«إيلاف» من الرباط: قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن مشكلة السكن في بلاده «لا تزال قائمة على الرغم من الجهود والانجازات التي حققت في المجال»، مؤكدا أن المملكة المغربية في حاجة إلى تضافر جهود جميع المتدخلين من أجل «توفير سكن لائق للمواطنين في مختلف المناطق وليس المدن الكبرى فقط».

وأضاف العثماني، في الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي الأول للفيدرالية الوطنية للوداديات السكنية بالمغرب، صباح اليوم السبت، بمركب مولاي رشيد ضواحي سلا، أن «النقص كبير ونحتاج إلى التعاون بين الجميع»، معترفا بأن مشكل العقار «أفقد الدولة صوابها"، وذلك في توصيف بليغ يعكس حجم الصعوبات التي تواجهها البلاد في هذا المجال.

وأفاد العثماني بأن عددا من المسؤولين في الدولة استطاعوا أن يوفروا سكنهم عن طريق «السكن التضامني ، ومنهم أنا والسيد وزير الإسكان أيضا»، معتبرا أن عددا من المسؤلين المغاربة «جاؤوا من المغرب العميق، ومن الأسر الفقيرة والمتوسطة، والمغرب فيه فرصة ليصبح أي واحد رئيس حكومة، ما دمت أنا أصبحت رئيساًلها». 

وزاد رئيس الحكومة المغربي محفزا الفاعلين المدنيين في مجال العقار المشاركين في التظاهرة «أي شخص لا يجب أن يفقد الأمل»، لافتا إلى أنه لم يكن يحلم أن يصبح حتى برلمانيا، حيث قال: «لم أكن أحلم حين كنت في الثانوي أو الجامعي أن أصبح برلمانيا، وكان يظهر لنا البرلمان بعيدا مثل أميركا الشمالية أو الجنوبية أو أستراليا، نحلم بها ولا نصلها، لكن ذلك يأتي مع المدة ومع تيسير الله».

واستعاد العثماني في الكلمة ذاته، حدث اعتقاله سنة1981 مع عدد من شباب الحركة الإسلامية، وقال: 

«جاؤوا عندي للدار واعتقلوني، جلسنا سويا في مخفر السونترال بالدار البيضاء، ومن بعد أخذونا لمعتقل «مولاي علي الشريف»، قلت حينها سأحفظ القرآن، وفكرت في برنامج، وقلت يعلم الله هل سنبقى ثلاث سنوات أو خمسة، واستعددت نفسيا ولكن الحمد لله بعد شهر ونصف شهر خرجنا».

وأضاف «دائما لا يجب على الإنسان أن يفقد الأمل من أجل قضيته العادلة ويبذل الجهد». 

وحث العثماني على أهمية «التعاون للتغلب على الصعوبات التي تواجه السكن التضامني»، مشددا في الآن ذاته على أن السكن التضامني ينبغي أن يبقى هو السكن التضامني و«لا يمكن أن يكون غطاء لعمل تجاري أو ربحي».

واستدرك رئيس الحكومة قائلا «لكن أنواع السكن الأخرى الذي توفره المقاولات والمؤسسات الأخرى، ينبغي أن نوفر له الحماية أيضا»، مؤكدا أن الدولة «لا ينبغي أن تنحاز لأي طرف، وينبغي أن توفر نوعا من الحياد والجميع يجد نفسه ويشتغل ويصل إلى نتائج».

وتعهد العثماني بتقديم الدعم اللازم لجمعيات ووداديات السكن التضامني، حين قال مخاطبا الحاضرين: «لا يمكن أن تلقوا منا إلا كل الدعم والإنصات، لنفهم العراقيل والمشاكل التي تواجهونها، نحن معكم من أجل تطوير السكن التضامني»، وأكد على أن المجتمع المدني «ينبغي أن يشتغل بجد، ويدافع عن مصالحه ، وهذا من حقكم دستوريا ولكن بالطرق القانونية والمعقولة»، حسب تعبيره.

من جهته، اعتبر عبد الأحد الفاسي، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن السكن التضامني ينبغي أن «يفرض نفسه كرافعة من رافعات التمدن وخلق مجال سليم يرقى بمفهوم الاقتصاد التضامني»، معبرا عن استعداد وزارته للتعاون مع «مختلف فعاليات المجتمع للعمل معا وفق التوجهات الاستراتيجية الهادفة إلى تلبية الحاجة المتزايدة إلى السكن».

 ودعا الفاسي الجمعيات والوداديات السكنية إلى اعتماد برامج سكنية تحترم الشروط الضرورية والسلامة البيئية، مشددا على أهمية تطوير «الترسانة القانونية والعمل على تطوير العمل التضامني والتشاركي لتأطيره وتقنينه، ومراعاة الاستدامة وفق معايير تحترم آجال التسليم» .

وحث وزير التعمير والإسكان الوداديات السكنية والجمعيات على ضرورة «الاشتغال بصيغ تنظيمية وتدبيرية حديثة للتغلب على الإكراهات المتعددة التي تواجه المجال».

أما رئيس الفدرالية الوطنية للوداديات السكنية بالمغرب، عرفات المنجدي، فقال في تصريح لـ «إيلاف المغرب» إن المنظومة العقارية بالبلاد «عرفت تطورا ملحوظا مع التغيرات المتسارعة التي شهدتها بلادنا منذ الاستقلال»، معتبرا أن هذا التطور «صاحبته جملة من الاختلالات والإكراهات المرتبطة بالحاجيات الاجتماعية ومدى ملاءمة الترسانة القانونية لها، خاصة في مجال السكن بكل أبعاده».

وأكد المنجدي على أن إنجار البرامج السكنية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة للحد من البناء العشوائي «يفرض القيام بتقييم موضوعي ومقارنة طبيعتها مع الأهداف المسطرة»، لافتا إلى أن بروز السكن التضامني الذي دشنته الوداديات والجمعيات السكنية «ساهم بشكل ملحوظ في تنويع وتجويد العرض السكني في تكامل تام مع دور الدولة في مجال السكن».
ودعا المتحدث ذاته الدولة إلى تحمل مسؤوليتها في «تمكين الجمعيات والوداديات السكنية من الولوج إلى العقار العمومي وفق شراكة واضحة الأهداف وتمكينها من الولوج إلى الخدمات الإدارية وإصباغ برامجها بالنجاعة الضرورية»، حسب تعبيره.