نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية تقريرا مطولا تحدثت فيه عن حقيقة التراجع الكبير الذي يشهده قطاع الفنون بشكل عام والموسيقى بشكل خاص في المدارس البريطانية.

وقارنت المجلة بين الوضع الراهن وما كان يحدث في الماضي، حيث كان الاهتمام كبيرا بالآلات الموسيقية، وبالأخص آلة الأرغن، التي كانت من أساسيات الحياة لكثير من الرجال في أماكن عدة ببريطانيا، منها تلك القرية التي تعرف باسم "رهوستيلين"، لكن بدأت تتراجع تلك العادة الآن، ولم يعد منها سوى الذكرى فقط لا غير.

وممن تربوا على ثقافة الموسيقى وعشقوها من آبائهم شخص يدعى مارك بريتشارد، وهو ما يزال يتذكر صوت آلة الأرغن التي كان يستخدمها، وأنه من محبي الموسيقى بشكل كبير. ومع هذا، فقد صَوَّت مارك، الذي يشغل الآن منصب رئيس مجلس بلدية ريكسهام، رفقة زملائه في ال 21 من الشهر الماضي على قرار يعني بخفض الميزانية المقررة لقسم الموسيقى في البلدية بنسبة 72 %، علما بأن هذا القسم يمنح دروسا مجانية للأطفال الذين يرغبون في تعلم اللعب على آلة موسيقية. 

وأوضح مارك أنه لم يكن أمامه بديل آخر، حيث استطاع أن يحقق المجلس مدخرات قدرها 52 مليون استرليني ( 72 مليون دولار ) منذ عام 2008، عبر تقليص عدد المدراء، دمج الأقسام وتحصيل رسوم على الأماكن المخصصة لتوقيف السيارات.

وأضاف مارك أنهم مطالبون بتوفير مبلغ آخر قدره 13 مليون استرليني خلال العامين المقبلين، وأن ضريبة المجلس سترتفع بنسبة 3.9 % هذا العام، فيما ستتقلص مزيد من الخدمات التي من بينها الموسيقى. ومضت الايكونوميست تقول إن الموسيقى أكثر من مجرد تسلية في بريطانيا، فصناعة الموسيقى في البلاد تقدر ب 4.4 مليار استرليني سنويا وتعد من مصادر القوى الناعمة للبلاد، فثلاثة من أكثر خمس فنانين تحقيقا للمبيعات في 2016 كانوا بريطانيين وهم ( دافيد باوي، كولدبلاي وأديل ). 

ثم تحدثت المجلة عن بدء انهيار النظام الذي كان يتبع في الماضي والمتعلق بتعليم الموسيقى في المدارس واهتمام المجالس المحلية بتلك العادة الفنية، فبحسب رابطة تعليم الموسيقى في ويلز، فإن سبعة مجالس فقط من اجمالي كل المجالس المحلية الويلزية التي يقدر عددها ب 22 مجلسا هي التي ما زالت تتحمل تكاليف ذلك القسم الذي يوظف موسيقيين بنظام العقود الدائمة كتلك التي يعمل بها المدرسون.

وتابعت المجلة بقولها إن مجلس ريكسهام سيخصص اعتبارا من العام المقبل مبلغا قدره 50 ألف استرليني لتغطية نفقات الدروس التي سيتم إعطائها للأطفال الأكثر فقرا، فيما سيكون لزاما على أي طفل آخر أن يدفع قيمة تلك الدروس، وهي الخطوة التي قد تؤدي لنفور كثيرين، حسبما أكد دافيد توماس، رئيس قسم الموسيقى بالمجلس.

وأشار في نفس السياق المعهد التعليمي باسكتلندا إلى أن 22 مجلسا من اجمالي 32 مجلسا في اسكتلندا يتحصلون على رسوم من التلاميذ نظير تعليمهم العزف على آلة موسيقية.

والأدهى من ذلك هو أن مجلس الفنون، وهو جهة حكومية تدير صندوقا سنويا قيمته 75 مليون استرليني لأقسام الموسيقى البريطانية، غير قادر على تحديد أي المجالس التي تقدم دروس تعليم موسيقى مجانية وأيها التي تتحصل على رسوم لقاء الخدمة.

وأعربت الكليات الموسيقية عن تخوفها أيضا من أن تؤدي تخفيضات المجالس إلى تفاقم المشكلة بشكل كبير، لاسيما وأن ثمن أجهزة العزف نفسها تعتبر غالية بالنسبة للأسر.

أعدت "إيلاف" المادة نقلا عن مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، الرابط الأصلي أدناه
https://www.economist.com/news/britain/21737444-barely-one-20-pupils-took-music-gcse-last-year-how-much-longer-will-world-dance?frsc=dg|e