نصر المجالي: تركزت ندوة نقاشية رعاها "منتدى الفكر العربي"، حول ضرورة إعادة قراءة المشروع النهضوي العربي وابتكار بُنى فكرية تجديدية واعية للمتغيرات العالمية، مع الإشارة إلى أن العالم العربي يعاني أزمة فكرية وأخلاقية وأزمة هوية نتج عنهما فوضى في المعايير والقيم.

ودعا متحدثان أردنيان إلى الحاجة إلى إعادة بناء الدولة في العالم العربي على أسس أخلاقية وفق بعض القراءات الاسلامية وبعض قراءات الحداثة، وأكدا أن الأرث الحضاري والفكري للأمة ينبغي أن يكون حاضراً بروح استنباط قيم الأصالة والتطوير.

وألقى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور زيد عيادات محاضرة في منتدى الفكر العربي في العاصمة الأردنية عمّان، مساء الأحد، حول مضامين كتاب "الإسلام والدولة والحداثة: محمد عابد الجابري ومستقبل العالم العربي"، الذي أعده والصادر هذا العام باللغة الإنكليزية في 320 صفحة وعنوانه "الإسلام والدولة والحداثة: محمد عابد الجابري ومستقبل العالم العربي"، والذي جاء نتاج سنوات من الاهتمام و البحث والتحليل و ثمرة جهود كثير من المفكرين والباحثين والداعمين.

بدايات النهضة

وأدار اللقاء وشارك في مناقشة الكتاب الأمين العام للمنتدى الدكتور محمد أبوحمور الذي قال في كلمته التقديمية: إن الجدل الفكري حول الإسلام والدولة، والإسلام والحداثة، بدأ الحديث فيه منذ بدايات النهضة العربية الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر، وأن الأرث الحضاري والفكري للأمة ينبغي أن يكون حاضراً بروح استنباط قيم الأصالة والتطوير وليس بصورة تقليدية. 

وأضاف أن هذه الرؤية جزء من مشروع "النهضة الفكرية العربية" الذي يتبناه المنتدى، والذي يهدف إلى إعادة قراءة المشروع النهضوي العربي عبر آليّات جديدة للمراجعة والاستشراف، وابتكار بُنى فكرية تجديدية واعية للمتغيرات العالمية في موازين القوى والتحالفات والتكتلات على الساحة الدولية، لتحفيز منطلقات النهوض الشامل ومواجهة التراجع المستمر في الواقع العربي ومحاولات إذابة الهوية الجامعة.

 

المتحدثان في الندوة محمد أبو حمور وزيد عيادات

 

إسهامات الجابري

من جهته أشار الدكتور زيد عيادات إلى أن كتاب "الإسلام والدولة والحداثة" يحتوي في الجزء الأول منه على مناقشة حول إسهامات المفكر المغربي محمد عابد الجابري في إعادة صياغة وبناء الفكر العربي - الإسلامي، فيما يناقش الجزء الثاني موضوعات السياسة و الأخلاق في العالم العربي.

وقال د. عيادات أنه في حين تتعدد الاقترابات ومنهجية البحث والتحليل في فصول الكتاب المختلفة، فإن الناظم الأساس لمقولة الكتاب وفكرته الأساسية تتجلى في مناقشة الحاجة الملحة لإعادة بناء الدولة في العالم العربي على أسس أخلاقية من نتاجات بعض القراءات الاسلامية وبعض من قراءات الحداثة، ذلك لأن معظم القرائن والدلائل تشير إلى أن العالم العربي يعاني أزمة فكرية وأخلاقية عميقة ومستعصية، و"أزمة هوية" ضاغطة، نتج عنهما فوضى في المعايير والقيم، واختلاط في الوعي وتقلب في الأحوال حتى أمسى عالمنا العربي يسكن على "هامش التاريخ" و"خارج الحضارة"، ومسرحاً للتدافع والاقتتال، والتطرف و العنف، والفقر والتخلف والانقسام والفشل.

محركات التغيير

وأضاف: إلا أن التمعن والتمحيص في شروط العمران، ومحركات التغيير وقوانين التاريخ ومحددات "نشوء الأمم وزوالها" يبعث فينا "تفاؤل الإرادة" ويبقي على بصيص أمل ولو دقيق، مما يدعونا إلى التفكر والتحرر والعمل بغية النهوض الجميل.

وأوضح د. عيادات أن ادوات هذا "النهوض المشتهى" هي "المعجزات الحديثة" من عقل و علم و كريم الأخلاق. وعليه، فإن الكتاب يقدم نقداً و تحليلاً للخطاب العربي المعاصر في إشكالية العلاقة بين التراث والحداثة من جهة و دور الدين في الحياة العامة من جهة أخرى. 

كما يعرض الكتاب ملامح عامة لنظرية أخلاقية في السياسة تحرِّر المجال العام من الخرافة والأساطير والاستبداد وتشكِّل رافعة للنهوض والتقدم والعدالة.

يذكر أن كتاب "الإسلام والدولة والحداثة" أعده د. عيادات بالتعاون مع أ.د. فرانشيسكا كوراو و أ.د. محمد حصحاص، ونُشر بدعم من منظمة النهضة العربية للديمقراطية. وعنوانه بالإنكليزية: 

ISLAM, STATE, AND MODERNITY: Mohammed Abed al-Jabri and the Future of the Arab World.