كشفت وسائل إعلام عربية في الأسبوع الماضي أن هناك خطة روسية لتقسيم الغوطة بالتزامن مع تقدم قوات النظام السوري على حساب تقلص مناطق المعارضة باتباع سياسة الأرض المحروقة، ثم عرضت خطة التقسيم الروسية التي تقوم بتطبيقها حاليًا في الغوطة الشرقية، ويشطرها إلى شمالي وجنوبي، على أن يضم الشطر الشمالي منطقة تخفيف التوتر مع فصيل جيش الإسلام المعارض عبر إحياء اتفاق تخفيض التصعيد بوساطة القاهرة وضمانة موسكو.

إيلاف: قال الدكتور محمد خالد الشاكر القيادي في تيار الغد السوري في تصريح خَص به "إيلاف" تعليقًا على الخطة أنه "بداية لا بد من القول إن ما يجري في الغوطة هو التفاف واضح على اتفاقيات خفض التصعيد، والهدنة التي رعتها القاهرة، والتي بدأت عبر مفاوضات شاقة وصعبة قادها تيار الغد السوري برئاسة أحمد الجربا في يوليو من العام الماضي، والتي كان الهدف من ورائها الحيلولة دون اجتياح النظام للغوطة، وما لذلك من تداعيات خطيرة على أهالي الغوطة، لكون الأساس القانوني لاتفاقيات خفض التصعيد هو حماية المدنيين أولًا وأخيرًا، والحيلولة دون تهجير أهالي الغوطة، ما يهدد البنية الديمغرافية لسوريا، وما لذلك من دلالات تؤسس لتقسيمها في إطار المشروع الإيراني، الذي يؤسس لما تسمى بـ "سوريا المفيدة"".

الضمانات نفسها
على هذا الأساس أكد "أن الاتفاقيات التي عقدت في القاهرة برعاية مصرية، والتي توّجت بحضور جيش الإسلام إلى القاهرة وتوقيعه الاتفاق بضمانة روسية، كانت هي المفاوضات نفسها التي استكملت في فبراير الماضي عبر القاهرة وتيار الغد السوري أيضًا".

أضاف الشاكر: "الاتفاقيات والضمانات نفسها كانت قد تضمنت أيضًا محاربة الجماعات المصنفة إرهابيًا، كجبهة النصرة، التي بقيت فلولها تشكل عائقًا في إدراج الغوطة الشرقية ضمن اتفافيات خفض التصعيد، كما شكلت حجة للنظام في العمل على اجتياح الغوطة بكاملها".

وأوضح أن "الاتفاق هو عبارة عن خطة تقوم على التوفيق والملائمة بين الإبقاء على الغوطة الشرقية في إطار وضعها الطبيعي كمنطقة خفض تصعيد، ووقف العمليات العسكرية، ما يؤمّن عدم تهجير أهالي الغوطة، والإبقاء على جيش الإسلام في شمال الغوطة، برعاية مصرية وضمانة روسية، يقابل ذلك عزل الجزء الجنوبي من الغوطة، حيث تتواجد جبهة النصرة، وأحرار الشام، وفيلق الرحمن، على أن تقوم بذلك قوات يتعارف على ولائها للروس، وليس لإيران".

الدور المصري
في مواجهة ما يجري الآن من تصعيد خطير في الغوطة، رأى الشاكر أن "الدور المصري آخذ في التبلور أكثر فأكثر في الملف السوري، منطلقًا من ثوابت تبدأ من الخوف على وحدة الأراضي السورية، ومن أولوية تقوم على المحافظة على بنية الدولة السورية، والحيلولة دون إحداث تغيير ديمغرافي سواء في الغوطة أو غيرها".

وقال إن ما سبق هو "ما يفسر الحراك المصري الكثيف الذي بدا واضحًا منذ عام تقريبًا، بالتنسيق مع قوى المعارضة المدنية الديموقراطية ، سواء على صعيد تكثيف اتصالاتها مع مسلحي الغوطة، أو على صعيد رعاية العديد من فعاليات المعارضة السوري".

أشار في هذا الصدد إلى احتضان "القاهرة خلال العام الماضي الملتقى التشاوري للقوى الوطنية الديمقراطية، ومؤتمر الدستور السوري، كما شهدت القاهرة إطلاق المجلس العربي في الجزيرة والفرات. ما يعني تبلورًا واضحًا للدور المصري، ربما يؤسس في مراحل لاحقة لعودة الملف السوري إلى حضه العربي بعيدًا عن الأدوار الإقليمية التي لطالما استثمرت في الصراع السوري".

هذا ويجري عزل الشطر الجنوبي، الذي يضم فيلق الرحمن وتحرير الشام وحركة أحرار الشام، مع تكثيف القصف والعمليات العسكرية، فيما قيل إنه لإخراج هيئة تحرير الشام.

تقسيم لا بد منه؟
وكانت الفصائل العسكرية في الغوطة، والمتمثلة في جيش الإسلام وفيلق الرحمن، أبدت جاهزيتها منذ الأيام الأولى من الحملة لإخراج عناصر تحرير الشام (النصرة) من الغوطة. هذا وخرج 13 عنصرًا أمس من هيئة تحرير الشام، بموجب الاتفاق مع جيش الإسلام، ممن كانوا معتقلين في سجونه، ووصلوا إلى إدلب.

وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية تحدثت عن التقسيم الأحد الماضي، ثم عرضت جريدة الشرق الأوسط أمس الخطة الروسية وقالت إن الجزء الآخر من الخطة يشمل عزل الشطر الجنوبي، الذى يضم فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام وبعض الحضور لحركة أحرار الشام، مع تكثيف القصف والعمليات العسكرية، لإخراج النصرة أو تكرار نموذج حلب بتطبيق سياسة الأرض المحروقة.

أكدت الصحيفة وجود رابط ضمني بين سير العمليات العسكرية والقصف المدعوم روسيا في الغوطة من جهة وعمليات الجيش التركي وفصائل معارضة صوب عفرين في شمال غرب حلب الجارية بضوء أخضر روسي أيضًا من جهة ثانية.

وأقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة عسكرية للسيطرة على غوطة دمشق، مع توفير كل الإمكانات العسكرية لتحقيق ذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية في 18 من الشهر الجاري. ولاعتبارات مختلفة لم تتضح، جرى إقرار خيار تقسيم الغوطة إلى شطرين.

وقال دبلوماسي غربي للمصدر نفسه إن الخطة قضت بأن تتقدم قوات العميد سهيل الحسن، المعروف بـ"النمر"، من الطرف الشرقي من النشابية وأوتايا، لتلتقي مع قوات الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري السوري التي بدأت العمليات من طرف حرستا وإدارة المركبات، وأعرب عن اندهاشه لسرعة تقدم قوات "النمر" التي اتبعت أسلوب الأرض المحروقة بدعم روسي وبطء تقدم القوات الأخرى، وقيام مقاتلي أحرار الشام بعمليات عكسية.