زج جون هاورد بلده أستراليا في الحرب على العراق في عام 2003 بناء على خمسة أعذار تبين الآن أنها كانت بلا أدلة. وعليه، وأمثاله، أن يقروا بالخطأ في أمثولة للمستقبل.

أسفر احتلال العراق قبل 15 عامًا عن موجة من العنف الطائفي وتهجير المسيحيين بعد ما يربو على 1300 عام من التعايش مع المسلمين وتسليم العراق "هدية" إلى إيران، ونشوء جماعات إرهابية جديدة استخدمت الأراضي العراقية منطلقًا لعملياتها في سورية والشرق الأوسط الأوسع وأوروبا. &

وفي حين أن حرب العراق تُعد في الولايات المتحدة وبريطانيا خطأ استراتيجيًا كبيرًا، فإن رئيس الوزراء الأسترالي وقت اندلاعها جون هاورد ما زال يرفض الاعتراف بذلك. &

أعذار بلا أدلة

كان هاورد قد قدم مبرره الرسمي لدخول الحرب في بيان إلى البرلمان بتاريخ 18 مارس 2003 مستندًا إلى خمسة أعذار: الأول، العراق يمتلك ترسانة من الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية؛ والثاني، إنه يسعى إلى امتلاك قدرات نووية؛ والثالث، جهود الأمم المتحدة لتجريده من اسلحة الدمار الشامل باءت بالفشل؛ والربع، من شأن هذا الفشل أن يشجع دولًا مارقة أخرى مثل كوريا الشمالية؛ والخامس، إن السماح للعراق بالاحتفاظ بهذه القدرات يجعل من الممكن أن تحصل جماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة على أسلحة دمار شامل لتهدد دولًا أخرى، بينها أستراليا. &

ليست مشكلة هاورد أن كل واحد من هذه الأعذار أثبت كونه باطلًا فحسب، بل إن المعلومات التي تلقتها حكومته قبل الحرب لم تبرر أيًا منها.

بتعبير بسيط، كذب هاورد على الاستراليين. ومن لديه شك نحيله إلى اللجنة البرلمانية التي كان هاورد نفسه مَنْ عين رئيسها، وخلصت إلى أن أعذاره الخمسة للمشاركة في حرب العراق لا تسندها أدلة. &

اختار هاورد أن يتجاهل نصيحة جهاز الاستخبارات العسكرية الاسترالية الذي حذر من عدم وجود أدلة على امتلاك العراق اسلحة كيمياوية. كما اثبتت الحوادث بطلان ذريعته أن عدم تجريد العراق من هذه الأسلحة يعني عدم التمكن من ردع كوريا الشمالية. &

أمثولة للمستقبل

دأب هاورد على ربط هجمات 11 سبتمبر بضرورة إسقاط صدام حسين. وأثبتت الحوادث بطلان هذه الذريعة ايضًا، إذ كان صدام دكتاتورًا دمويًا بكل تأكيد ويقدر أن أكثر من 250 الف عراقي قُتلوا في عهده.
لكن يُقدر أن زهاء 601000 عراقي قُتلوا بين مارس 2003 ويونيو 2006. &كما أوجدت الحرب اربعة ملايين لاجئ عراقي ابتداء من عام 2007. &

أخيرًا، كان هاورد يعرف أن المشاركة في غزو العراق لم تكن إلزامية بموجب معاهدة "أنزوس" الأمنية بين أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. فالمعاهدة لا تنص على العمل العسكري المشترك في منطقة خارج منطقة المعاهدة. &

بعد 15 عامًا على حرب العراق، حان الوقت ليقر رؤساء الوزراء هاورد و
توني أبوت ومالكولم ترنبول علنًا بالخطأ الاستراتيجي الفظيع الذي ارتكبوه باسم أستراليا، لتحذير الحكومات المحافظة في المستقبل من الاقدام على مثل هذا الخطأ العسكري الأحادي الجانب.


&