن لإنسان النيندرتال، وما هو موجود من أمثلة مطعون بها تتألف من خطوط مستقيمة بدائية بلا صور متميزة.

تنسيق عضوي مفقود
والآن قال علماء في جامعة كاليفورنيا إن القدرات الفنية الهزيلة لإنسان النيندرتال الهزيل ترتبط ارتباطًا قويًا بغياب التنسيق بين اليد والعين، لأنه كان يعيش على طرائد من السهل اصطيادها.

كان إنسان النيندرتال، الذي عاش في مناطق من أوروبا وآسيا وأفريقيا من 120 إلى 35 ألف سنة مضت قادرًا على إطعام نفسه من حيوانات ليست خطيرة، مثل الخيول والغزلان وثيران البيسون، الأمر الذي يعني أنه كان يستطيع الاقتراب منها، ونادرًا ما كان يحتاج تسديد حربته أو رمحه صوبها.

على النقيض من ذلك فإن إنسان هومو سابينس، الذي يشترك مع إنسان النيندرتال بنسبة 99.7 في المئة من الحمض النووي، لكنه جنس منفصل من البشر، أمضى مئات آلاف السنين في اصطياد حيوانات حذرة وخطيرة في سهوب عشبية مفتوحة في أفريقيا.

ذاكرة غير ولّادة
ويقول العلماء في الدراسة الجديدة إن المَلَكات الذهنية التي تمكّن الإنسان من تصور قوس مسار الرمح حين يُرمى هي نفسها أو مماثلة لمَلَكاته التي تمكنه من الرسم.

أوضح البروفيسور ريتشارد كوس، وهو عالم نفسي وفنان، أن "إنسان النيندرتال كان يستطيع أن يتصور حيوانات رآها سابقًا من ذاكرته العاملة، لكنه لم يكن قادرًا على ترجمة هذه الصور الذهنية بصورة فاعلة إلى أنماط من حركة اليد المنسقة التي يتطلبها الرسم".

وأضاف البروفيسور كوس إن "فعل الرسم يرفع مستوى مهارات الملاحظة، وبالتالي فإن هذه الرسوم ربما كانت مفيدة لتصور الطرائد ذهنيًا وتقدير انتباهها واختيار المناطق الضعيفة من جسمها هدفًا لسلاحه وتنمية التلاحم الجماعي عن طريق المراسم الروحية".

دلائل ينفيها علماء
في ضوء هذه الدلائل طُرحت نظرية جديدة لتطور عقل الإنسان، هي أن الإنسان العاقل الأول "هومو سابينس" اكتسب جمجمة دائرية وقشرة جدارية أكبر في دماغه. علمًا أن القشرة الجدارية هي المنطقة التي تربط الصور الذهنية بتنسيق الحركة. 

نتيجة لذلك فإن ظهور الرسم ربما مهّد الطريق نحو تغييرات ثقافية، بحسب البروفيسور كوس، مؤكدًا أن "هناك دلالات اجتماعية هائلة في هذه القدرة على تبادل الصور الذهنية مع أفراد الجماعة الآخرين".

تستند النظرية القائلة إن إنسان النيندرتال كان يمارس الفن، وينفيها بعض العلماء، إلى عدد قليل من الأمثلة، بينها الرسوم التي عُثر عليها في كهف غورهام في منطقة جبل طارق. ويعتقد الباحثون أنها من صنع إنسان النيندرتال، نظرًا إلى وجود أدوات من تلك الفترة تحتها. 


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "دايلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط أدناه:
http://www.telegraph.co.uk/science/2018/02/18/did-neanderthals-poor-art-ability-contribute-extinction/