اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى اتخاذ موقف الثلاثاء بشأن الأسلحة النارية في مواجهة موجة استنكار إثر عملية إطلاق النار الدامية في مدرسة بفلوريدا، عارضًا حظر جهاز فتاك يحول بندقية إلى سلاح شبه أوتوماتيكي، سبق أن استخدم في نهاية 2017 في مجزرة لاس فيغاس.

إيلاف من واشنطن: يخضع ترمب لضغوط شديدة، ولا سيما من قبل طلاب نجوا من المجزرة في الأسبوع الماضي، وأعلنوا التعبئة ضد هذه العمليات المتكررة. وقد استقل العشرات منهم حافلات في اتجاه تالاهاسي عاصمة فلوريدا، حيث صوّت مجلس النواب المحلي للتو لرفض تشديد القوانين المحلية حول الأسلحة النارية.

يلتقي هؤلاء التلاميذ من مدرسة باركلاند في شمال ميامي الأربعاء مسؤولين محليين منتخبين للتنديد بتقاعس الطبقة السياسية في مواجهة تضاعف عمليات إطلاق النار في المدارس الأميركية خلال السنوات الأخيرة.

وقال أحدهم يدعى تنزيل فيليب في شهادة بثتها شبكة "سي إن إن" التلفزيونية: "نوظف غضبنا وحزننا لإنجاز أمر لا يمكن تصديقه والحض على تغيير الأوضاع".

وأكد طالب آخر يدعى ألفونسو كالديرون لـ"سي إن إن" أن اللقاء الأربعاء "لن يكون سوى المحطة الأولى" من التعبئة الطلابية، ما ينذر بوضع جديد في جدل يراوح مكانه منذ زمن طويل. شعار التلاميذ هو أن تكون "المجزرة" التي شهدتها مدرستهم "الأخيرة" في الولايات المتحدة.

أسلحة شبه أوتوماتيكية
بعدما حظي خلال حملته الانتخابية بدعم "الجمعية الوطنية للبنادق"، لوبي الأسلحة النارية الواسع النفوذ في الولايات المتحدة، يجد الرئيس الأميركي نفسه في موقف حرج، ويلتزم حتى الآن الحذر الشديد حيال أي تعديلات واسعة النطاق لقوانين حيازة الأسلحة.

وأعلن الثلاثاء أنه طلب من وزارة العدل وضع تشريعات ترمي إلى حظر "جميع الاجهزة التي تحول الأسلحة المشروعة إلى بنادق أوتوماتيكية"، مستشهدًا في هذا الصدد بعملية إطلاق النار في لاس فيغاس، التي أوقعت 58 قتيلًا في أكتوبر الماضي. وأكد أنه من المقرر إنجاز النصوص المتعلقة بهذه الأجهزة قريبًا.

وكان مسؤولون جمهوريون تحدثوا بعد تلك المجزرة عن احتمال تشديد القوانين، وفي بادرة نادرة أشارت الجمعية الوطنية للبنادق أيضًا إلى مثل هذا الاحتمال. لكن بعد مضي خمسة أشهر لم يتم إحراز أي خطوة في هذا الشأن في الكونغرس.

الجهاز المعني هو عقب بندقية يمكن تثبيته وفكه، يستخدم طاقة الدفع العكسي عند إطلاق النار لإحداث حركة ذهاب وإياب فائقة السرعة للبندقية بالتوازي مع تلقيمها بالوتيرة نفسها.

لتشديد التحقيق
وقام منفذ مجزرة لاس فيغاس، الذي كانت 12 من بنادقه مجهزة بهذه الآلية، بإطلاق النار بوتيرة وصلت إلى تسع رصاصات في الثانية. وعند إعلانه عن استقبال الطلاب والمدرسين الأربعاء، ومن بعدهم ممثلي قوات الأمن، وعد ترمب بإحراز "تقدم ملموس لجعل المدارس أكثر أمانًا".

كتب لاحقًا على تويتر: "سواء كنا ديموقراطيين أو جمهوريين، علينا الآن تركيز جهودنا على تشديد عملية التحقيق في السوابق" لمن يرغب في شراء أسلحة نارية.

وكان الرئيس طرح هذه الفكرة في اليوم السابق، غير أنه لم يوضح إلى أي مدى هو مستعد للمضي قدمًا في هذا الجدل البالغ الحساسية في الولايات المتحدة.

رافضو الحظر أكثر
فيما كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وشبكة "إيه بي سي" أن أكثر من 60 بالمئة من الأميركيين يعتبرون أن البيت الأبيض والكونغرس لا يبذلان ما يكفي من الجهود لمنع وقوع عمليات إطلاق نار دامية، أعلنت الإدارة الأميركية الثلاثاء أنها منفتحة على نقاش حول فرض حد أدنى للسن من أجل شراء أسلحة شبه أوتوماتيكية مجهزة بمخازن كبيرة السعة.

استخدمت هذه الأسلحة، ومنها بنادق "إيه آر 15"، في عملية إطلاق النار في باركلاند، كما في معظم "المجازر" الكبرى التي وقعت أخيرًا في الولايات المتحدة، وفي طليعتها المجزرة في المدرسة الابتدائية في نيوتاون، التي قتل فيها 20 طفلًا عام 2012.

أما في فلوريدا، فرفض أعضاء مجلس النواب المحلي الثلاثاء حظر البنادق الهجومية والمخازن الكبيرة السعة بـ71 صوتًا مقابل 36 صوتًا مؤيدًا لهذا الحظر، في عملية تصويت افتتحت بصلاة عن نفس ضحايا المجزرة التي وقعت في ولايتهم قبل أقل من أسبوع.

وأعلن تلاميذ باركلاند عن "مسيرة من أجل حياتنا" ينظمونها في مارس في واشنطن ومدن أميركية أخرى للمطالبة بقوانين أكثر صرامة على الأسلحة النارية.

كلوني ووينفري يدعمان
وأثنى الممثل جورج كلوني وزوجته أمل على "شجاعة الشابات والشبان في مدرسة ستونمان دوغلاس وبلاغتهم"، معلنين التبرع بنصف مليون دولار دعمًا لهذه المبادرة.

من جهتها، تعهدت النجمة التلفزيونية أوبرا وينفري بالتبرع بالمبلغ عينه، مشيرة إلى أن التعبئة الحالية تذكرها بالتعبئة ضد العنصرية في الستينيات.

كما قطعت شخصيات أخرى وعودًا بتقديم نصف مليون دولار دعمًا لـ"المسيرة من أجل حياتنا"، بينهم المخرج ستيفن سبيلبرغ وزوجته الممثلة كايت كابشو، والمنتج جيفري كاتزنبرغ وزوجته ماريلين.