إيلاف من لندن: وقعت الإمارات العربية المتحدة واليونسكو والعراق اتفاقية تاريخية ستمنح الإمارات بموجبها 50.4 مليون دولار لاعادة بناء التراث الثقافي في الموصل وخاصة إعادة بناء مسجد النوري الكبير ومئذنته الحدباء اللذين فجرهما تنظيم داعش حيث اكدت وزيرة الثقافة الإماراتية إن إعادة بناء معالم العراق الأثرية هي عملية بناء لمستقبل أجيال عربية تنبذ الحروب وتؤمن بالتعددية والاعتدال.

ورحبت أودري أزولاي المدير العام لليونسكو بهذه الشراكة قائلة "هذه شراكة تاريخية أكبر تعاون غير مسبوق على الاطلاق لإعادة بناء التراث الثقافي في العراق". 

وأشارت إلى أنّ "دولة الإمارات تكون بذلك المكوِّن الرئيسي لمبادرة اليونسكو لإحياء روح الموصل فقضية التراث هي الروح الحية للمجتمع وهي فرصة فريدة لتعزيز الأمل والتماسك الاجتماعي ونقطة انطلاق للمهارات وتوفير وظائف للشباب ونحن ممتنون لكرم الإماراتيين الذي سيقدم نفعا لشعب الموصل وأشقائهم العراقيين".

وأشارت بعثة الامم المتحدة في العراق في تقرير لها ارسلت نسخة منه إلى "إيلاف" اليوم إلى أنّ المشروع الذي تموله الإمارات يتضمن ترميم وإعادة بناء المعالم التاريخية في الموصل على مدى خمس سنوات لا سيما مسجد النوري الرمزي ومئذنة الحدباء التي يبلغ طولها 45 متراً والتي بنيت قبل أكثر من 840 سنة.

وزيرة الثقافة الإماراتية: ندعم اعمار العراق بنصف مليار دولار

وخلال احتفالية في المتحف الوطني في بغداد أعلنت وزيرة الثقافة الإماراتية نورة الكعبي أن بلادها ستمول أعمال البناء بمبلغ قدره 50,4 مليون دولار. وقالت إن "المشروع ومدته خمس سنوات ليس لإعادة البناء فقط بل أيضا لإعادة الأمل لشباب العراق فهناك حضارة عمرها آلاف السنين ويجب الحفاظ عليها". ودعت الكعبي المجتمع الدولي إلى التكاتف لحماية مواقع التراث العالمي لا سيما في منطقتنا العربية التي شهدت وتشهد نزاعات وحروب وإرهاب". 

وشددت الكعبي على وقوف الإمارات قياد ًة وشعبا إلى جانب العراق وهو يتعافى من آثار الحرب المدمرة التي استهدفت إنسانه وكيانه وحجره وبشره، معتبرة أن هذا المشروع يتكامل مع التزام الإمارات المبدئي بدعم العراق بإجمالي 500 مليون دولار لمشاريع البنية التحتية والكهرباء والمساعدات الإنسانية وغيرها، في مؤتمر الكويت الدولي لإعمار العراق المنعقد في فبراير شباط الماضي حيث سيوفر المشروع أكثر من 1000 فرصة تدريبية ووظيفة للعراقيين. 

وأضافت "أن إعادة بناء معالم العراق الأثرية هي عملية بناء لمستقبل أجيال عربية تنبذ الحروب وتؤمن بالتعددية والاعتدال، كما هي عملية خلق فرص اقتصادية وإمكانات داعمة للسياحة الثقافية بما تعكسه من استدامة للتنمية وتطور وازدهار لمستقبل العراق".

وأوضحت الكعبي أن توقيع البلدين على هذه المذكرة سيدعم تبادل الزيارات بين المسؤولين عن الثقافة، وكذلك الكتاب والمفكرين في كلا البلدين وتبادل الكتب والمطبوعات وتبادل المشاركة في الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالآثار والتراث والفنون والمكتبات وتنظيم الأيام أو الأسابيع الفنية والثقافية وتبادل مجموعات فنون الأداء (فنون السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية) بين البلدين كما تركز الاتفاقية على تبادل المعلومات الببليوغرافية والتسجيلات الصوتية والمرئية المعبرة عن التراث والموسيقى والفنون في كلا البلدين.

ومن جهتها قالت ممثلة منظمة يونسكو لدى العراق لويز هاكستاوزن إن "هذا مشروع طموح، يحمل رمزية عالية لعودة الموصل والعراق". 

وأضافت أن "العمل بدأ بالفعل وهناك حماية للموقع الآن، انه محاط بحاجز حماية لمنع اي فقدان آخر للتراث". وأشارت إلى أن "التوقيع سيسمح بالانتقال إلى العمل بشكل سريع، فيجب أولا تطهير المسجد من العبوات، وإزالة الانقاض والتوثيق قبل البدء بإعادة بناء المسجد والمنارة".

 

وزيرا الثقافة في الإمارات والعراق وممثلة اليونسكو خلال مؤتمر صحافي

 

مسجد النوري بناءه وتدميره

ودمّر مسجد النوري ومنارته الحدباء المعلم الشهير في الموصل الذي يعود إلى القرن الثاني عشر في حزيران/يونيو عام 2017 واتهم الجيش العراقي تنظيم داعش بتفجيره وهو المسجد نفسه الذي شهد الظهور العلني الوحيد لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في عام 2014. 

ومسجد النوري، الذي يحمل اسمه من نور الدين الزنكي موحد سوريا الذي حكم الموصل لفترة وأمر ببنائها عام 1172 كان قد دمر وأعيد إعماره في العام 1942 في إطار مشروع تجديد.

والمنارة الحدباء للمسجد التي حافظت على هيكلها لفترة تسعة قرون هي المعلم الوحيد الباقي من المبنى الاصلي للمسجد وكانت المنارة المزينة باشكال هندسية من الطوب رمزا للموصل وقد طبعت صورتها على ورقة نقدية من فئة عشرة آلاف دينار عراقي.

وسعى تنظيم داعش قبل اندحاره في 2017 إلى أنّ يجعلها رمزا لحكمه بعد رفع رايته السوداء على قمة المنارة التي يبلغ ارتفاعها 45 مترا. وأعلن العراق استعادة السيطرة على الموصل في يوليو 2017 بعد حوالي تسعة أشهر من المعارك الدامية ضد تنظيم داعش.