لندن: أظهرت دراسة جديدة أن الغراب الأسود يتطور ولكن ليس كما تتطور المخلوقات الأخرى في عملية النشوء والارتقاء. وتقدم الدراسة، باستخدام عينات من الحمض النووي، أدلة تؤكد أن الغربان السوداء على الساحل الغربي لاميركا الشمالية انقسمت إلى ثلاث مجموعات مختلفة وراثياً. والأكثر من ذلك ان اثنين من هذه الانساب الثلاثة يندمجان للعودة إلى نَسَب واحد. 

وتقول عالمة البيولوجيا النشوئية في معهد سمثسونيان للحفاظ على البيولوجيا في الولايات المتحدة آنا كيرنز التي قادت الدراسة الجديدة إن العلماء منذ زمن طويل ينظرون إلى نشوء الأنواع على أنه شجرة متفرعة بظهور أنواع جديدة تكون فروعاً مستقلة. 

ولكن من النادر ان يعود فرعان إلى الاندماج مع احدهما الآخر، ويصبح النسبان أو المجموعتان اللتان كانتا تتطوران إلى نوعين منفصلين نوعاً واحداً. وأضافت كيرنز أن العلماء يسمون هذه العملية "تطوراً شبكياً" ولم يُعرف إلا في عدد قليل من الأنواع الأخرى بينها العصفور الدوري ونوعان من الأسماك. 

وتشير نتائج الدراسة الجديدة إلى أن العديد من الأنواع الأخرى ربما تطورت "بالاتجاه المعاكس" من اندماجها وليس تفرعها، وهي تبين ما يتسم به مفهوم النوع نفسه من تعقيد. ويلاحظ العلماء أن كثيرين منا نتعلم في المدرسة أن نوعين مختلفين لا يمكن أن يتزاوجا في ما بينهما ولكن البيولوجيا ليست دائماً بهذا الوضوح الحدي. 

واليوم فإن الغراب طائر أسود كبير يقرب طول جناحيه منشورين نحو أربعة أقدام ويمكن العثور عليه في كل مكان من نصف الكرة الشمالي ربما بسبب ذكائه واستعداده لأن يغتذي على كل شيء تقريباً، من القوارض والحشرات إلى ثمار التوت والنفايات. 

ولكن الغراب الذي نراه اليوم في اميركا الشمالية لم يكن دائماً هذا الطير نفسه. وقبل ثلاثة ملايين سنة كان هناك نوع واحد من الغربان في غرب اميركا الشمالية هو سلف الغراب الشائع اليوم ثم تفرع تدريجياً إلى ثلاثة فروع. 

والأكثر من ذلك ان تحليل الحمض النووي يشير إلى تزاوج اثنين من هذه الفروع وعودتهما إلى فرع واحد في شجرة عائلة الغراب الشائع، وهي عملية اندماج ما زالت مستمرة اليوم. 

وتقول بريجيت فون هولت عالمة البيولوجيا النشوئية في جامعة برنستون إن من المهم ان نلاحظ أن تغييرات تحدث في مجرى عملية الاندماج بما يعني أن الغراب الشائع الذي ظهر باندماج نسلين هو ليس نفسه الذي نشأ في البداية قبل ان يتفرع. 

وأكد آدم سيبل المختص بعلم الوراثة ان هذه دراسة مثيرة تبين ان ما نعتقد انها شجرة الحياة ليست شجرة إلا بالمعنى التقريبي. 

ويدرس سيبل تدفق الجينات بين الانسان الحديث وانسان النيندرتال الذي يلاحظ العلماء الذين اجروا الدراسة الجديدة انه مماثل لتدفق الجينات في الغربان. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "ناشنال جيوغرافيك". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://news.nationalgeographic.com/2018/03/ravens-animals-evolution-species/