في معرض باريس للكتاب قاد حاكم الشارقة نهضة ثقافية عربية وأوصلها إلى العالمية. وقدم دعمًا لا محدود للأدب والثقافة العربية عالميًا شبيهًا بما كان يفعله الخليفة المأمون ابن هارون الرشيد، ووجّه بترجمة أكثر من 40 كتابًا إماراتيًاإلى اللغة الفرنسية.

إيلاف من باريس: شهد عصر المأمون ابن هارون الرشيد سابع خلفاء بني العباس، نهضة حضارية كبيرة بسبب حبه للعلم والأدب والترجمة، ما أدى إلى نهضة فكرية للعلم، وعمل دفعة قوية ظلت آثارها واضحة لقرون عديدة. 

وهنا في باريس مدينة النور والعطور في معرض الكتاب في دورته الـ 38 قاد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة أيضًا نهضة ثقافية عربية وأوصلها إلى العالمية. وقدم دعمًا لا محدود للأدب والثقافة العربية عالميًا شبيهًا بما كان يفعله الخليفة المأمون ابن هارون الرشيد في العصور القديمة. 

جاءت الشارقة ضيفة شرف معرض باريس للكتاب لهذا العام 2018، ووجّه الشيخ القاسمي هيئة الشارقة للكتاب بترجمة أكثر من 40 كتابًا إماراتيًا لكتّاب في الإمارات إلى اللغة الفرنسية، لتكون متوافرة للقارئ الفرنسي في المعرض.

القاسمي وماكرون 
التقى الشيخ سلطان القاسمي، الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، خلال زيارته جناح الشارقة المشارك في معرض كتاب باريس.

ماكرون متجولًا في معرض باريس للكتاب برفقة الشيخ القاسمي

وقد أثنى ماكرون على الشيخ القاسمي قائلًا: "إن أساس علاقتنا بالإمارات قائمة على المعرفة والثقافة"، مثنيًا على الشارقة كعاصمة للثقافة.

تجول الرئيس الفرنسي يرافقه حاكم الشارقة في جناح الإمارة، التي حلت ضيفًا مميزًا في الدورة الحالية من المعرض تقديرًا لإسهاماتها ومبادراتها في دعم الثقافة والمثقفين في الوطن العربي والإسلامي، ونهوضها بالحراك الثقافي في مختلف مجالاته الأدبية والفنية وجهودها في دعم الترجمة، ومن بينها الترجمة إلى اللغة الفرنسية.

وأهدى حاكم الشارقة الرئيس الفرنسي في ختام جولته في جناح الإمارة عددًا من إصداراته التاريخية وأعماله الأدبية المترجمة إلى اللغة الفرنسية.

ماكرون والجناح الروسي
قاطع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جناح ضيفة شرف المعرض روسيا على خلفية التوتر الدبلوماسي بين لندن وموسكو. حيث تحلّ روسيا ضيف شرف أيضًا بجوار الشارقة في معرض باريس للكتاب، بحسب ما أعلنت مصادر في النقابة الوطنية للناشرين المنظّمة لهذا الحدث الأدبي الأكبر في فرنسا.

أوبرا جارنير باريس
واختار حاكم الشارقة قاعته في توقيع الكتب بحضور الوفد الإعلامي الإماراتي والمثقفين الفرنسيين المشاركين في قاعة أوبرا جارنير باريس، والتي تأسست في عام 1969، بتأثير من جون باتيست كولير، الذي كان وزيرًا في حكومة لويس الرابع عشر.

خلال اللقاء الذي جمعه بالأدباء والمثقفين والإعلاميين، حرص على تفقد أحوالهم، وتناول اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات الودية ذات الاهتمام المشترك في المجالات الثقافية وسبل تطوير الواقع الثقافي في الوطن العربي. وتسلم إهداءات من الكتب والإصدارات الأدبية لعدد من المثقفين والأدباء.

يذكر أن لحاكم الشارقة دورًا مهمًا منذ الثمانينيّات القرن الماضي في صناعة التعليم والثقافة في الإمارات وخارجها لكونه أول وزير للتربية والتعليم في الإمارات منذ تأسيس الدولة عام 1971، حيث أسس ثلاث جامعات في إمارة الشارقة، هم جامعة الشارقة والجامعة الأميركية والجامعة القاسمية، ويقدم كذلك دعمًا ماليًا على نفقته الخاصة إلى الطلبة غير القادرين على تحمل تكاليف التعليم وذلك من دون النظر إلى جنسياتهم أو ألوانهم أو عرقهم.

جولة القاسمي 
وكان حاكم الشارقة قد زار معرض كتاب باريس برفقة قرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، مؤسس ورئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، مؤسس ورئيس مؤسسة كلمات.

علي بن تميم مدير عام أبوظبي للإعلام، والكاتب ناصر الظاهري، ومحمود العوضي المدير الإقليمي لصحيفة إيلاف في الخليج

تفقد جناح الشارقة، الذي ضم عددًا من المؤسسات التي تعنى بالكتاب والنشر، وهي: هيئة الشارقة للكتاب، ودائرة الثقافة، ومعهد الشارقة للتراث، ودارة الدكتور سلطان القاسمي، ومؤسسة الشارقة للإعلام، واتحاد كتاب الإمارات، وجمعية الناشرين الإماراتيين، والمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، ومكتبات الشارقة، وثقافة بلا حدود، ومبادرة 1001 عنوان، ومنشورات القاسمي، ومجموعة كلمات، وجائزة اتصالات لكتاب الطفل. 

ونظمت الجهات الثقافية والمؤسسات الحكومية المشاركة ضمن الجناح عددًا من الأنشطة والبرامج والندوات الثقافية والأدبية، كما شهد الجناح عددًا من العروض الحية للحرف الشعبية وصناعة الدمى والأكل الشعبي، كما عرضت للزوار ومرتادي المعرض أبرز إصدارات تلك المؤسسات وخدماتها في مجال النشر.

الشيخة بدور تدعم الثقافة عالميًا
الشيخة بدور القاسمي ابنة حاكم الشارقة ورئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، كانت لها كلمة في معرض الشارقة، والشيخة تلعب دورًا مهمًا ومؤثرًا وحثيثًا في دفع الثقافة العربية نحو الأمام، وهي أول امرأة عربية تنتخب في الاتحاد الدولي للناشرين، ولها دور في فتح أفق الحوار مع الثقافات الأخرى في العالم ومع الناشرين المتخصصين في كتب الأطفال واليافعين. 

ويرى متابعون أن الشارقة تشارك في معرض باريس كمدينة للثقافة العالمية، كما تمثل دولة الإمارات، وتمثل العرب كأمة في الحركة الثقافية.

من كواليس معرض باريس
وأعلن في بيان صادر من المركز الوطني للكتاب في فرنسا، رصد دعم خاص للكتب المترجمة من اللغتين العربية والعبرية وإليهما. 

جاء في البيان أن رئيس المركز فينسان موناديه "رفع مساعدات الناشرين لترجمة الكتب من العربية إلى الفرنسية، ومن الفرنسية إلى العربية بنسبة 70% من النفقات للسنوات 2018 و2019 و2020".

ويستفيد الناشرون عادة من مساعدة تشكل ما بين 40% و60% من النفقات على ألا يزيد المبلغ على 35 ألف يورو، مع العلم أن المركز يساعد 500 مشروع ترجمة سنويًا.

محمد المر: كيف قاد زايد سفينة الإمارات؟
قدم الأديب محمد المر عضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، ورئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم محاضرة عن ذكرى الشيخ زايد وحياته المثمرة وقيادته لسفينة الإمارات عبر الأهواء والأعاصير والعواصف، قائلًا لـ "إيلاف": "استطاع الشيخ زايد بحكمته وحنكته أن يقود السفينة بنجاح بالغ، ويحقق إنجازات عظيمة، وقدم نموذجًا حضاريًا ممتاز للعالم. ولَم يكن ذلك بسبب النفط، لأن هناك دولًا وجدت النفط، ولَم يكن مصدر نجاح لها، بل كان مصدر تراجع وضعف لها، وإنما ما حدث في الإمارات من نجاح كان بسبب النظرة العميقة الثاقبة للشيخ زايد وخدمة الشعب وبناء دولة ناجحة في كل المجالات والعمل بالعقل والتواصل مع الشعب وبناء دولة المؤسسات، وتركة الشيخ زايد باقية لدى أبنائه في مؤسسات الدولة المختلفة، وكل هذه المعاني تركنا لنا الشيخ زايد في عقولنا لبناء وطن متميز وفريد.. ومهما قلنا عن الشيخ زايد فلن نفيه حقه، فهو حقًا قائد عظيم لوطن غال هو حكيم العرب ومؤسس دولة فتية مؤسس إمارات العز والفخر".

محمد الحمادي: سلطان القاسمي وجّه بترجمة كل ما هو جديد للآخر
من جهته قال محمد الحمادي رئيس جمعية الصحافيين الإماراتية رئيس تحرير جريدة الاتحاد لـ "إيلاف" إن "مشاركة الشارقة في معرض باريس الدولي للكتاب هو تتويج لسنوات وعقود من العمل والتميز في خدمة الكتاب وخدمة الثقافة وخدمة القارئ. ونجد اليوم الشارقة حاضرة في هذا المحفل الكبير الذي تمثل فيه دولة الإمارات والعرب بما قدمته من نجاحات كبيرة، وكل الشكر للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة على إيمانه بالثقافة والكتاب والمثقفين إيمانه بأن الكلمة والشعر والإبداع مهمون جدًا الشعوب والأمم وكذلك التواصل مع الآخر في كل مكان في العالم، وربما ما ميّز مشاركة الشارقة في معرض هذا العام هو الحضور الكبير للكتاب والشعراء والمثقفين والإعلاميين الذين تواجدوا مع وفد هيئة الكتاب في الشارقة، وكانوا ضيوفًا على هذه الهيئة، وبالتالي عكسوا مدى اهتمام الإمارات بالحركة الثقافية بشكل عام".

أضاف "ما ميّز معرض باريس لهذا العام أيضًا هو أن هيئة الشارقة للكتاب قامت بترجمة أكثر من 60 كتابًا إماراتيًا لكتاب في الإمارات، وقامت بترجمتها إلى اللغة الفرنسية، لتكون متوافرة للقارئ الفرنسي، وهذا جهد كبير تشكر عليه الهيئة، ويشكر عليه الشيخ القاسمي، حيث هو من وجّه بترجمة كل ما هو مفيد للآخر، وذلك ما أثمر هذه النتائج، واليوم نحن بحاجة إلى أن نستفيد بخبرتها وبالكتاب والنشر، حتى نستطيع أن نصل بالثقافة العربية إلى العالم، وهذه مسؤولية كل دولة ومسؤولية كل مثقف عربي، وكان الحضور الرسمي مُلفتًا أيضًا في هذا المعرض، فتواجد كل عربي في معارض الدول العربية يؤكد جليًا أن العرب مازالوا مهتمين بالثقافة والكتاب والأدب".