اختار برلمان كوبا ميغيل دياز- كانيل، الذراع الأيمن للرئيس الحالي راؤول كاسترو، كمرشح وحيد لرئاسة البلاد، لينهي حكم عائلة كاسترو.

وتولى راؤول رئاسة البلاد في عام 2006، بعد تنحي شقيقه الأكبر الزعيم فيدل كاسترو، الذي توفى عن عمر 90 عاما في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.

يأتي هذا في وقت تشهد علاقات كوبا توترا مع الولايات المتحدة منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، وذلك بعد تحسن إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

ومن المتوقع أن يظل مؤثرا بقوة في نظام الحكم بالدولة الشيوعية حتى بعد ترك الرئاسة.

وصوتت الجمعية الوطنية في كوبا خلال دورة انعقادها على اختيار ميغيل دياز (57 عاما)، لكن النتائج الرسمية ستعلن اليوم حيث من المقرر إعلان نقل السلطة رسميا.

وسيظل كاسترو رئيسا للحزب الشيوعي حتى مؤتمر الحزب في عام 2021.

ويقول ويل غرانت، مراسل بي بي سي في كوبا، إن الرئيس المقبل سيرث بلدا يعاني ركودا اقتصاديا وبه نسبة كبيرة من الشباب الطامحين إلى التغيير.

وسيواجه الرئيس المتوقع عقبة أخرى وهي صعوبة حكم كوبا بدون الخلفية الثورية التي كان يجسدها الزعيم فيدل وشقيقه راؤول.

من هو دياز-كانيل؟

لم يكن ميغيل دياز- كانيل شخصية معروفة عند اختياره نائبا لرئيس مجلس الدولة في كوبا، عام 2013، لكنه أصبح بعد ذلك أبرز حلفاء ومساعدي الرئيس كاسترو.

خلال السنوات الخمس الماضية كان يتم إعداده للرئاسة وتسلم السلطة. وحتى قبل تسميته كأول نائب للرئيس، كان له مسيرة سياسية طويلة.

ولد في أبريل/ نيسان 1960، بعد قيام فيدل كاسترو بثورته الشيوعية وتوليه منصب رئيس الوزراء.

ودرس هندسة الكهرباء وبدأ مسيرته السياسية في بداية العشرينيات من العمر كعضو في رابطة الشباب الشيوعيين بمدينة سانتا كلارا.

وبينما كان يعمل مدرسا للهندسة في جامعة محلية، استطاع أن يرتقي في الحزب الشيوعي وخاصة في رابطة الشباب، وأصبح سكرتيرها الثاني وعمره 33 عاما.

وأشاد الرئيس راؤول كاسترو بـ"ثباته الأيديولوجي".

امتداد لنموذج كاسترو

ويقول مراسل بي بي سي ويل غرانت، من العاصمة الكوبية هافانا، إن ميغيل دياز يمثل انفصالا عن الماضي. فهو حتى لم يكن قد ولد عند قيام الثورة الشيوعية وجاء بعد أن تمكنت من السلطة.

ومع هذا فهو مازال يمثل امتدادا لنموذج كاسترو، خاصة سياسيا.

ويضيف غرانت أن رسالة الاستمرارية السياسية التي أكدت عليها الحكومة الكوبية منذ اللحظة التي تم فيها الإعلان عن تسليم السلطة أضاعت الكثير من الإحساس بالتجدد.

واحتفظ راؤول باثنين على الأقل من رجاله المقربين، في أواخر الثمانينيات من العمر، في مجلس الدولة.

ويوضح مراسل بي بي سي أن الاقتصاد سيكون التحدي الأكبر أمام الرئيس المقبل على المدى القريب، فيجب عليه أن يعالج سريعا نظام العملة المزدوج المعقد مع ضمان عدم ارتفاع معدلات التضخم بالنسبة للمواطن العادي.

كما يجب عليه محاولة تحفيز الاقتصاد الراكد. وسيقوم بكل هذا بدون نفس الدعم الشعبي الذي حظي به كاسترو.

هل سيقوم الرئيس الجديد بتغيير حقيقي؟

من غير المرجح أن يقوم ميغيل بأي تغييرات كبيرة على المدى القصير، خاصة وأن كاسترو يظل قوة سياسية لا يستهان بها.

ومن المتوقع أن تكون التغييرات تدريجية وبطيئة. إلا أن كاسترو أدخل إصلاحات بعد أن تولى منصب الرئيس، أبرزها هو ذوبان الجليد في العلاقات مع الولايات المتحدة وهو ما لم يكن متوقعا في ظل شقيقه فيدل.

وسيكون الرئيس المقبل مطالبا بالتعامل مع المشكلات الاقتصادية التي خلفها الانهيار الاقتصادي لحليفته فنزويلا، وكذلك إيجاد صيغة للعلاقة مع الولايات المتحدة في ظل حكم ترامب.

وفرض ترامب، العام الماضي، العديد من قيود السفر والتجارة على كوبا بعد أن خففها أوباما.

لكن سيكون الهم الأكبر للشعب الكوبي هو مدى قدرة الزعيم الجديد على تحسين حياتهم اليومية، وسيكون هذا العامل الرئيسي في حكمهم عليه.

وقالت ادريانا فالديفيا، 45 عاما، وهي مدرسة في هافانا لوكالة رويترز "في الوقت الحالي لا نعرف ما يخبئه المستقبل".

وأضافت "لقد انتهى راؤول، وفيدل أصبح تاريخا. لا استطيع أن أرى مخرجا لمساعدة الكوبيين على العيش بشكل أفضل، والرواتب هي نفسها ولا تكفي النفقات، والآن يقوم ترامب بتضييق الخناق مع الحصار، تخيل ذلك".

وقال ديدينيس سانابريا، 34 عاما، الذي يعمل في مطعم مملوك للدولة في العاصمة الكوبية "السياسة ليست الأمر الهام بالنسبة لي، لكنني لا أعتقد أن تغيير الرئيس سيغير حياتي".

كيف تعمل الجمعية الوطنية في كوبا؟

غالباً ما يُنظر إليها على أنها مجرد هيئة تقوم بدور الختم للتوقيع فقط على الأوراق، وتجتمع رسميا لأداء مراسم حلف اليمين لأعضائها البالغ عددهم 605 أعضاء، والذين تم انتخابهم الشهر الماضي.

كما يصوت أعضاؤها على تشكيل مجلس الدولة القوي، الذي يعمل رئيسه كرئيس للدولة والحكومة على حد سواء.

لطالما حافظت كوبا على واحد من أكثر الأنظمة الانتخابية شمولاً وأكثرها نزاهة في العالم، لكن المنتقدين يقولون إن هذا التأكيد مثير للضحك، حيث يشرف الحزب الشيوعي الحاكم على العملية بشكل كامل.

ولم يترشح أحد ضد أعضاء الجمعية الحاليين في الانتخابات التي جرت في مارس/ آذار الماضي.