نصر المجالي: تواصلت حرب التصريحات بين لندن وموسكو، عل خلفية هجوم غاز الأعصاب ضد الجاسوس المزدوج، بينما رد خبير روسي على تقرير بريطاني اشار إلى أن المادة السامة قد وصلت إليه في حقيبة ابنته التي أصيبت جراء الحادث، ولا يزال الاثنان في حالة خطيرة.

واتهم وزير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وزير الدفاع البريطاني غيفين وليامسون بأنه يفتقر إلى التعليم. وقال: "إنه شاب وسيم، ولابد أنه أراد دخول التاريخ بتصريحاته الصارخة أو أنه يفتقر إلى التعليم".

وأشار لافروف إلى أن "موسكو لم تعد تهتم" بمثل هذه التصريحات.

وكان ويليامسون قال، في وقت سابق، إن لندن تنتظر رد فعل موسكو على طرد الدبلوماسيين. وأدلى بتصريحات اعتبرتها موسكو وقحة عن إمكانية رد روسيا. ووفقا له فإن تصرفات روسيا "قاسية وفظيعة"، كما أضاف أنه "على روسيا أن تتنحى جانبا وتخرس".

وأكد لافروف على أن روسيا ستطرد دبلوماسيين بريطانيين، ردا على الإجراءات المتخذة من قبل بريطانيا بطرد 23 دبلوماسيا روسيا، لكنه لم يحدد العدد.

استبعاد 

وإلى ذلك، استبعد خبير عسكري روسي احتمال أن تكون المادة السامة التي استخدمت في الاعتداء على ضابط الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا، قد وصلت إليه في حقيبة ابنته.

وتعليقا على ما نقلته صحيفة (تلغراف) اللندنية عن مصادر أمنية بريطانية، أن مجهولا وضع مادة "نوفيتشوك" السامة في حقيبة يوليا ابنة سكريبال عشية رحلتها من موسكو إلى لندن قبل يوم من تسممها مع والدها يم 4 مارس الحالي.

قال إيغور نيكولين العضو السابق في لجنة الأمم المتحدة للأسلحة البيولوجية: "أعتقد أن احتمال ذلك ضئيل لأن هذه المادة خلافا لغاز السارين مثلا، يصعب استخدامها سرّا".

رائحة حادة منفرة

وأوضح أن "نوفيتشوك" يتسم برائحة حادة منفّرة، على عكس السارين الذي لا رائحة ولا لون له، ويمكن استخدامه سرّا، "أما هذه المادة فلا".

وأضاف نيكولين، أن غاز "نوفيتشوك" يفعل فعله على الفور، وإذا لم يستخدم المرء الترياق بعد التعامل معه، سيموت لا محالة. لذلك، مهما كان من فعل هذه الفعلة، فإنه أظهر عدم كفاءته، حيث عرض عددا كبيرا من الأبرياء للخطر وهذا لا يشبه طريقة عمل المخابرات".

واعتبر الخبير الروسي أنه "إذا أرادت بريطانيا الكشف عن الحقيقة في هذه القضية، فعليها إشراك الخبراء الروس وتقديم أدلة ملموسة، كالحاوية التي نقلت فيها المادة السامة مثلا".

وأضاف أن التصريحات التي أطلقتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لا تثير سوى الاستغراب".

ويقف التحقيق على رواية تقول، إن يوليا ربما جاءت بالمادة السامة في حقيبتها دون علمها بذلك، فيما كانت المادة كما يبدو، ملفوفة داخل "قطعة من الملابس أو مدسوسة ضمن مستحضرات التجميل أو صيغت على شكل هدية".

اصابة الشرطي

ورجحت (تلغراف) بأن الشرطي البريطاني الذي أصيب إصابة خطيرة خلال التحقيق، قد تعرض لتأثير المادة السامة داخل بيت سكريبال، وليس في المكان الذي عثر فيه على الجاسوس السابق وابنته وهما في حالة الغيبوبة في أحد شوارع مدينة سلزبوري جنوبي بريطانيا في 4 مارس الحالي.

وسارعت السلطات البريطانية في توجيه إصبع الاتهام في حادث التسميم ذلك إلى روسيا، وأعلنت سلسلة من الإجراءات "العقابية" ضدها، في حين ترفض موسكو بشدة كل المزاعم بتورطها في الجريمة، وتصف الاتهامات البريطانية بأنها عارية عن الصحة تماما ولا تستند إلى أي دليل.

أزمة خطيرة 

وأثارت قضية تسميم سكريبال وابنته أخطر أزمة في العلاقات بين موسكو ولندن منذ سنوات، حيث اتهمت السلطات البريطانية روسيا بالتورط في الجريمة وأعلنت عن حزمة من العقوبات، بينها ترحيل 23 دبلوماسيا روسيا.

ورفضت موسكو بشدة أي علاقة لها بقضية سكريبال، مشيرة إلى أنها لم تقم بتطوير مادة سامة تحت تسمية "نوفيتشوك"، فيما انتقل مخترع هذا الغاز فيل ميرزايانوف منذ زمن طويل إلى الولايات المتحدة، حاملا معه الوثائق التقنية الخاصة بهذه المادة الكيميائية.

ضرورة الردع 

وعلى هذا الصعيد، نشرت صحيفة (فايننشال تايمز) مقالا لفيليب ستيفنز بعنوان "الردع يجب أن يكون الرد على سم بوتين". وفيه يقول ساخرا "لا علاقة للكرملين بمحاولة قتل جاسوس سابق، ولا دور لموسكو في عملية ضم شبه جزيرة القرم، أما الذين قاتلوا في أوكرانيا فلم يكونوا سوى متطوعين، والاتهامات بالتدخل في مجرى الانتخابات الأميركية مختلقة".

ويضيف الكاتب: نحن نعرف هذا، لأن هذا ما يقوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما الأدلة على كل ما سبق فلا أهمية لها، والرئيس بوتين لا يهتم بأننا نعرف أنه يكذب، بحسب تعبيره.

ويرى الكاتب أن ضعف الرد البريطاني على قتل الجاسوس السابق أليكسندر ليتفينينكو شجع روسيا على تكرار ذلك .

ويختم ستيفنز قائلا إنه كان على الحكومة البريطانية منذ فترة تنظيف السفارة الروسية في لندن من الجواسيس، وكذلك تطهير مجتمع الأعمال في لندن من حلفاء بوتين. لقد غسلت لندن أموالهم على مدى فترة طويلة، حسب تعبيره.