تونس: بدأ التونسيون الاحد الادلاء باصواتهم بحماسة في اول انتخابات بلدية تجري في البلاد منذ ثورة 2011 لترسيخ المسار الديموقراطي في البلد الوحيد الناجي من تداعيات الربيع العربي.

وتجرى الانتخابات في ظرف اقتصادي وسياسي صعب ومن المنتظر ان تفرز جيلاً جديداً من السياسيين الشباب الذي ترأس القوائم المرشحة لادارة أول مجالس بلدية حرة ومستقلة.

ووفقا لمراسل فرانس برس انطلقت عملية الاقتراع عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (7,00 ت غ) باقبال ضعيف من ناخبين جلهم من كبار السن.

واعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ان نسبة المشاركة عند حدود الساعة العاشرة صباحا (09.00 ت غ) بلغت نحو 4,5 في المئة.

كما قررت هيئة الانتخاب في بيان نشرته على موقعها الاحد تقليص ساعات فتح 172 مركز اقتراع لتفتح من التاسعة صباحا (08.00 ت غ) وتغلق الرابعة مساء (15.00 ت غ) في محافظات حدودية هي الكاف وجندوبة (شمال غرب) وسيدي بوزيد (وسط) والقصرين (وسط غرب) ولم تبين سبب ذلك.

ويتولى نحو 60 الف عنصر من قوات الامن والجيش ضمان امن مراكز الاقتراع في بلد لا يزال في ظل حالة الطوارئ منذ الاعتداءات الدامية التي وقعت في 2015.

دعوة للتصويت بكثافة

دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عند توجهه للادلاء بصوته، التونسيين الى ممارسة واجبهم الدستوري.

وقال "هذا واجب دستوري وواجب وطني. اليوم، ولو ان الوقت مبكر، وان شاء الله الشعب التونسي بتمامه وكماله يؤموا مراكز الاقتراع للقيام بهذا الواجب ويوجهوا رسالة للتونسيين والعالم ان تونس انتهجت المنهج الانتخابي (...) نحن في الاتجاه الصحيح".

واشار الباجي الى ان "هذه مرحلة هامة ولكن هناك مراحل اخرى ستأتي منها الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019".

يوجد في الاجمال 11185 مكتب اقتراع فيما يبلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 5,3 ملايين، وتجري الانتخابات في دورة واحدة، وأمام المُنتَخبين مهلة حتى منتصف حزيران/يونيو لاختيار رؤساء البلديات.

من جهته قال رئيس حزب "النهضة" راشد الغنوشي عند الادلاء بصوته "هذا ما اراده الشعب اقامة حكم محلي عبر انتخابات نزيهة، هذا حدث عظيم في تاريخ تونس هذا يوم من ايام الديموقراطية الاسلامية في تونس".

ووجه الغنوشي دعوة للشباب التونسي للتصويت، قائلا "نأمل ان الشباب التونسي يقبل على صناديق الاقتراع ويعبروا عن ارادتهم ويعطوا رسالة للعالم ان الديمقراطية فعالة بالرغم من الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الشباب التونسي ونحن اليوم لم نمسك بمفتاح التقدم والتنمية والشعب التونسي عملاق مكبل". 

كما وجه رئيس الحكومة يوسف الشاهد دعوة للتونسيين للتصويت بكثافة قائلا "ادعو الناس للتصويت، لا تتركوا من يقرروا بدلكم للخمس سنوات القادمة (...) يجب التصويت بكثافة".

وقال نائب رئيس البرلمان الاوروبي فابيو كاستالدو رئيس بعثة المراقبين التي ارسلها الاتحاد الاوروبي الى تونس ان هذه الانتخابات "خطوة مهمة من اجل استقرار البلاد والتطبيق الكامل للدستور ولكي تكون نموذجا للعالم العربي".

وقال رضا كوكي (58 عاما) الذي التقته فرانس برس في مكتب اقتراع بالعاصمة تونس "هذا حق وواجب... بالرغم من ان الأمل ضئيل ولا يوجد لا مشاريع والبرامج كلها قصص خاوية، جئت للانتخاب". 

بدوره قال شكري العلوي (45 عاما) لفرانس برس اثر خروجه من مكتب الاقتراع بعد التصويت "انا هنا منذ الساعة السابعة ونصف صباحا والانتخاب يشعرني بالفخر، وهو رسالة للسياسيين لنقول لهم نحن متواجدون وقد انتخبنا ودوركم الآن لتبينوا لنا ما ستفعلونه من أجلنا".

ووفقا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، يتنافس اكثر من 57 الف مرشح نصفهم من النساء والشباب ضمن نحو 2074 قائمة انتخابية، على 350 مجلس بلدي موزعة على كامل البلاد. وهناك 1055 قائمة حزبية و159 ائتلافية و860 مستقلة.

ويأمل جزء من التونسيين في ان يتحسن الوضع خصوصا في ما يتعلق بالنظافة والنقل والتنمية.

وإثر ثورة 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، عينت الحكومة الانتقالية مجالس فشلت في غالب الاحيان في تحقيق مطالب التونسيين.

امتيازات

ستمكن هذه الانتخابات من تكريس مبدأ لامركزية السلطة التي نص عليها الدستور التونسي وهي من مطالب الثورة التي انطلقت من المناطق المهمشة في البلاد.

وخلال حكم الحزب الواحد، كانت قرارات البلديات تخضع لادارة مركزية غالبا ما تكون موالية للحزب الحاكم. 

وصادق البرلمان نهاية نيسان/ابريل الفائت على قانون الجماعات المحلية الذي سيمنح البلديات للمرة الاولى امتيازات مجالس مستقلة تُدار بحرية وتتمتع بصلاحيات واسعة.

ويرجح خبراء أن حزبي "النهضة" الاسلامي و"نداء تونس" الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي سيتصدران النتائج في عدد من المناطق، بحكم أنهما الوحيدان اللذان قدما قوائم في 350 بلدية في كامل البلاد. 

واكدت "النهضة" رغبتها في مواصلة نهج التوافق الوطني مع حزب "نداء تونس" على المستوى المحلي.

ومن المنتظر ان تفرز هذه الانتخابات جيلا جديدا من السياسيين قبل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019.