«إيلاف» من الرياض: أجمع كتاب ومختصون بالعلاقات بين الاديان على ان الحوارات واللقاءات التي تجري بين رموز من مختلف الديانات ليست غايته تخلي أحد عن دينه بل أن هدفها محاربة الارهاب الذي يعتبر هدفا لجميع الديانات بالاضافة الى الاتفاقات الثنائية التي تخدم أتباع الديانات. فبعد توقيع رابطة العالم الإسلامي اتفاقية تعاون مع المجلس البابوي للحوار بين الأديان في دولة الفاتيكان والتي تهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف المشتركة وتضمنت إنشاء لجنة عمل دائمة بين المجلس البابوي والرابطة، تحدث عن جدوى وأهمية مثل هذه الإتفاقيات بالنسبة للمواطنين عدد من الكتاب والاعلاميين السعوديين، في الأمدين القريب والبعيد.

‎⁨سلطان الموسى⁩

زيارة تاريخية

قال الأستاذ سلطان الموسى الكاتب وعضو في اللجنة المشتركة لحوار الأديان في دولة الفاتيكان “إن رابطة العالم الإسلامي برئاسة الدكتور محمد العيسى قامت بجهود كبيرة الفترة الماضية لعقد وتنسيق مثل هذه الزيارات، فهذه الزيارة التاريخية التي حدثت تمت بعد العديد من الزيارات والإجتماعات التي عقدت”، وأضاف في حديث خاص مع إيلاف “أنه ففي سبتمبر الماضي كان هناك لقاء تاريخي بين بابا الفاتيكان والدكتور محمد العيسى ومن بعدها حدثت عدة زيارات للتنسيق حول أمور كثيرة من شأنها أن تعزز من قيمة الحوار بين أتباع الديانات، نشأ على اثرها توقيع الإتفاقية بين رئيس المجلس البابوي للفاتيكان الكاردينال توران وبين رئيس رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى”. 

و تكمن أهمية الزيارة لمكانة السعودية كونها مهبط الوحي وقبلة للمسلمين، وفي المقابل فإن الفاتيكان تشكل القوة الكاثوليكية للديانة المسيحية فعندما يبدأ الحوار مابين القوتين من الطبيعي أن تستجيب الأوطان الأخرى لما ينتج من الحوار مابين هذين الطرفين .

وأكد سلطان “ إن اليوم هناك العديد من المسلمين يعيشون في أوربا وكذلك العديد من المسيحيين يعيشون في العالم الإسلامي، ولابد أن يعرف كل طرف واجبات وحقوق الطرف الآخر”.

احترام الهوية

وقال “القضية ليس تقريب ما بين الأديان، فلا أحد من أتباع الديانات يريد أن يتخلى عن هويته الدينية بقدر ما يريد أن تحترم هويته وتحفظ حقوقه، فلابد أن ندرك أن هناك أمور مشتركة بين أتباع جميع الديانات واهم ما يجمع ما بينها هو محاربة الإرهاب والتطرف” .

و حول جدوى مثل هذه اللقاءات على المواطن البسيط مسلما كان أو مسيحيا ذكر الأستاذ سلطان أن كل مسلم ومسيحي في نفس الوقت سيصله أثر مثل هذه الاتفاقيات التي تتم ما بين رموز هذه الديانات، فعندما نشاهد العنف الموجود في الروهينغا فهذا الموضوع لا يتطلب لمناقشته أن تكون مسلما، فيكفي كونك انسانا أن تناقش أي قضية عنف أو مأساة على هذا الكوكب، فبالتالي هو حوار بشري انساني . 

وبين الأستاذ سلطان الموسى أهمية استقبال العاهل السعودي الملك سلمان لرئيس المجلس البابوي للفاتيكان لما لهذه الخطوة من دلالة واضحة على رؤية ثاقبة سياسية إلى جانب النظرة الدينية، اضافة إلى تأكيد أهمية دور أتباع الأديان والثقافات في نبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم. 

واستذكر سلطان جهود الحكومة في التواصل مع الأديان والثقافات الأخرى متواصلة من أيام المك عبدالله الذي أنشأ مركز الحوار الوطني والتي كانت له العديد من المساهمات الفكرية والحوارية، وقال “ لا ننسى قبل عام جهود الملك سلمان عند تدشينه مركز اعتدل المركز العالمي لمحاربة التطرف”. 

وختم بالقول” مانقوم به هو محاولة الوصول لنقطة حوار بيننا والمستفيد هو المسلم في كل مكان على وجه هذه المعمورة وذلك لا يتم عن طريق المفاهمة والحوار والتعايش”. 

سليمان الطريفي

تواصل أكثر

أما الشيخ سليمان الطريفي فقد تحدث لإيلاف عن أثر مثل هذه الزيارات والإتفاقيات قائلاً “إن البشرية ليست تجمعات معزولة عن بعضها فهي على مدار تاريخها الطويل تتفاعل مع بعضها وتتواصل، واليوم بحكم وبفضل ما وفره العلم الحديث من تقنيات صارت أكثر تواصلا وقربا وقدرة على تخفيف الحواجز ومن هنا فالبشرية على اختلاف أعراقها وأديانها ولغاتها تتواصل لأجل مصالحها، ولقد أدرك كثير من عقلاء البشر أنه لم يعد للغة الحرب والقوة والتغلب أثر في تغيير القناعات أو تحقيق مصالح الشعوب وبني الإنسان عموما أو دفع الأخطار التي تتهدد البشرية ونماءها وتقدمها فكان لابد من لغة العقل والحوار والتعايش بدلا من لغة الحرب والتقاطع، ولذلك كانت دعوة القرآن إلى الحوار الراقي والمجادلة بالتي هي أحسن مع الناس جميعا ومع أهل الكتاب على وجه الخصوص(ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة)(ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن). 

وأضاف: “ المطلوب منا كدولة ترعى للحرمين ودولة ترفع لواء الدعوة ونحن اليوم الدولة الأكثر تحديا في ابراز قيم الاسلام الاصيلة مقتدين بالنبي الكريم الذي استقبل وفد نصارى نجران في المدينة المنورة بل في مسجده وحاورهم وأكرم ضيافتهم بل مارسوا بعض طقوس شعائرهم في مسجده كما في بعض الروايات ومن هنا فنحن نسير على جادة مستقيمة قدوتنا فيها رسولنا الكريم”. 

وأكد “أن ما فعلته القيادة السعودية وعلى رأسها العاهل السعودي من استقبال وفد الكنيسة البابويه وحوارهم وتأسيس لغة مشتركة للمصالح وتجنب المفاسد هو عين الصواب في السير على هدي الرسول الكريم”.

وحول موقف المؤسسة الدينية في السعودية ذكر الشيخ سليمان: “أن المؤسسة الدينية السعودية فيها فقهاء يدركون مقاصد الاسلام ادراكا جيدا ويترسمون خطى النبي في التعامل مع النصارى فهم أدرى من غيرهم بهذا”.

وذكر الشيخ الطريفي أهمية مثل هذه الإتفاقيات فالعالم اليوم لا يواجه الارهاب وزعزعة الامن فقط بل يواجه إضافة الى ذلك تيارات تريد التنكر للفطرة والاطاحة بالاخلاق ومنظومة القيم لذلك على العائلة الابراهيمة التعاون في المشتركات التي تحقق مصالح الانسان وتمنع المفاسد والأخطار والدعوات التي تريد الاطاحة بقيم السماء وفي قراءاتنا للتاريخ لن ننسى موقف للنجاشي ملك الحبشة، فيفضل في استضافة المسلمين الأوائل الفارين بدينهم من اضطهاد قريش وهو آنذاك كان نصرانيا قبل أن يسلم، لقد كان هناك سابقو فضل لا تنسى لملك عادل وهكذا هو التعاون بين أرباب الاديان السماوية .