أندري أزولاي مستشار البلاط المغربي في عهد أكثر من ملك، يتذكر طفولته اليهودية في الصويرة مع المسلمين، والمغرب الذي يحبه.


إيلاف من دبي: أندري أزولاي حالة استثنائية في المغرب. فقد شغل منصب "مستشار الملك" في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وهو المنصب الذي استمر في شغله في عهد الملك محمد السادس. إنه شخصية بارزة في مربع الحكم المغربي، تمثل حالة فريدة من نوعها في العالم العربي والإسلامي: فهو يهودي، وهي الحالة التي تعكس مستوى التعايش الرفيع، الذي طبع لقرون طويلة علاقة المسلمين واليهود المغاربة.

كيس تراب

في مقابلة بثها برنامج "حكايات" على موقع LeSiteinfo، يروى أزولاي: "كنت عند أبي، في مركز عمله، وكان مسؤولًا عن الأشغال العامة في عهد الحماية الفرنسية في عهد حكومة فيشي، لأن الفرنسيين ما أرادوا يهودًا في الوظائف العامة. فاضطر أبي إلى أن يتحول إلى التجارة، كنت في متجره في إحدى أمسيات أوكتوبر من عام 1948 أو 1949. حينها، كان أحد أصدقاء العائلة يزوره، كان الحاج الإمام رحمه الله، وكان رجلًا وسيمًا طويل القامة، رأيته في جلبابه الأبيض، يتحلى بالحضور والجمال. كان يتردد كثيرًا على أبي. أتى في هذه المرة، دس يده في جيبه، واخرج كيسًا صغيرًا بني اللون، وقدمه لأبي طالبًا منه أن يفتحه".

يضيف أزولاي: "فتح أبي الكيس البني الصغير، فوجد فيه ترابًا. قال لي الحاج الإمام إني عائد لتوي من القدس، وبغيت أن تشاركني هذا الحج، ولهذا أعود إليك بهذا التراب، ليكون لنا نحن معًا، فنحن أخان صديقان، وأريد أن نتشارك ما أتيت به من هناك... هذا هو المغرب خاصتي، وهذه هي طفولتي، وهذا ما ميز طفولتي، غنى هذا التصرف وقوته وجماله".

يتابع: "ربما كنت في الثامنة من عمري حينئذٍ، واليوم، وأنا في هذا العمر، يبدو لي أن هذا حصل البارحة".

في الصويرة

عن العلاقة بين المسلمين واليهود في الصويرة، حيث ولد في عام 1941، يقول أزولاي: "هذا عمل حياتي، وهو المعنى الذي أحاول أن ألبسه كل ما أحاول فعله، وكل ما أحاول تحقيقه، وهذا المغربي الذي يخصني، وهي الطريقة التي ربتني عليها عائلتي ورباني عليها حاخاماتي ومعلميي واصدقائي المسلمين".

يضيف: "كنا في الصويرة، في منطقة استثنائية، حيث كانت منازلنا متصلة، نقفز من سطح منزل إلى سطح منزل آخر، فكنا نتلاقى كالأطفال الآخرين كلهم، وأتذكر أننا في الأمسيات كلها، كان ثمة تظاهرات للمطالبة بعودة الملك محمد الخامس رحمه الله، كنا نشارك، وننشد ’ملكنا واحد... محمد الخامس‘، ونرى وحهه في القمر، هذه كانت حياتي".

أزولاي مهتم بحوار الحضارات والثقافات، فشغل مناصب عدة، بينها: رئاسة منظمة "آنا ليند" الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات، ورئاسة المؤسسة الخيرية للثقافات الثلاث والديانات الثلاث، وعضويته في لجنة حكماء "تحالف الحضارات".

وهو يرفض فكرة صدام الحضارات، ويراها فكرة غارقة فى البساطة وأرى أن هناك صداما بين الجهلاء وليس بين الحضارات".​