القاهرة: في السادس من شهر ديسمبر الماضي، أصدر الرئيس الأميركي قرارًا صادمًا يقضي بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إلى المدينة المقدسة. ولاقى القرار عاصفة من الغضب عربيًا ودوليًا. وبدأ الفلسطينيون في البحث عن بديل دولي لرعاية المفاوضات وعملية السلام مع الإسرائيليين، بعد أن فقدت أميركا شرط النزاهة والحياد.

واتجهت الأنظار صوب روسيا، لاسيما في ظل تصاعد دورها واتساع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، ولكن أغلبية قراء "إيلاف" يتوقعون ألا تنجح روسيا في القيام بالمهمة الدولية الأصعب.

بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها في 6 ديسمبر 2017، فقدت الولايات المتحدة دورها في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط، وتولى الفلسطينيون بوجوههم صوب الشرق، في اتجاه روسيا، أملاً في أن تلعب دورًا محوريًا في المفاوضات مع الإسرائيليين، لاسيما أن موسكو رفضت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وانتقدت قرار ترمب بشدة.

هل تنجح روسيا في أن تصبح وسيطًا لرعاية عملية السلام؟ هذا ما يستبعده غالبية قراء "إيلاف" الذين شاركوا في الاستفتاء الأسبوعي.

طرحت "إيلاف" السؤال التالي على القراء: "هل تحل روسيا محل أميركا في رعاية مفاوضات الإسرائيليين والفلسطينيين؟ وخيرتهم بين "نعم" و"لا".

شارك 980 قارئًا في الاستفتاء، وتتوقع الغالبية وتقدر بـ742 قارئًا، بنسبة 76%، ألا تنجح روسيا في القيام بهذه المهمة الأصعب دوليًا، بينما أبدت الأقلية تفاؤلًا بالدور الروسي، وتقدر لـ238 قارئًا بنسبة 24%.

بتاريخ 11 فبراير الماضي، زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس روسيا، والتقى بالرئيس فلاديمير بوتين، في إطار سعيه نحو ايجاد بديل دولي نزيه للدور الأميركي في رعاية عملية السلام، وقال عباس في مقابلة لوكالة "انترفاكس" الروسية للأنباء، إنه يرغب في أن يكون لروسيا دور أكبر في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية ، نظرا لأن "الولايات المتحدة من الممكن ألا تضطلع بعد ذلك بدور قيادي".

وأضاف عباس: "نعتقد أن روسيا يمكن أن تؤدي دورا مهما للغاية في هذه العملية ، حيث أنها طالما أكدت أهمية الجهود الدولية".

وتابع: "نسعى لتكوين تحالف جديد، وآلية جديدة، من أجل مفاوضات بيننا وبين إسرائيل، حيث ما زلنا ملتزمين بالعملية"، مشيرًا إلى أن "ما يعرف برباعية الشرق الأوسط ،التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لم تعد وسيطا ملائما في عملية السلام".

ويرى الخبراء السياسيون أن روسيا لا يمكنها وحدها أن تلعب دور الوسيط في عملية السلام، وقال الدكتور محمد عبد الرحمن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن أميركا منحازة إلى إسرائيل دائمًا، مشيرًا إلى أنها لم تكن وسيطًا نزيهًا في أي وقت مضى.

وأضاف لـ"إيلاف" أن العرب مطالبين الآن أكثر من أي وقت سابق بالبحث عن آليات جديدة لرعاية عملية السلام، وليس أطراف بديلة لأميركا، منوهًا بأن روسيا يمكن أن تلعب دورًا شريكًا مع أميركا والاتحاد الأوروبي، ودول العالم الإسلامي، وليس الدور الرئيسي، لاسيما أن غالبية خيوط اللعبة في أيدي الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني يتحرك دوليًا في اتجاه البحث عن آلية جديدة لرعاية عملية السلام، بما لا يسمح لطرف واحد هو أميركا بالهيمنة على مستقبل الدولة الفلسطينية، والتحكم في مصير الفلسطينيين، لاسيما في ظل إثبات أنها لم تعد وسيطًا محايدًا.

وحسب وجهة نظر السفير المصري الأسبق، محمد عياد، فإن عملية السلام تمر بأصعب حالاتها الآن، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية تعاني من الأزمات، وهناك دول أنهكها الإرهاب والتشرذم، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، مما منح إسرائيل الفرصة لفرض شروطها على الفلسطينيين.

وأضاف لـ"إيلاف" أن أميركا وإسرائيل فرضتا الأمر الواقع على القضية، بنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، بالإضافة إلى التوسع في إقامة المستوطنات.

ولفت إلى أن العرب والمسلمين مطالبون بالتوحد خلف القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة، وممارسة الضغوط على المجتمع الدولي من أجل لعب دور فاعل في التوصل إلى حل سياسي بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن الرئيس الفلسطيني قوله، إنه يريد آلية وساطة جديدة موسعة، تحل محل رباعي الوساطة في الشرق الأوسط.

وأضاف عباس أن الآلية الجديدة يمكن أن تتألف على سبيل المثال من الرباعي ودول أخرى، على غرار النموذج الذي استخدم لإبرام اتفاق إيران النووي.

وكانت وزارة الخارجية الروسية أعربت عن قلقها من قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشددة على اعتراف روسيا بالقدس الغربية فقط عاصمة لها، بينما تعترف بالشق الشرقي من المدينة عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية.