إيلاف من القاهرة : في خطوة تعد الأولى من نوعها لصرح ديني تعليمي، قامت جامعة الأزهر باستحداث نشاط فني، واطلقت فريقا غنائيا يضم 16 طالبا وطالبة، ليمثلوا الأزهر في المسابقات الفنية، الأمر الذي أشعل نقاشا واسعا بين أوساط دينية مؤيدة وأخرى معارضة لشرعية العمل.

وسادت حالة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض لتشكيل الأزهر لأول فريق غنائي ،حيث رفض أزهريون وسلفيون الفكرة من الأساس باعتبار ذلك موافقة صريحة من الأزهر على شرعية الموسيقى ، في حين يرى الفريق المؤيد أن تلك الخطوة تعتبر مبادرة طيبة من الأزهر بالانفتاح على الفن.


أول فريق غنائي

وأطلقت جامعة الأزهر مؤخرًا، أول فريق غنائي لها من 16 طالبًا وطالبة، وشارك الفريق في مهرجان الفنون والإبداع الذي نظمته جامعة الأزهر، وقدّم على مسرح مركز الأزهر للمؤتمرات عرضًا غنائيًا (كورال) في وجود قيادات مشيخة وجامعة الأزهر البارزين .

وخلال الحفل الغنائي ارتدت الفتيات الحجاب والفساتين الزهرية بينما ارتدى الشباب البدل السوداء، وغنوا أربع أغانٍ إلزامية لكافة فرق الجامعات المشاركة : "شباكنا ستايره حرير" للفنانة شادية، "يا أغلى اسم في الوجود" لنجاح سلام ، "الحلو داير شباكها" للفنان محرم فؤاد، "ليه تشغل بالك ليه " للفنان عبدالحليم حافظ، وجميعها من ألحان محمد الموجي، إضافة إلى أغنية من اختيارهم هي موشح "يا شاغلي بالحسن بدرُ".

تحت إشراف المحترفين

واستعانت جامعة الأزهر بمايسترو محترف لتدريبهم ، إضافة إلى أستاذة تربية موسيقية في إحدى الجامعات الحكومية للإشراف على النشاط الجديد، وإضفاء الاحترافية على الفريق، حيث لا يوجد في جامعة الأزهر أي من هذه الكليات الفنية.

ويدرس أعضاء الفريق الغنائي بكليات الطب والهندسة وكليات أخرى من كليات القمة بجامعة الأزهر .

مسابقة "إبداع"

وكانت مسابقة "إبداع" التي تقيمها وزارة الشباب والرياضة المصرية لطلاب الجامعات المصرية منذ ست سنوات، أولى التجارب التي ظهر فيها فريق "الكورال الجديد"، وحصل الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 و22 عامًا على المركز الثاني.

 

دعم كامل

 وقالت مسئولة النشاط الفني بجامعة الأزهر ابتسام زيدان :" إن الفريق جرى تشكيله في مطلع العام الدراسي 2017-2018، بعدما فتح النشاط بابه لاستقبال الطلاب ممّن لديهم موهبة "الغناء"، ومن بين نحو 600 طالب وطالبة تقدّموا جرى اختيار 16 منهم ، نصفهم من الفتيات؛ ليمثلوا الأزهر في المسابقات الفنية".

مشيرة إلى أن النشاط الفني بالجامعة ، كان مقتصرًا على الرسم والفنون الشعبية والفن التشكيلي.

نقلة نوعية
من جهته، أشاد الطالب عبد الله سعد ،عضو بفريق الغناء ، بالتجربة باعتبارها تمثل نقلة نوعية كبيرة تجاه نظر الأزهر للفن والغناء والموسيقى ، مشيرًا إلى أن جامعة الأزهر ولأول مرة تفكر قياداتها في ضرورة اكتشاف المواهب المختلفة دون ربطها بالحرام والحلال .

وقال عضو فريق الغناء :" إن الجامعة وفرت للمشاركين أثناء التدريب على البروفات جميع الإمكانيات، واستعانت بمدربين محترفين هما المايسترو حسن فكري، والدكتورة نهلة بكير أستاذة التربية الموسيقية بجامعة حلوان".

 
نموذج حقيقي

بدوره أكد الدكتور عباس شومان ، وكيل الأزهر ، أن الأزهر شهد خلال الفترة الماضية تغيرًا كاملًا في توجهاته، في إطار ضرورة الانفتاح على العالم دون أن يتعارض ذلك مع ثوابت الشريعة الإسلامية ،وهذا الفكر يصب بشكل مباشر نحو تجديد الخطاب الديني .

وأضاف شومان "إن الأزهر لم يحرم الفن بل يساند دائمًا الإبداع والفنون بشرط تجنب الإسفاف والفتنة ، ويلامس مشكلات المجتمع والناس، ويرتقي بالذوق العام ".

مشيرًا إلى أن اكتشاف المواهب الغنائية والتمثيلية بين طلاب المعاهد والكليات ولأول مرة يؤكد التوجه الجديد المتبع الآن داخل الأزهر بشكل عام، ونحن حريصون على تقديم النموذج الحقيقي في الغناء والتمثيل للآخرين.

نحو الأفضل

من جانبه أشاد الدكتور محمد عبد التواب، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بالخطوة التي قامت بها جامعة الأزهر بتشكيل فريق غنائي يمثلها في المسابقات الفنية .
وأكد أن الدراسة بالأزهر لا يجب أن تركز فقط على العلوم الشرعية، إذ لابد من الاهتمام بالأنشطة، واكتشاف المواهب بين الطلاب، بحيث يسهم ذلك في زيادة الإقبال على التعليم الأزهري وتغيير صورة الإسلام في الخارج.

مشيرًا إلى أنه لا يوجد نص قطعي يحرّم الغناء، فقد روى الصحابة " أن جاريتين للسيدة عائشة كانتا تغنيان وحينما سمعهما الرسول خرج من المنزل ولم ينه عنه".

الغناء حرام

على نقيض كل المؤيدين للنشاط ،انتقدت بعض التيارات السلفية تشكيل أول فريق غنائي داخل جامعة الأزهر، حيث أكد الشيخ خالد الشربيني (عضو بارز بالدعوة السلفية ) أن الغناء والموسيقى حرام شرعًا، ومن أدلة التحريم في القرآن الكريم ما قاله الله عزّ وجلّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)، و قال ابن عبّاس في تفسير الآية القرآنية إنّ (لهو الحديث) هو الغناء، وقال الحسن البصريّ : " بأنّ الآية نزلت في الغناء والمزامير".

مشيرًا إلى أن اكتشاف المواهب أمر حث عليه الإسلام بشرط عدم التعارض مع القرآن والسنة المحمدية وما جاء في كتب السيرة ، والأزهر يمثل الوسطية فيجب عليه ألا يخالف شرع الله من أجل تلبية الضغوط الخارجية ، وهناك أنوع كثيرة من النشاط يمكن ممارستها داخل الجامعة بعيدًا عن الغناء والتمثيل .