أثمرت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا عن اتفاق لتأهيل منطقة العلا التي تمتد على مساحة 22 الف كيلومتر مربع من الآثار إلى الثقافة والفنون والبنى التحتية.


إيلاف من الرياض: في منطقة العلا التي تقع شمال غرب السعودية، يقف المرشد بندر العنزي مذهولا من جمال المشهد في المنطقة التي سيتم تطويرها بموجب اتفاق فرنسي- سعودي.

وتعتبر هذه المنطقة الغنية بالآثار والمناظر الخلابة، إحدى أهم المناطق التي تسعى المملكة لتطويرها مع تحضيرها لبدء استصدار تأشيرات سياحية للمرة الاولى.

وتستعد فرنسا والسعودية لتوقيع اتفاق مدته عشر سنوات لتطوير المنطقة، خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى باريس التي تنتهي اليوم.

وقال العنزي خلال جولة اعلامية نظمت قبل أيام من رحلة ولي العهد الى فرنسا لصحافيين "كل منطقة العلا تعد متحفا في الهواء الطلق"، مضيفا "هناك الكثير من التاريخ هنا الذي ينتظر الكشف عنه".

وتقع العلا في منطقة الحجاز، وفيها آثار تاريخية هامة وخصوصا مدائن صالح، وهو أول موقع سعودي تم ادراجه على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.

وتعود الآثار التي يحتوي بعضها على نقوش ورسوم من فترة ما قبل الاسلام مثل مشاهد للصيد، الى الحضارة النبطية قبل الاسلام.

وأنشئت مدينة البتراء في الاردن خلال الحضارة النبطية. وكانت العلا أيضا في السابق مركزا لمملكتي دادان ولحيان العربيتين.

وقد تساعد أشكال الفن الصخري المنحوت في كشف أسرار قرابة أربعة آلاف عام من الحضارة في شبه الجزيرة العربية.

وكانت المنطقة التي تمتد على مساحة تعادل مساحة بلجيكا تقريبا، تعد طريقا هاما للغاية ومنطقة يستقي منها البدو المياه على الطريق التجاري الذي ربط الجزيرة العربية بشمال افريقيا والهند.

ويؤكد الخبير من مجموعة اكسفورد للآثار في بريطانيا جيمي كوارترماين لوكالة فرانس برس "كل يوم يتم اكتشاف أمر جديد".

ويشير خلال الجولة في المدينة الى ان "الاحتمالات لا نهاية لها".

مسح للكنوز الاثرية

وشارك مراسل فرانس برس في جولة في طائرة مروحية في المنطقة كشفت عن مساحات صحراوية شاسعة، مليئة بالاماكن الاثرية.

محافظ الهيئة الملكية للعلا الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وصف التراث بـ"المستقبل" (الشرق الأوسط)

وقال المدير العام للهيئة الملكية للعلا عمرو المدني إنه سيكون من الممكن استقبال السياح الاوائل في المنطقة "خلال ثلاث الى خمس سنوات". وأضاف ان المنطقة التي تضم مطارا، ستستقبل بعد تجهيزها بين 1,5 و2,5 مليون زائر سنويا، مع احترام معايير البيئة والتنمية المستدامة. 

ولكنه أكد لوكالة فرانس برس انه يجب قبل ذلك، تسجيل جميع الكنوز الاثرية.

وقبل شهرين، انطلق برنامج كبير لمسح المناطق الاثرية يتضمن استخدام المروحيات والاقمار الصناعية والطائرات دون طيار، وتكنولوجيا للاستشعار عن بعد باسم "ليدار".

وبحسب كوارترماين، "المهمة ضخمة وتشمل كافة مستويات المسح بدءا من المسح الجوي الى التفقد على الارض".

ويهدف الاتفاق الفرنسي السعودي الذي يتوقع اعلانه رسميا خلال الساعات المقبلة، الى حماية الموقع التراثي من عوامل التآكل مع الزمن او التعرض للسرقة.

وقال رئيس مجلس ادارة مجموعة "انجي" للطاقة السابق جيرار ميستراليه، موفد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى منطقة العلا، للصحافيين إن الاتفاق "غير مسبوق"، خصوصا في المجالات التي يشملها، من الآثار الى الثقافة والفنون والبنى التحتية والطاقة والنقل والتأهيل و"كل ما يمكن لفرنسا ان تقدمه في مجال إبراز قيمة التراث".

وتحيط أسوار بمدينة العلا، وتتناثر تحت أشعة الشمس الحارقة فيها، بيوت حجرية وطينية كانت مسكونة حتى العصر الحديث.

وسيقام متحف ومركز للابحاث التاريخية والاثرية في العلا الواقعة على بعد نحو 1100 كيلومتر عن العاصمة الرياض. كما سيتم تأهيل 150 طالبا وطالبة في مجالي السياحة والثقافة.

بنية تحتية غير مجهزة

تشكل السياحة أحد محركات خطة "رؤية 2030" الطموحة لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي التي أعلنها ولي العهد النافذ محمد بن سلمان في 2016.

لكن رغم غنى السعودية بالمواقع الطبيعية ولا سيما الصحراوية، فهي نادرا ما تمثل وجهة سياحية جذابة. ويمنع الاختلاط بين الجنسين وبيع واستهلاك الكحول في المملكة التي تعد دولة محافظة جدا.

والتقطت صور في السابق لولي العهد السعودي وهو يقضي اجازته في العلا.

واستخدم علماء الاثار العام الماضي تطبيق "غوغل مابس" للعثور على مئات من "الأبواب" الحجرية المبنية من الصخر في صحراء سعودية قاحلة، قد يعود عمرها الى اكثر من سبعة آلاف عام.

وتبدو الخطة طموحة، الا ان البنية التحتية الفندقية في العلا حاليا غير مجهزة لحركة سياحية ضخمة. ويوجد فندقان لاستقبال السياح بسعة 120 غرفة فقط.

ويقول العنزي ان تأهيل المنطقة "يتعلق بفخرنا بوطننا في ماضينا".