لندن: ينتمي رجب طيب اردوغان الى رعيل من القادة السياسيين الذين يقدرون أهمية الانتخابات الديمقراطية في الظاهر لما تمنحهم من احترام لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن تسفر هذه الانتخابات عن هزيمتهم.

ومن هذه الناحية لا يختلف الرئيس التركي عن نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي. فان فكرتهم المشتركة عن الديمقراطية يمكن ان تُلخص بشعار "أنت تنتخب ، أنا أفوز" ، على حد تعبير صحيفة الغارديان في تقرير بمناسبة الاعلان عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في تركيا في 24 يونيو المقبل.

ويلاحظ التقرير ان اردوغان يبقى أقوى سياسي في تركيا منذ عشر سنوات أو أكثر على النقيض من تراجع مكانته وسمعته بإطراد على الصعيد الدولي. كما انه شخصية تقسيمية بعمق. وأظهر استطلاع اجرته مؤسسة متروبول مؤخراً ان 49.8 في المئة يؤيدونه مقابل ما يربو قليلا على 42 في المئة يعارضون سياساته. وحتى إذا كان هناك سياسي قوي بما فيه الكفاية لتحدي اردوغان فإن عقبات كبيرة تقف في طريقه.

ويشير التقرير في هذا الشأن الى ان اردوغان أبعد رفاقاً قدماء له مثل عبد الله غُل الرئيس السابق واحمد داود اوغلو رئيس الوزراء السابق ضامناً أن لا أحد في حزب العدالة والتنمية ينافسه. ومنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في صيف 2016 عمل اردوغان بمنهجية على تقويض مراكز القوة المنافسة له وتكميم وسائل الاعلام المستقلة واعتقال نواب مؤيدين للكرد وصحافيين وإقالة عشرات الآلاف من العاملين في الجهاز الاداري والأكاديميين والعسكريين وضباط الشرطة والقضاة بذريعة الأمن القومي.

وفي مثل هذه الأوضاع تكون احتمالات اجراء انتخابات تنافسية مفتوحة حرة ونزيهة احتمالات ضئيلة الى معدومة ، على حد وصف التقرير مؤكداً ان اردوغان كان ينتظر هذا اليوم طيلة حياته. فإن فوزه سيركز بيده كل سلطات النظام الرئاسي الذي اعُتمد بأغلبية طفيفة في معركة الاستفتاء المريرة على الدستور العام الماضي.

أقوى من أتاتورك

وباجراء الانتخابات قبل 18 شهراً على موعدها، سيحقق اردوغان أخيراً سيطرة مطلقة على كل الجوانب الأساسية للسياسة الداخلية والخارجية. وتقول صحيفة الغارديان في تقريرها إن اردوغان "سيصبح دكتاتوراً في كل شيء إلا الاسم ، ربما أقوى حتى من كمال اتاتورك ، الأب المؤسس لتركيا العلمانية الحديثة".

ويتابع التقرير ان القادة السياسيين في باريس وبرلين ولندن وواشنطن "لم يعودوا يرون صديقاً وحليفاً موثوقاً في انقرة بل يرون اوتوقراطياً يستغل المشاعر القومية والاسلاموية الجديدة وكراهية الأجانب وكراهية اوروبا والاحساس بانعدام الأمن بسبب الأزمة في بيت الجار السوري ، لتبرير انتهاكات صارخة ضد حقوق الانسان وتخريب مؤسسات الدولة وانتهاج سياسات معادية للاتحاد الاوروبي".

ورغم ان تركيا ما زالت عضواً في حلف الأطلسي فإنها متحالفة تحالفاً متيناً مع روسيا. وفي سوريا دعم اردوغان موسكو وطهران في العمل من اجل تسوية سياسية ومناطقية تُبقي نظام بشار الأسد في السلطة. وفي المقابل اعطت موسكو موافقتها الضمنية على العملية العسكرية التركية في عفرين شمال غرب سوريا استمراراً "لهوس اردوغان بالانتقام من كرد سوريا (والعراق)" ، كما جاء في تقرير الغارديان. 

وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول "ان بوتين وعلى سبيل المثال شي جينبنغ ، وهو رئيس آخر مدى الحياة في الصين ، قد يعجبان بصعود اردوغان المريب والمتشددين في ايران قد يصفقون له، ولكن الديمقراطيات الغربية التي يطمح الأتراك منذ سنوات في الاقتداء بها ، لن تفعل ذلك. وبنظرها فإن تركيا تقف بصورة متزايدة على الجانب الخطأ من السجال العالمي بين الحرية والتسلط". 

 

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/world/2018/apr/19/recep-tayyip-erdogan-turkey-president-election-dictator-seeks-total-control

 

.