لندن: ما يجعلنا بشراً هو عقولنا وأفكارنا وعواطفنا. ولكن علماء يقولون ان البكتريا الموجودة في المعدة تغير ادمغتنا، ويدرس العلماء منذ فترة كيف تؤثر ترليونات الميكروبات التي تعيش فوق اجسامنا وداخلها على صحتنا البدنية. وهم يربطون الآن حتى امراضاً مثل الكآبة والتوحد والتنكس العصبي بهذه المخلوقات المجهرية.

وأعلنت فرق من العلماء انها على اعتاب ثورة تستخدم "ميكروبات المزاج" لتحسين صحتنا العقلية. وأطهر باحثون في جامعة كيوشو اليابانية أن فئران اختبار خالية من الجراثيم أو لم تتعرض ابداً الى ميكروبات كانت تنتج من هرمون التوتر العصبي والضغط النفسي حين تكون في وضع صعب ضعف الكمية التي تنتجها فئران طبيعية في نفس الوضع. وكانت الفئران متطابقة في كل شيء ما عدا وجود الميكروبات في مجموعة منها.

وكانت نتائج الدراسة أول مؤشر الى امكانية استخدام "الطب الميكروبي" لعلاج مشاكل الصحة العقلية بعد دراسات عديدة ربطت الفئران الخالية من الميكروبات بتغيرات في سلوكها وحتى في تكوين أدمغتها. 

ولكن تربية فئران في بيئة معقمة خالية من الميكروبات تختلف عن العالم الحقيقي حيث نتعرض باستمرار في بيئتنا الى الميكروبات بحيث لا يوجد أحد خال منها. 

وبحسب العلماء فان الميكروبات المفيدة صحياً هي الميكروبات المتنوعة من اجناس مختلفة تعيش في انحاء جسمنا.

تنوع البكتيريا

ويقول البروفيسور تيد دينان من مستشفى جامعة كورك الايرلندية ان الفرق بين الشخص المريض بالكآبة والشخص السليم هو الفارق بين تنوع البكتريا في كل منهما. واوضح البروفيسور دينان ان هذا الفارق لا يعني انه السبب الوحيد للكآبة لكنه يقوم بدور في وقوع الاصابة بالكآبة بالنسبة لكثير من الأفراد.

ويرى البرفيسور دينان ان نمط الحياة الذي يضعف البكتريا الموجودة في معدتنا مثل النظام الغذائي الفقير بالألياف يزيد خطر الاصابة بالكآبة.

وهناك أدلة تربط الميكروبات والمعدة والدماغ بمرض باركنسون وهو اضطراب عقلي يؤدي الى فقدان سيطرة المريض على عضلاته بسبب موت خلايا الدماغ.

ويقول البروفيسور سركيس مزمانيان المختص بالبيولوجيا الجرثومية الطبية في جامعة كاليفورنيا التكنولوجية ان لبكتريا المعدة دوراً في مرض باركسنون. وصرح البروفيسور مزمانيان لبي بي سي "ان التغيرات التي تحدث في بكتريا المعدة تقف وراء اعراض مرض الجهاز الحركي وانها ذات طبيعة سببية على ما يبدو".

واضاف ان هذا اكتشاف مثير "لأنه يتيح لنا استهداف بكتريا الجسم كطريق يفضي الى علاجات جديدة". 

التغيير نحو الأفضل

كل هذا يشير الى انه إذا كانت الميكروبات تؤثر على ادمغتنا فان بالامكان تغييرها نحو الأفضل. وافادت تقارير بأن محللين نفسيين يصفون الآن ميكروبات لتقوية الصحة العقلية. وقالت الدكتور كيرستن تيليش من جامعة كاليفورنيا في لوس انجيليس ان المطلوب دراسات أوسع لتحديد انواع البكتريا التي تؤثر على الدماغ. واضافت "من الواضح ان هناك علاقة ومن المثير جداً أن نعتقد ان هناك طريقاً جديداً بالكامل لمساعدة المرضى وربما حتى توفير وقاية من المرض" بواسطة الميكروبات في الجسم.

يقول العلماء ان الغذاء الذي نأكله والحيوانات الأليفة التي تعيش معنا والعقاقير الطبية التي نتناولها والطريقة التي نولد بها كلها تغير الميكروبات التي تعيش في اجسامنا. ويتوقع بعض العلماء ان يكون تقييم البكتريا التي تعيش داخلنا من مهمات الطبيب حين نراجعه لفحص مستوى الكولسترول خلال السنوات الخمس المقبلة. وأعلن البروفيسور جون كرايان من جامعة كورك الايرلندية ان البكتريا الموجودة في اجسامنا "هي المستقبل الأساسي للطب المشخصن".

 

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بي بي سي". الأصل منشور على الرابط التالي

http://www.bbc.co.uk/news/health-43815370