فيما يشهد العراق حاليًا حراكًا سياسيًا واسعًا ومفاوضات بين الكتل الفائزة في الانتخابات الأخيرة لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي تشكل الحكومة الجديدة فقد حددت المحكمة الإتحادية العليا اليوم المفهوم الدستوري لهذه الكتلة وتكوينها موضحة أن هذه الشروط جاءت بسبب الظروف المحيطة بكتابة الدستور عام 2005 ولخلق نوع من التوازنات والتفاهمات بين كتل مجلس النواب.

إيلاف من لندن: شرح المتحدث باسم المحكمة الاتحادية اياس الساموك المفهوم الدستوري للكتلة النيابيّة الأكثر عدداً التي ستشكل الحكومة الجديدة مشيرًا في بيان صحافي تابعته "إيلاف" إلى أنّ المادة (76/ أولاً) من الدستور نصت على (يكلّف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية)، ويظهر جلياً أن هذه المادة الدستورية حسمت موضوع تشكيل الحكومة ومن يكلف بتشكيلها وذلك من خلال التالي:

أولاً: أن مفهوم "الكتلة النيابية الاكثر عدداً" وجدته المحكمة الاتحادية العليا واضحاً وصريحاً في المادة (76) من الدستور.

من هي الكتلة الاكبر؟

وأوضح أن تسمية الكتلة النيابية بـ(الأكثر عدداً) تنطبق على الكتلة النيابية التي تتفوق على بقية الكتل من حيث عدد النواب التي تضمها. وبين ان إرادة المشرع الدستوري لم تكن متجهة إلى منح القائمة الانتخابية حق تشكيل الحكومة بمجرد فوزها عددياً في الانتخابات ولو أراد ذلك لنص عليه صراحة كأن يأتي النص على النحو الآتي: (يكلف رئيس الجمهورية مرشح القائمة الفائزة او الكيان الانتخابي الفائز عددياً في الانتخابات بتشكيل مجلس الوزراء..." كما هو موجود في دساتير بعض الدول وأن منح حق ترشيح من يشكل الوزارة إلى مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددًا وضع عن قصد قد يتعلق بالظروف المحيطة بكتابة الدستور وخلق نوع من التوازنات والتفاهمات بين كتل مجلس النواب.

وأكد المتحدث أنه لا يوجد ما يمنع دستورياً أن تشكل القائمة الفائزة بالانتخابات الوزارة إذا بقت هي الكتلة الأكبر ودخلت مجلس النواب وأصبح الفائزون فيها نواباً وبعدد يفوق على نواب بقية الكتل وحينها سيتحول وصفها القانوني من قائمة فائزة إلى (الكتلة النيابية الأكثر عدداً) وتُكلّف بتشكيل الوزارة على أساس عدد نوابها.

وقال إن المحكمة الاتحادية العليا عندما أصدرت حكمها بالرقم (25/ اتحادية/ 2010) المتضمن تفسير (الكتلة النيابية الأكثر عدداً)، فأنها استندت إلى صراحة ودلالة نص المادة (76) من الدستور وإلى مفهوم النائب وشروط صيرورته (نائباً) ولا يحق لها أن تستبدل نصها أو مفهومها ولا تستطيع تخطي قصد المشرع الدستوري الذي توضح عنه؛ لأنها ملزمة بتفسيره استناداً إلى اختصاصها المنصوص عليه في المادة (93/ ثانياً) من الدستور وعلى هذا الاساس تم تكليف د. حيدر العبادي بتشكيل الحكومة عام 2014، بعدما جرى ترشحيه من التحالف الوطني الذي كان يشكل الكتلة النيابية الأكثر عدداً.

وتابع قائلا إن المحكمة الاتحادية العليا وضعت ضابطاً بخصوص (الكتلة النيابية الاكثر عدداً) بأنها التي تتشكل في الجلسة الاولى لمجلس النواب التي تنعقد برئاسة اكبر الاعضاء سناً وتسجل هذه الكتلة رسمياً بأنها الاكثر عدداً وهذا يعالج موضوع في غاية الاهمية، فلا يمكن لكتلة ما الادعاء بأنها تحمل هذه الصفة لمجرد الاعلان في وسائل الاعلام انما توثيق ذلك رسمياً في مجلس النواب. 

وأشارإلى أنّه لا يوجد ما يمنع أن يكون المكلف بتشكيل الوزارة من (القائمة الفائزة في الانتخابات) إذا ما اريد ذلك اذا عدلت المادة (76) الدستور على النحو المطلوب وفق الاليات المنصوص عليها في المادة (142) منه.

كيف يصبح المرشح الفائز نائبا برلمانيا؟

وقال إن نص المادة (76) من الدستور أشار إلى (الكتلة النيابية) وهي الكتلة التي تتكون من نواب في تجمع معين يعلن عنه في مجلس النواب والنائب هو من يتخطى المراحل التالية:

1. الفوز في انتخابات عضوية مجلس النواب.
2. المصادقة من المحكمة الاتحادية العليا على توفر الشروط فيه.
3. ترديده القسم المنصوص عليه في المادة (50) من الدستور.

وختم المتحدث الرسمي للمحكمة الاتحادية العراقية العليا بالإشارة إلى أنّ النائب عندها يتصف بالصفة النيابية وينال الحصانة وبقية الامتيازات البرلمانية المنصوص عليها في المادة (63) من الدستور لكنه قبل إكمال هذه الشروط لا يستطيع الفائز في الانتخابات أن يمارس دوره التشريعي والرقابي المنصوص عليه في الدستور، ذلك أن مجرد الفوز وحده لا يكفي لكي يأخذ الفائز صفة (النائب).

وكان ائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي قد فاز في انتخابات عام 2010 لكن القوائم الانتخابية الشيعية الفائزة انضمت إلى بعضها وشكلت التحالف الوطني الشيعي الذي كون الكتلة البرلمانية الاكبر التي انتزعت منصب رئاسة الحكومة من العراقية.

الصدر: الرئاسات ليست مغنمنا ولا مطلبنا

واليوم الاربعاء أكد زعيم التيار الصدري رئيس تحالف سائرون الفائز في الانتخابات الاخيرة مقتدى الصدر استياءه من تنافس الأحزاب والأطراف العراقية الفائزة في الانتخابات على مناصب الرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة.

ونوه الصدر في تغريدة له على حسابه في "تويتر" قائلا "أتقولون على العراق ما لا تعلمون أم انكم لأحزابكم تحبون وللشعب لا تنظرون ولرأي المرجعية لا تنظرون". واضاف "أفما آن الاوان لكي نبني 
وللشعب ننحني وللصعاب نثني وبالخدمات نعتني فالرئاسات ليست مغنما ولا مطلبا انما نحن كبار الوطن وكبير القوم خادمهم وللشعب عاملهم وللاقليات ناصرهم فيا ايها الليل الطويل انجلي بصبح وذاك الصباح منك بأمثل". 

يشار إلى التوافقات السياسية وتوزيع المناصب على اساس المحاصصة المذهبية والقومية في العراق منذ سقوط النظام السابق عام 2003 يقتضي ان يكون رئيس الجمهورية كرديا ورئيس البرلمان سنيا ورئيس الحكومة شيعيا.

وفيما يلي كيفية تشكيل الحكومة وفقًا للدستور العراقي الذي يحدد مهلة 90 يومًا للعملية، بعد الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات البرلمانية:

- بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائجها، يدعو رئيس البلاد فؤاد معصوم، البرلمان الجديد للانعقاد خلال 15 يومًا من إعلان النتائج.
- وينتخب النواب رئيسًا للبرلمان ونائبين له بالأغلبية المطلقة في الجلسة الأولى، ثم ينتخب البرلمان رئيسًا للجمهورية بأغلبية ثلثي النواب خلال 30 يومًا من انعقاد الجلسة الأولى.
- ويكلف الرئيس الجديد مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة، ويكون أمام رئيس الوزراء المكلف 30 يومًا لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان للموافقة عليها.
- ويتعين على البرلمان الموافقة على برنامج الحكومة وعلى كل وزير على حدة في تصويت منفصل بالأغلبية المطلقة.

وكانت المفوضية العليا للانتخابات العراقية قد اعلنت السبت 19 من الشهر الحالي نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 من الشهر نفسه حيث تصدر النتائج تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر بحصوله على 54 مقعدا تلاه قائمة الفتح الممثلة للحشد الشعبي بزعامة رئيس منظمة بدر هادي العامريبنيلها 47 مقعدا ثم حل ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي ثالثا بنيله 42 مقعداً.

أما إئتلاف دولة القانون بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي فقد حصل على 26 مقعداً وبعده الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني بنيله 25 مقعداً فيما حصل ائتلاف الوطنية بزعامة نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي على 21 مقعدًا بينما نال تيار الحكمة الوطني بزعامة عمار 20 مقعدا والاتحاد الوطني الكردستاني 18 مقعدا فيما حصل تحالف القرار العراقي بزعامة نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي على13 مقعدًا.