انتقدت صحف عربية عدة التدخلات العسكرية الأجنبية في سوريا، خاصة عملية "غصن الزيتون" التركية في عفرين شمالي سوريا.

وبالإشارة إلى أطراف دولية أخرى، رأت الصحف أن سوريا باتت اليوم "آخر محطات الفوضى السياسية والعسكرية في عالم التناقضات التي لا يمكن فهمها".

تساؤلات حول دور تركيا

يتساءل محمد كعوش في الرأي الأردنية: "ما معنى أن تدخل قوات تركية إلى الأراضي السورية حاملة 'غصن الزيتون' على ظهور دباباتها لتدافع عن حدود حلف الناتو!!"

ويرى الكاتب أن الحكومة التركية "تلعب على أكثر من حبل ضمن سياستها الذرائعية، فهي تمد يدها الأولى لواشنطن والأخرى لموسكو، وتعلن تحالفها مع روسيا، وتبطن عشقها للولايات المتحدة، فتركيا تستخدم كل الوسائل الميكيافيلية التي تبرر وصولها إلى هدفها، لذلك لا أثق بهذا النظام المتقلب".

كذلك يتساءل عبدالله السويجي، في الخليج الإماراتية، عما تريده تركيا من عمليتها في شمال سوريا. يقول: "هل أطلقت تركيا عملية 'غصن الزيتون' للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا من جديد، للدخول إلى الاتحاد الأوربي؟ أم أنها تريد خلط الأوراق السياسية والعسكرية في سوريا، وإسقاط بشار الأسد، ليتسنى لها الدخول بقوة في اللعبة السورية والتنافس مع روسيا على الثروات الطبيعية والممرات الاستراتيجية؟ أم أنها تريد خلق الفوضى لتسود هي من خلال إضعاف جميع الأطراف".

وتقول الديار اللبنانية إن "أمريكا نصبت فخا للجيش العربي السوري إثر اتفاقها مع القيادة التركية على انسحاب الجيش التركي من دائرة عفرين، ودخول جيش الأسد المنطقة بدلا من الجيش التركي".

وتضيف بأن مطلب تركيا "هو تجريد جيش حماية الشعب الكردي في عفرين ودائرتها من الأسلحة، وهذا فخ كبير للجيش السوري حيث إن الجيش التركي لم يتمكن من دخول عفرين ولا الانتصار فيها".

وفي الحياة اللندنية، يرى جورج سمعان أن التوصل إلى تفاهم على نشر قوات تركية-أمريكية مشتركة في منبج والسماح لقوات نظامية سورية بالانتشار في عفرين يحقق مصالح لعدد واسع من الأطراف المعنيين.

ويقول الكاتب: "من مصلحة القيادة التركية ترميم الجسور مع واشنطن، لأن ذلك يكسبها شيئا من القوة حيال شريكيها في لقاءات آستانا".

"عالم التناقضات"

يقول عمار عبد الغني في الوطن السورية: "منذ أن أعلنت الإدارة الأمريكية عن تأسيس ما اسمته 'الجيش السوري الجديد' في الشمال وكرة النار تتدحرج لتضع المنطقة على صفيح ساخن وربما تتطور الأمور بشكل متسارع لتتحول إلى صدام مباشر بين القوى الطامعة بالحصول على جزء من الكعكة السورية، وخاصة بعد عدوان الجيش التركي على عفرين وما أفرزه من تباعد بين الحليفين الأمريكي والتركي".

ويقول فايز الشهري في الرياض السعودية: "سوريا اليوم هي آخر محطات الفوضى السياسية والعسكرية في عالم التناقضات التي لا يمكن فهمها. من جهة نرى الولايات المتحدة تدعو للسلم والحوار السوري-السوري ثم تتحرك للتسخين إذا برد الوضع. وفي وجود روسيا يمكن أن يقصف الجيش الأمريكي مواقع في سوريا باسمه أو باسم الناتو أو حتى التحالف الدولي لمواجهة 'داعش' الذي يتسق مع النظام أيضا في أهدافه. وفي سوريا تتحرك روسيا وتابعتها إيران مع النظام السوري وبموازاته ثم تلتقي سرا وعلنا بعض فصائل المعارضة للتنسيق والتفاوض. على الجانب الآخر تأتي تركيا على خط الأزمة باسم مراقبة 'داعش' عن قرب ثم تتربص بفصائل كردية تحت عنوان ملاحقة حزب العمال الكردستاني وفي نهاية كل يوم تتأكد من استمرار توثيق علاقاتها بحكومة الإقليم الكردي في شمال العراق".

في نفس السياق، يقول فايز سارة في الشرق الأوسط اللندنية: "إن الانعكاس المباشر للتدخلات الأجنبية ولا سيما العسكرية على واقع الصراع السوري، جعل من السوريين ينظرون بشكل متفاوت لهذا الوجود. فبدا من الاعتيادي أن ينظر مؤيدو النظام إلى الروس والإيرانيين وميليشياتهم باعتبارهم حماة لهم ولنظامهم، وأن ينظروا للأتراك باعتبارهم قوة احتلال، وهو موقف يخالف كليا نظرة فئات من معارضي النظام الذين يرون في الأتراك حلفاء لهم في مواجهة نظام الأسد وحلفائه من روس وإيرانيين وميليشيات باعتبارهم محتلين".

وتابع: "وبخلاف ما سبق، فإن الموقف من الوجود الأمريكي بدا أكثر تعقيدا، فوحدهم الأكراد وحلفاؤهم كانوا متحمسين للوجود العسكري الأمريكي باعتباره قوة دعمهم السياسي والعسكري في مواجهة الآخرين، وكانوا الأكثر شراسة في مواجهة الوجود العسكري التركي الذي يستهدفهم".

ويضيف الكاتب: "وسط تلك اللوحة المعقدة من المواقف حيال الوجود العسكري الأجنبي، لا يمكن القول إن السوريين أو جزءا كبيرا منهم يرحب بالاحتلال الأجنبي لبلدهم، كما يلوح للبعض أو يتوهم".