دمشق: استهدفت قوات النظام السوري الخميس بالغارات والقذائف الصاروخية الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق لليوم الخامس على التوالي من تصعيد اودى بحياة 382 مدنياً، فيما يعقد مجلس الامن الدولي اجتماعاً للتصويت على مشروع قرار حول هدنة في ما أسمته الامم المتحدة "جحيماً على الارض".

وعلت بعض الأصوات في المجتمع الدولي للمطالبة بوقف التصعيد، فيما توالت بيانات منظمات غير حكومية تندد بوحشية القصف الذي طال أيضاً المنشآت الطبية.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس في حصيلة جديدة مقتل 33 مدنياً جراء القصف على الغوطة الشرقية.

وكان أفاد في وقت سابق عن مقتل 19 مدنياً إلا أن الحصيلة تواصل الارتفاع جراء استمرار القصف.

وسجلت مدينة دوما الحصيلة الأكبر اذ قتل فيها جراء عشرات القذائف الصاروخية ثم الغارات 24 مدنياً، بينهم سبعة أطفال.

وأصيب أكثر من 220 شخصا بجروح في مدن وبلدات أخرى.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "الطائرات الحربية الروسية تستهدف أيضاً الغوطة الشرقية اليوم". 

وكانت الطائرات الحربية غابت عن أجواء الغوطة الشرقية الممطرة طوال الليل وحتى الصباح، لتعاود القصف ظهر الخميس، وفق ما أفاد مراسل لفرانس برس في دوما والمرصد السوري.

وفي مدينة دوما، شاهد مراسل فرانس برس متطوعين من الدفاع المدني يخرجون نساء جريحات من تحت الأنقاض. واثناء انهماكهم بانقاذ امرأة، استهدف القصف الجوي المنطقة، وتمكنوا من اخراجها لاحقاً لكنها كانت فارقت الحياة.

وشاهد مراسل فرانس برس في مستشفى في دوما جثثاً، بينها جثتان لطفلين مجهولي الهوية وقد لفتا بكفن أبيض. وعلى طول الطريق المؤدي الى المشفى من الممكن رؤية بقع الدماء المنتشرة في كل مكان.

ومنذ الأحد، وثق المرصد السوري مقتل 382 مدنياً بينهم 94 طفلاً وإصابة أكثر من 1900 آخرين بجروح.

يا رب، يا رب

وكان بعض السكان خرجوا صباح الخميس لتفقد منازلهم ومتاجرهم أو لشراء الحاجيات مستغلين غياب القصف الجوي، لكن عشرات القذائف أجبرتهم على العودة إلى مخابئهم.

في دوما، خرج طفل لبيع الولاعات لتأمين بعض المال قبل أن يتجدد القصف ويلوذ بالفرار.

في مدينة حمورية، تجمع بعض السكان صباحاً أمام متجر وحيد فتح أبوابه لبيع المواد الغذائية إلى أن سقطت قذائف عند أطراف الشارع، فانفض الجمع سريعاً.

ويفاقم التصعيد من معاناة المدنيين والكوادر الطبية التي تعمل بامكانات محدودة نتيجة الحصار المحكم منذ 2013 ويتوافد إليها مئات الجرحى يومياً. 

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الأربعاء بالسماح لها بدخول الغوطة الشرقية للمساعدة في علاج مئات الجرحى، خصوصا أن الكثيرين "يلقون حتفهم فقط بسبب عدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب".

وأفاد مراسلو فرانس برس وأطباء والمرصد عن استهداف مستشفيات عدة في دوما وحمورية وعربين وجسرين وسقبا، فضلاً عن مركز للدفاع المدني في دوما وغيرها من المرافق الطبية. 

وباتت مستشفيات عدة خارج الخدمة، فيما تعمل أخرى برغم الأضرار الكبيرة التي طالتها.

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية ديفيد سوانسون لفرانس برس "يمكننا أن نؤكد حصول ست هجمات على مستشفيات خلال الأسبوع الحالي"، مشيراً إلى تقارير عن هجمات أخرى ما "يثير القلق الشديد".

وأضاف "هذا أمر مروع، ويجب أن يتوقف حالاً". 

وأوردت الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) أن ثلاثة افراد من طاقمها الطبي العامل في الغوطة الشرقية قتلوا في القصف.

في مستشفى في بلدة كفربطنا، وقف رجل عجوز الأربعاء غطاه الغبار والدماء يبكي مردداً "يا رب، يا رب"، إلى جانب طفل مصاب في رأسه ويده وبطنه، وقد بدا فاقداً للوعي فيما كان ممرض يلتقط له صورة أشعة.

وردّت فصائل معارضة إسلامية على التصعيد باستهداف حرم مطار الضمير العسكري، الذي تنطلق منه طائرات قوات النظام لاستهداف الغوطة، بصواريخ عدة من دون أن تسبب أضرارا مادية، وفق عبد الرحمن. 

إدانات دولية

ويتزامن التصعيد العسكري في الغوطة الشرقية مع تعزيزات لقوات النظام تُنذر بهجوم بري وشيك. 

وأثارت حملة القصف احتجاجات دولية.

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الثلاثاء بـ"تعليق فوري لكل الاعمال الحربية"، واصفاً الغوطة بـ"الجحيم على الأرض".

ووصفت ألمانيا ما يحصل بأنها "مجازر قتل الأطفال وتدمير المستشفيات"، وطالبت فرنسا بهدنة في أسرع وقت. 

كما دعت الرياض النظام إلى "وقف العنف"، ودانت قطر "المجازر".

وسيجتمع مجلس الأمن الدولي الخميس للتصويت على مشروع قانون يطالب بوقف لاطلاق النار في سوريا لمدة ثلاثين يوماً لافساح المجال امام وصول المساعدات الانسانية واجلاء المرضى والمصابين.

ولا يزال الموقف الروسي من مشروع القرار غير واضح، وكانت دعت موسكو الاربعاء لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث "الوضع المعقد" في الغوطة. ومنعت روسيا في السابق قرارات عدة تدين النظام السوري.

وستدعم واشنطن مشروع القرار، وفق ما قالت سفيرتها لدى الأمم المتحدة. ويطالب النص برفع فوري للحصار عن الغوطة الشرقية ومناطق أخرى.

ولارضاء روسيا، تم تعديل النص بعد مفاوضات شاقة ليتضمن أن وقف اطلاق النار لا يشمل تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة.