تناقش صحف ومواقع عربية أصداء الضربة التي قادتها الولايات المتحدة على مواقع سوريِّة بعد هجوم كيميائي مُشتبه على بلدة دوما، ويلقي بعض المعلّقين الضوء على تقاريرَ تفيد بأن واشنطن طلبتْ أن تستبدل بالقوات الأمريكية في سوريا قوات عربية.

"اعتراف بالهزيمة"

يقول عريب الرنتاوي في "الدستور" الأردنية: "الدول المستهدفة بالطلب الأمريكي، لا تشاطر واشنطن الأولويات ذاتها، بل ولا تتشاطر هذه الأولويات فيما بينها ... القاهرة، تحتفظ بعلاقات عمل مع دمشق، وعلاقتها بموسكو وطيدة للغاية، وثمة ما يشي بأن مواقفها من إيران، تندرج في سياق مجاملة 'الأشقاء الخليجيين'. بين قطر وكل من مصر والسعودية، حرب شعواء، وعقوبات وحصار ... وبين مصر والسعودية، سيقع خلاف على قيادة هذه القوة العربية، في حال تمت الاستجابة لتشكيلها لتكون بديلاً عن القوات الأمريكية".

ويتابع: "إن وجود هذه القوة، وعلى مقربة من الحدود التركية السورية، سيشعل الأضواء الحمراء في أنقرة، التي يتردد في أوساطها القيادية أن واحدة من الدولة المستهدفة، كانت متورطة في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز 2016، وأن كل من الإمارات والسعودية ومصر، تناصب أنقرة العداء، بل وتدينها علنا، وبعض هذه الدول يدعم الحركات الكردية الانفصالية في سوريا. لا شيء سيمنع "حرب وكالة" مدعومة تركيًا ضد القوة العربية".

وفي "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية، يستبعد عبد الباري عطوان موافقة الدول العربية على إرسال قوات لسوريا، قائلا: "الأمر المُرجَّح أن تكتفي هذهِ الدُّول الخليجيّة الغَنيّة بتَقاسُم مبلغ الأربعة مِليار دولار الذي طَلبه الرئيس ترامب، وأن يتم إنفاق هذا المبلغ على قُوّات من مُرتَزقة شركة 'بلاك ووتر' التي تُقاتِل بعض وحداتِها في اليمن حاليا، مِثلما قاتَلت إلى جانِب القُوّات الأمريكيّة في العِراق".

ويتابع: "حديث ترامب عن الانسحاب من سوريا والبَحث عن قُوّات عربيّة، أو مُرتَزقة، للإحلال مَحلّها تحت ذَريعة مُحاربَة تنظيم الدولة الإسلاميّة أو داعش، ومنع إيران وحُلفائِها من مِلئ أيِّ فَراغ هو اعترافٌ بالهَزيمة أوّلا، وصُدور قرار أمريكي بالانسحاب من مِنطَقة الشرق الأوسط تَدريجيًّا أو كُلِّيًّا، وتَرك السَّاحةِ السًّوريّة للحَليفين الرُّوسي والإيراني ليَرتعا فيها كيفَما أرادوا".

"نفس السيناريو العراقي"

يقول أحمد الفراج في "الجزيرة" السعودية: "تزامنت الضربة الأمريكية الأخيرة على سوريا مع تطور لافت، في قضية التحقيق بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهي القضية التي تقلق الرئيس ترامب، منذ أن تم انتخابه رئيسا، قبل أكثر من عام، وعجز تماما عن إزاحتها من طريقه".

ويتابع: "هل أعطى ترامب الأمر بضرب نظام بشار الأسد لمعاقبته، بعد استخدامه للسلاح الكيماوي، أم أن الهجوم كان لصرف الأنظار عمَّا يجري في واشنطن من أحداث جسام؟! ونظرة فاحصة وموضوعية على الضربة العسكرية، التي شاركت فيها بريطانيا وفرنسا، توحي بأنها كانت محدودة للغاية، ويصح القول أنها كانت ضربة سياسية أكثر منها عسكرية".

ويقول علي نصرالله في "الثورة" السورية: "لا أحد يتوقع من أمريكا التي تقود حلف العدوان ضد سوريا أن تتراجع عن كل مواقفها وسياساتها وأحلامها وأطماعها ومخططاتها لمجرد أنها تعثرت أو فشلت أو أخفقت أو جُوبهت وقوبلت بردود فعل قوية مُقاومة لها في كل ما تَقدّم".

ويضيف: "الإنكار الأمريكي للمشهد في سوريا على سبيل المثال لا الحصر، وإصرار واشنطن على عدم الاعتراف به وتصميمها على تجاهله، ومُحاولتها القفز على كل المُتغيرات، حالةٌ قد تستطيع الاستمرار بها ووضعٌ قد تتمكن من إنكاره، لكن إلى حين، وبعد أن تستنزف مخزونها من مُفردات الكذب والتلفيق والتزوير، ومن مُمارسة مزيد من البلطجة".

ويقول ابراهيم البهي في "الأهرام" المصرية: "نفس السيناريو العراقي يعيد نفسه الآن في سوريا، ما زالت الأطماع الأمريكية مستمرة في المنطقة العربية، ولن يهدأ لهم بال إلا إذا قضوا على سوريا واستولوا على ثرواته من الغاز والبترول ومهدوا الطريق سياسيا لإسرائيل لتكون اللاعب الوحيد في المنطقة، وساعتها تكون قضية الجولان السورية قد انتهت إلى الأبد".

ويتابع متسائلا: "الغريب أن القمة العربية التي اختتمت أعمالها بالسعودية منذ أيام لم ترفض الضربة للعدوان الثلاثي ضد سوريا، والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة الآن؟ متى يتحرك العرب لإنقاذ سوريا والحفاظ على وحدتها وسيادتها وإنهاء الأزمة المستعرة منذ سنوات ويدفع ثمنها الشعب السوري وحده؟"