تستمر الاتصالات بين روسيا والأردن والولايات المتحدة الأميركية لعقد إجتماع في عمان حيث سيكون مقدمة للحد من النفوذ الإيراني في سوريا، فما هي حيثيات هذا الإجتماع وما هي نتائجه المرتقبة على لبنان والمنطقة؟


إيلاف من بيروت: تستمر الاتصالات بين روسيا والأردن والولايات المتحدة الأميركية لعقد إجتماع في عمان ويتم الحديث أنه سيكون مقدمة للحد من النفوذ الإيراني في سوريا.

ويعقد نواب وزراء الخارجية روسيا والولايات المتحدة والأردن اجتماعا لبلورة "صفقة الجنوب السوري" بما يضمن ابعاد إيران عن الجولان المحتل وسيطرة قوات النظام والشرطة العسكرية الروسية على المناطق الجنوبية، في وقت كررت طهران تمسكها بـ "استمرار وجودها في سوريا"، فيما استنفرت الفصائل العسكرية في درعا تحسباً لعمل عسكري.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن مصدر مطلع قوله: إن "الاجتماع الثلاثي الروسي– الأميركي- الأردني حول منطقة خفض التصعيد الجنوبية، سيعقد الأسبوع الجاري على مستوى نواب وزراء الخارجية، وسيشارك من الجانب الروسي نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف".

ويأتي ذلك الإعلان غداة تفاهمات جرت على هامش لقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظيره الإسرائيلي، في موسكو.

وكشف السفير الإسرائيلي في موسكو غاري كورين أن شويغو وليبرمان، بحثا في لقائهما الوجود الإيراني ومنطقة خفض التوتر في سوريا. وقال: "اللقاء كان جيداً، ليبرمان كان راضياً، وقد بحث الطرفان التفاصيل المرتبطة بالتواجد العسكري الإيراني في سوريا ومنطقة خفض التوتر الجنوبية".

وأعرب عن ثقة تل أبيب في "تفهم موسكو مصالحنا وإدراكها أن إسرائيل ليست مهتمة بالدخول في أعمال عسكرية، لكن لن نصبر على التحركات الإيرانية في سوريا".

حول هذا الموضوع يؤكد الإعلامي والكاتب عادل مالك لـ"إيلاف" أن هذا العنوان يبقى محوريًا يشمل كل دول الإقليم، والإجتماع المرتقب في الأردن هو نوع من إعادة تموضع إقليمي ودولي تجاه الحرب في سوريا وهي تدخل عامها الثامن.

ويلفت مالك إلى أن العنوان العريض يبقى أن المعارك الكبيرة في سوريا قد ولى زمنها والبديل عنها بعض التوترات الإقليمية في أدق عملية شد حبال بين القوى الإقليمية والدولية، وإيران تريد أن تُعامل كجزء من الحل وليس من المشكلة في المنطقة لكن لأي مدى الدول الإقليمية والولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تتوصل إلى صيغة معينة لجهة الإعتراف بقوة إيران الإقليمية، وعدم السماح لإيران بتحريك بعض الإنجازات السياسية والعسكرية في المنطقة؟

حزب الله ولبنان

وردًا على سؤال كيف يتأثر حزب الله وبالتالي لبنان بحال تم إخراج النفوذ الإيراني من سوريا، يؤكد مالك أنه علينا أن نميز في هذه الفترة بين المادة الإخبارية المستندة إلى معلومات، وبين نوع من التقديرات البعيدة عن منطق الأمور، في سنوات طويلة ساد في المنطقة الواقع التالي: لا يمكن خوض الحرب بدون مصر ولا يمكن التوصل الى سلام بعيدًا عن سوريا، الوضع الأول لم يعد قائمًا فمصر معروف تعاطيها مع عملية كامب ديفيد والتعاطي مع إسرائيل، لكن في المقابل هنالك قوة وازنة في المنطقة أكثر من دولة تريد أن يكون لها نوع من مرجعية معينة على صعيد الحلول الإقليمية.

ويتابع مالك :" في جانب آخر ما سينشأ عن سوريا لا يزال يخضع للكثير من التجاذبات الإقليمية والدولية، بعد سنوات من الحرب في سوريا كل طرف يريد أن يحصل على جائزة ترضية معينة للتدخل القائم حاليًا في المنطقة.
وقد جربت القوى الإقليمية القيام بتهدئة الأمور في المنطقة، لكن عمليًا التجاذب ما بين الدول لا يزال قائمًا، وعلينا أن نأخذ بعين الإعتبار أن دونالد ترمب، يبقى رمزًا من رموز أقصى اليمين المتطرف، وفريق ترمب فشل حتى الآن في التوصل إلى حل معين ليحفظ لأميركا بعضًا من نفوذها في المنطقة وكي لا يفسح في المجال أمام الطموح الروسي الذي يمثله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لذلك، يتابع مالك، الإجتماع المقبل في الأردن يندرج تحت هذه العناوين، يجب أن نستشعر المخاطر الآتية، عند تصفية العديد من النزاعات والحروب في المنطقة، يمكن القول إن المنطقة برمتها مقبلة على نوع من الإستقرار المرحلي لأنه لا يمكن للساحة الإقليمية أن تبقى رهينة لعبة الكبار، في ما يتصل بسوريا والواقع الإيراني من جهة أخرى.

ويلفت مالك إلى أن إسرائيل حصلت وسوف تحصل على مواقع متميزة في سوريا ما بعد الحرب، وقالت الخارجية الأميركية في رسالة لم تنشر تفاصيلها بعد، لكنها معلومة أكيدة وهي أن واشنطن أعلنت للرئيس السوري بشار الأسد أنك "ربحت الحرب ربما، لكن هل ستربح السلام؟".

مصلحة إسرائيل

عن مصلحة إسرائيل من خروج النفوذ الإيراني من سوريا خصوصًا مع استمرار الحديث عن حرب محتملة بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية، يلفت مالك إلى أن إسرائيل لا تزال تحتمي منذ فترة طويلة باللعبة الإقليمية والدولية وألا يكون على حدودها لا جغرافيًا ولا سياسيًا ما تعتبره عدوًا للمنطقة بكاملها، من هذا المنطلق خلال اجتماع الأسد منذ أيام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تم التوافق على أمرين، الأول التعجيل في إعداد دستور جديد لسوريا ما بعد الحرب، ومن ثم العمل على إعادة اعمار سوريا من جديد، والموضوع الثاني إسرائيل تحت الأعذار وطلب الحماية تريد ان تستأثر بسيطرتها على هذه المنطقة.

وإسرائيل يهمها الحفاظ على أمنها ولكن يقول الخبراء في السياسة والشؤون الإستراتيجية أن دولة واحدة لا تستطيع ان تستأثر بالحل في المنطقة، من هنا تعقيدات المراحل الأخيرة في موضوع المنطقة توشك أن تفرج عن بعض الملامح لمرحلة جديدة آتية تحت الشعار التالي: سوف تسوء الأمور أكثر قبل ان تصل الى شاطىء الأمان في هذه المنطقة المضطربة.