«إيلاف» من لندن: عاش العالم الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ منذ العشرينيات من عمره مصابًا بمرض التصلب الجانبي الضموري الذي يقتل الخلايا العصبية الحركية، تاركًا الدماغ غير قادر على التحكم بالعضلات. وأفادت تقارير بأن صحته تدهورت أخيرًا، وقبل عام تقريبًا نُقل عاجلًا إلى المستشفى خلال زيارة لروما.

استقبل العلماء في أنحاء العالم نبأ وفاته بحزن بالغ. وكتب الفيزيائي الفلكي نيل ديغراس تايسون، مدير مرصد هايدن في مدينة نيويورك: "وفاة هوكينغ تركت فراغًا، لكنه ليس شاغرًا، بل فكروا فيه بصفته طاقة فراغية منتشرة في نسيج الزمكان العصي على القياس".

فيزياء وتواصل

صرح الفيزيائي النظري رفائيل بوسو الذي كان أحد طلاب هوكينغ في جامعة كامبردج أن استاذه كان فيزيائيًا لامعًا برع في علم التواصل مع الجمهور أيضًا. أضاف: "إن هاتين مهارتان متميزتان وكان ستيفن متفوقًا فيهما".

ولد هوكينغ في مدينة أكسفورد في عام 1942، وشُخص مرضه حين كان في الحادية والعشرين يدرس لنيل شهادة الدكتوراه بعلم الكون في جامعة كامبردج. أدرك هوكينغ أن شيئًا ليس على ما يرام أول مرة حين ذهب للتزلج على الجليد مع والدته. وتذكر ذلك بمناسبة عيد ميلاده الخامس والسبعين قائلًا :"سقطتُ ولاقيتُ صعوبة بالغة في النهوض. في البداية شعرت بالاكتئاب، وبدا أن المرض يزداد تفاقمًا بسرعة".

على الرغم من أن الأطباء توقعوا ألا يعيش هوكينغ طويلا فان تقدم مرضه كان ابطأ من توقعاتهم. وبقي هوكينغ ليعيش حياة منتجة عدة عقود سواء في ممارسة الفيزياء النظرية أو تشجيع الجمهور العام على الاهتمام بالعلم. لكن هوكينغ اخذ يفقد القدرة على استخدام عضلاته بإطراد، وكان يتواصل خلال العقود الثلاثة من حياته من خلال كومبيوتر زود ببرنامج لتجسيد صوته بعدما فقد القدرة على الكلام.

بمرور الوقت، أصبح هوكينغ من ألمع الأسماء في العلم المعاصر. ولاقى كتابه "موجز لتاريخ الزمن" نجاحًا ساحقًا. وظهر في برامج ومسلسلات تلفزيونية بأدوار صغيرة مثل ستار تريك وعائلة سيمبسون ونظرية الانفجار الكبير.

ثقوب وإشعاع

علميًا، ارتبط اسمه بفيزياء الثقوب السوداء التي بدأ يدرسها حين كانت بعدها فرضيات رياضية في النظرية النسبية العامة التي وضعها آينشتاين.

في اوائل سبعينيات القرن الماضي، بدأ هوكينغ يبحث في ما يمكن أن تكشفه الفيزياء الكمية عن أفق الحدث وهو سطح ثقب أسود لا عودة منه. وهز هوكينغ عالم الفيزياء عندما توصل بحساباته إلى أن هذا السطح مشع لكن ببطء. وسرعان ما أصبحت الظاهرة تُسمى "إشعاع هوكينغ". ولم تكن الثقوب السوداء سوداء في الحقيقة.

أوضح هوكينغ أن هذا الاشعاع يجب أن يؤدي في النهاية إلى انكماش الثقب الأسود واختفائه. وما هز الباحثين أكثر هو أن إشعاع هوكينغ ينبغي أن يمحو المعلومات من الكون في تناقض ظاهر مع بعض المبادئ الاساسية للنظرية الكمية، كما أشار هوكينغ في عام 1976.

ربما لأن أغلبية أعمال هوكينغ كانت ذات طبيعة نظرية من الصعب اختبارها تجريبيًا، فإنه لم يُمنح جائزة نوبل. يمكن أن تُختبر بعض نظريات هوكينغ الآن من دراسة الثقوب السوداء في ضوء الموجات الجاذبية التي اكتشفها "مرصد ليزر الموجات الجاذبية التداخلي" في الولايات المتحدة. حين سُئل هوكينغ في عام 2016 عن هذا الاكتشاف، قال إنه يأمل في أن تكون عمليات الرصد المقبلة حساسة بما فيه الكفاية لتأكيد التنبؤ الذي أطلقه في عام 1970 بأن المساحة السطحية للثقب الأسود بعد الاندماج يجب أن تكون أكبر من مجموع المساحة السطحية للأجسام الأصلية قبل اندماجها.

 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "ساينتيفك أميركان". الأصل منشور على الرابط:

https://www.scientificamerican.com/article/science-mourns-stephen-hawkings-death1/