«إيلاف» من القاهرة: أشاد خبراء التخطيط والاقتصاد بتوقيع كل من مصر والسعودية اتفاق لاستثمار تطوير أراضٍ مصرية جنوبي سيناء، لتكون ضمن مشروع «نيوم» في أقصى شمال غربي السعودية، حيث ستشارك مصر بألف كيلو متر مربع من أراضيها في جنوب سيناء لتكون جزءًا من مشروع مدينة «نيوم» السعودية العملاقة التي أعلنت عنها المملكة في أكتوبر الماضي .

وفي إطار الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد السعودي ، للقاهرة أسست السعودية ومصر صندوقًا مشتركًا بالمناصفة تزيد قيمته عن 10 مليارات دولار (حصة المصريين منها الأراضي المؤجرة لمدد طويلة) للاستثمار في الأراضي الواقعة في الجانب المصري ضمن مشروع «نيوم»، وتعتبر اتفاقية الاستثمار الموقعة بين الطرفين متفرعة عن اتفاقية صندوق الاستثمار السعودي المصري المشترك،وأكد الخبراء أن المشروع يمثل نقلة اقتصادية للدول الثلاث المشاركة فيه، وهي السعودية ومصر والأردن ، وسيكون بوابة عبور الشركات متعددة الجنسيات إلى الأسواق العربية والإفريقية ، كما سيوفر المشروع لمصر مزيدًا من العملة الصعبة ورواج للسياحة، وبالتالي توفير فرصة عمل كبيرة للشباب المصري العاطل.

مشروع واعد

ويعد «نيوم» مشروعًا سعوديًا واعدًا لمدن المستقبل، أطلقه الأمير محمد بن سلمان في 24 أكتوبر 2017، ويقع المشروع في أقصى شمال غرب السعودية (منطقة تبوك)، يحده البحر الأحمر من الغرب على امتداد 460 كم، ويضم أراضي داخل الحدود المصرية والأردنية، وتبلغ مساحته الإجمالية 26,500 كم2، ويهدف المشروع ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 بتحويل المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب السلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«نيوم» بحلول عام 2025م، وقد تم دعم المشروع من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي والمستثمرين المحليين والعالميين بقيمة 500 مليار دولار، وتركز منطقة «نيوم» على 9 قطاعات استثمارية متخصصة تشمل مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات، و يعمل مشروع «نيوم» على جذب الاستثمارات الخاصة والاستثمارات والشركات الحكومية ، وذلك من خلال دعم المشروع بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة من قبل المملكة العربية السعودية،و صندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين"

مزايا عديدة 

تمتاز منطقة المشروع بخصائص مهمة، أبرزها الموقع الاستراتيجي الذي يتيح لها أن تكون نقطة التقاء تجمع أفضل ما في المنطقة العربية، وآسيا، وأفريقيا، وأوروبا وأمركا ، حيث تقع المنطقة شمال غرب المملكة على مساحة 26,500 كم2، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كم، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2,500 متر ،وتطل على ساحل البحر الأحمر الذي يعد الشريان الاقتصادي الأبرز، والذي تمرُّ عبره قرابة 10 % من حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى أن الموقع يعد محورًا يربط القارات الثلاث؛ آسيا وأوروبا وأفريقيا، إذ يمكن لـ70% من سكان العالم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى، كما تشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة "نيوم" مزايا فريدة، يتمثل بعضها في: حلول التنقل الذكية بدءًا من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى بـ"الهواء الرقمي"، التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة.

فوائد كبيرة

من جانبه أكد الدكتور إبراهيم صالح ، خبير التخطيط والاقتصاد بالمعهد القومي للتخطيط، أن المشروع سيدعم الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي بالانتهاء من تنمية شبه جزيرة سيناء بحلول 2020، حيث سيساعد كثيرًا على إقامة عدد من المدن والمنتجعات السياحية، كذلك إقامة المشروعات الصناعية العملاقة مما يساعد على تواجد الكتلة البشرية على أرض سيناء، وهو ما يعني القضاء نهائيًا على تواجد الجماعات الإسلامية المتطرفة بها . 

وقال الدكتور إبراهيم صالح ل"إيلاف":" إن المشروع سيحقق طفرة كبيرة في قطاع السياحة في منطقة البحر الأحمر، ولاسيما شرم الشيخ والغردقة، مما يتيح فرصة فتح أسواق العمل أمام المصريين، مما يقلل من مستويات البطالة، وينعش الاقتصاد المصري.

زيادة المنتجات 

في السياق ذاته، أكد الدكتور محمود الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن المشروع يحقق طفرة اقتصادية كبيرة لمصر على مدار الثلاثين عامًا الماضية، حيث يعد إضافة قوية لكل الخطط الاستثمارية لمصر في سيناء ومحور السويس، مشيرًا إلى أن المشروع سيوفر العملة الأجنبية الصعبة وعلى رأسها الدولار، وذلك من خلال زيادة المنتجات والسلع التي يتم إنتاجها من مشروع "نيوم".

وقال الخبير الاقتصادي ل"إيلاف" :" إن هناك مميزات كبيرة لموقع مشروع "نيوم" ؛ لكونه يقع في ملتقى ثلاث قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، ويتوسط مسارات التجارة العالمية،مما يكون سببًا لعبور الشركات متعددة الجنسيات إلى الأسواق العربية والأفريقية".

وتعليقًا على مشاركة مصر بألف كيلو متر مربع من أراضيها في جنوب سيناء لتكون جزءًا من مشروع مدينة "نيوم" السعودية، قال الأمير محمد سلمان ولي العهد السعودي: " إن المملكة تستهدف دخول مصر والمملكة الأردنية كشركاء فيه، فنحن نلجأ للأصدقاء والشركاء في التعامل مع مواقف نعجز عنها"، وأضاف ولي العهد السعودي، في تصريحات له بحضور عدد من الصحفيين والإعلاميين المصريين، أنه بموجب المشروع سيتم الدخول بين أجزاء المشروع داخل مصر والسعودية دون جواز سفر، وستمتد إلى مدينة شرم الشيخ، موضحًا أننا نستهدف من المشروع تحويل 50 جزيرة إلى منتجعات، وبدأنا بإنشاء منشآت سياحية، ونسعى لإحداث نوع من التكامل مع الدول العربية الشقيقة".