بعدما أرهقتهم سنوات الحصار والغارات العنيفة، خصوصًا في الشهرين الأخيرين، لا يعلّق أهالي دوما الذين تم إجلاؤهم إلى شمال البلاد، أية آمال على الضربات الغربية ردًا على هجوم كيميائي مفترض على مدينتهم اتُهمت دمشق بتنفيذه.

إيلاف: في أحد مخيمات منطقة الباب، حيث يقيمون منذ إجلائهم من مدينتهم، استفاق أهالي دوما صباح السبت على وقع أنباء عن تنفيذ واشنطن وباريس ولندن ضربات على أهداف عسكرية في محيط دمشق وغرب مدينة حمص في وسط البلاد.

الموت لا يكفي
اختلطت مشاعر ناديا (46 عامًا)، وهي أم لثمانية أطفال، بعد معرفتها بتوجيه هذه الضربات. وتقول من المخيم، حيث باتت تقيم لفرانس برس، "فرحنا كثيرًا بأنهم شعروا بنا أخيرًا". أضافت في الوقت عينه: "لكن هذه الضربات التي وجّهوها إليه (الرئيس السوري بشار الأسد) لم تؤثر كثيرًا". تابعت "حتى لو رأيناه يموت أمام أعيننا، فهذا ليس بكاف".

جاءت الضربات الغربية على مواقع سورية بعد أسبوع من هجوم كيميائي مفترض على مدينة دوما تسبب بمقتل 40 شخصًا وإصابة 500 آخرين وفق مسعفين وأطباء. واتُهمت الحكومة السورية بتنفيذه، الأمر الذي نفته دمشق مع حليفتيها موسكو وطهران.

وأعلن الجيش السوري ليل أمس بعد نحو شهرين من بدئه هجومًا عنيفًا على المنطقة تسبب بمقتل أكثر من 1700 مدني، سيطرته الكاملة على الغوطة الشرقية بعد انتهاء عملية إجلاء مقاتلين معارضين ومدنيين من دوما.

نريد أكثر
كانت هذه المنطقة تعد منذ العام 2012 معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، وعانت من حصار محكم منذ العام 2013، فاقم معاناة نحو 400 ألف شخص كانوا يقيمون فيها وسط ظروف إنسانية صعبة، قبل أن يغادر نصفهم تقريبًا مع تقدم قوات النظام في المنطقة أو بموجب اتفاقات اجلاء.

تقول صيداوي "نريد (من الغرب) أكثر من ذلك، نريد أن ينتقموا من روسيا وإيران والنظام، وأن يخلصوننا منهم عن قريب، لأنهم أخذوا بلادنا وأرضنا".

بفضل الدعم الروسي، تمكن الأسد من إمساك زمام المبادرة ميدانيًا على جبهات رئيسة في البلاد، حيث باتت قواته تسيطر على أكثر من 55 في المئة من مساحة البلاد.

إبرة بنج
يعتبر أحمد (25 عامًا) وهو ميكانيكي غادر دوما بموجب اتفاق الإجلاء بين روسيا وجيش الإسلام، أن الضربات الغربية لم تكن أكثر من "إبرة بنج". يقول "إذا لم يتابعوا القصف لن ينهار الأسد. يقصفون ليوم أو يومين ثم يتوقفون، ومن بعدها يعود النظام لـ+يستقوي+ علينا مجددًا".

وبعد سبع سنوات من الحرب السورية التي أوقعت أكثر من 350 ألف قتيل، يشعر أحمد بأن المجتمع الدولي خذلهم. يضيف بأسف "كلهم خذلونا، وكلهم باعونا، الدول العربية والأجنبية على حد سواء"، متابعًا: "خيبة أملنا كبيرة من المجتمع الدولي".

ويعرب كثير من السوريين المعارضين لنظام الأسد عن الشعور نفسه. ويقول أبو عدنان الدوماني (42 عامًا) لفرانس برس "أميركا وفرنسا وبريطانيا قالوا لنا +نحن أصدقاء الشعب السوري+ وتبيّن أنهم أكبر عدو للشعب السوري".

طفلهم المدلل
يشرح أنه بالنسبة إلى المجتمع الدولي "بشار الأسد هو الطفل المدلل. يقولون له +إافعل ما شئت يا بشار، أقتل ما شئت+ فهناك مجلس الأمن وروسيا تستخدم (حق النقض) الفيتو".

تسري هذه النقمة على الدول العربية أيضًا، التي يحمل أبو عدنان على ما يصفه بـ"خيانتها". ويوضح "لم تخرج مظاهرة واحدة (في الدول العربية) مناصرة للشعب السوري ومنددة باستخدام الكيميائي".

لا يبدي صالح إبراهيم (26 عامًا)، أحد مقاتلي جيش الإسلام، آخر الفصائل التي وافقت إثر التصعيد العسكري على الخروج من الغوطة الشرقية، أي "تفاؤل" من تداعيات الضربات. ويقول: "ما نأمله هو أن ترأف الدول الغربية بالعائلات التي تهجرت، وتخلصنا من بشار الأسد، ونعود إلى قرانا".