يبدو حزب الله في مواجهة شديدة التعقيد بين استعداد قيادته لإدارة الحملة الإنتخابية النيابية المقبلة من جهة، وبين الضربات الأميركية التي وجّهت إلى سوريا أخيرًا من الجهة الأخرى.

إيلاف من بيروت: يبدو حزب الله في مواجهة بين موقفين مربكين وشديدي التعقيد، فبينما تستعدّ قيادته وجزء واسع من جسمه التنظيمي لإدارة حملته الانتخابية في إطار انتخابات لبنان النيابية في 6 مايو، فإنّ جسمه العسكري والأمني الأصيل والاحتياطي من جهة أخرى يستعدّ لاحتمال مواجهة حرب إقليمية في سوريا، في حال تطورت الأمور بعد الضربات الأميركية في سوريا، وقد تتدحرج تداعياتها لتمتد إلى لبنان.

في هذا الصدد، يؤكد النائب السابق مصطفى علوش في حديثه لـ"إيلاف" أن حصول الضربات الأميركية الأخيرة كان متوقعًا بعد كل الذي حصل على مدى الأسبوعين الماضيين، وخاصة في ما خص مسألة الكيميائي، وحزب الله يبقى جزءًا من منظومة، والمنظومة الأساسية بالنسبة إلى حزب الله تبقى إيران، ويبقى الأهم بالنسبة إلى حزب الله أنه لم تُضرب القواعد الإيرانية من قبل أميركا في سوريا، من هنا كمنظومة النظام السوري يعتبر حزب الله أنه طالما وجوده لم يتأثر على المستوى العسكري بعد الضربات الأميركية على سوريا، فالضربات الأميركية لم تغيّر شيئًا، ويستعمل حزب الله الضربات لتحشيد جمهوره على مستوى الانتخابات، وعمليًا سيستمر في ما كان يقوم به في السابق، لأنه عمليًا جرت عملية سابقة مشابهة ضد سوريا، وكذلك ضربة إسرائيلية أيضًا، ولم يتحرك أحد من حزب الله، لذلك الأمور متجهة إلى ما كنّا عليه في السابق.

حزب الله
وردًا على سؤال بمعنى أن حزب الله لن يشارك في حال تطورت الأمور إلى حرب بعد الضربات الأميركية على سوريا؟. يشير علوش إلى أن قدرات حزب الله وإيران أقل بكثير من مستوى الضربات التي جرت من قبل أميركا وحلفائها ضد سوريا، والبوارج التي ضربت تجاه سوريا، إن توجهت في المستقبل نحو حزب الله أو تجاه إيران، تتعدى قدرات ميليشيات مسلحة أو دولة مسلحة كإيران، لعدم قدرتهما السيطرة على الأجواء.

وطالما أن الأمور بقيت محدودة ولم تؤثر على وجود إيران وحزب الله، فستكتفي إيران ومعها حزب الله بالكلام، ولن يحصل شيء.

تداعيات
وردًا على سؤال في حال تطورت الأمور إلى أكثر من رد كلامي من قبل حزب الله وإيران، ما تداعيات ذلك على لبنان؟. يلفت علوش إلى أن التداعيات ستكون تدميرًا للبنى التحتية للبنان، وكذلك تدمير قدرات الإستقرار النسبي السياسي والأمني التي وفّرها لبنان لسنوات، من هنا عمليًا القضية تبقى مرتبطة بكون حزب الله يعتبر نفسه مرتبطًا بلبنان فقط من خلال وجوده على الأراضي اللبنانية، وبتأمين مصلحة إيران وإستمرار لبنان كإحدى مقاطعات إيران بالنسبة إلى حزب الله، من هنا في حال تلقى حزب الله الأوامر للمشاركة سيشارك، وعمليًا قد يكون الأميركيون مستفيدين مع إسرائيل من وجود حزب الله في لبنان.

انتخابيًا
ما هو المتوقع انتخابيًا لحزب الله، هل الخسارة أم الربح؟. يجيب علوش أن حزب الله سيحصل على ما حصل عليه، خاصة إن ربح أتباعه في بعض المناطق مع استطاعتهم تحقيق الخروقات، وهذا قد يكون واردًا من قبل القانون الانتخابي الجديد، لكن عمليًا المعادلة القائمة هي معادلة توازن القوى في لبنان، ولن يتغير شيء.

وردًا على سؤال أين يخشى حزب الله عسكريًا أكثر احتمال ضربات أميركية ضده أم الضربات التقليدية من إسرائيل؟. يجيب علوش أن أهم شيء يبقى بالنسبة إلى حزب الله ليست الضربات التي قد تحصل على لبنان، بل الأهم يبقى المدى الإستراتيجي له في سوريا، وطالما أن إيران لا تزال تؤمّن له المدى الإستراتيجي في سوريا، بالمال والسلاح، فحتى لو سقط له العديد في المواجهات، فإن حزب الله يعتبر أنها جزء من المعركة، ويبقى أن حزب الله ليس قوة خارقة، أو كاملة القدرة، ويبقى الأمر مرتبطًا بحجم الضربات، وهل هناك رغبة أميركية إسرائيلية في إنهاء ظاهرة حزب الله، فيعتقد علوش أنه على الأقل بالنسبة إلى إسرائيل واحدة من أهم نتائج وجود حزب الله من ضمن الأراضي اللبنانية هي استمرار الصراع داخل المجتمع اللبناني ومنعه من التوحد، وأن يحصل على دولة مستقلة تستطيع القيام بالفرق في المواجهة على مختلف المستويات من وجود إسرائيل في المنطقة، لذلك عمليًا، لسنا أكيدين أن إسرائيل حقيقة تريد إنهاء ظاهرة حزب الله.

أثمان كبيرة
ويلفت علوش إلى أن لبنان دفع أثمانًا كبيرة، منذ العام 1969 بسبب الصراع بين الشرق والغرب، حيث دفعنا ثمن الحرب الباردة آنذاك، والحرب المذهبية، وتغلغُل إيران في المنطقة، ووضعنا في المستوى الإقتصادي يصل إلى ما دون الصفر، وأي تداعيات في هذا الخصوص تُدخل لبنان من جديد في أتون حرب مباشرة، أو استمرار الركود الإقتصادي على ما هو عليه، ولكنها تبقى كلها فرضيات مرتبطة بمدى مسار الأمور في المستقبل.