تحتفل دولة الإمارات حكومة وشعبا من مواطنين ومقيمين غدا الاثنين الموافق 19رمضان بمئوية الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها، وبيوم زايد للعمل الإنساني الذي يصادف 19 رمضان من كل عام وهو ذكرى رحيله.

محمد بن راشد: نحتفي بإنسانيته وعطائه

وغرد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا "غدا يوم زايد للعمل الإنساني .. نستذكر خيره .. نرسخ سيرته .. نحتفي بإنسانيته وعطائه الذي أرساه في شعبه .. بوركت حيّا وميتا يا أبانا .. بوركت حاضرا وغائبا يا أصل الخير ورائده وسيده يا زايد الخير .. نم قرير العين بعد التعب .. ‏يا أبي الأكبر من بعد أبي".

محمد بن زايد: عبر بحكمته حدود وطنه

‏وفي سياق متصل غرد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية على حسابه في تويتر قائلا "منذ البدايات .. آمن الراحل الكبير زايد .. ان حب الخير ونهج العطاء أمانة ورسالة إنسانية ... عبر بها بحكمته حدود وطنه ... الى شتى بقاع العالم ليحدث التغيير في حياة الآخرين ... فكسب بذلك قلوب الملايين ...نفتخر بأننا أبناء ذلك القائد الملهم.. زايد الخير .. طيب الله ثراه".

حمدان بن زايد: ترك إرثا غنيا ونهجا متفردا في ميادين العطاء الإنساني

من جهته قال الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي إن يوم زايد للعمل الإنساني تجسيد لقمة الوفاء لنهج الوالد الراحل زايد بن سلطان الذي أرسى دعائم صرح الإمارات الإنساني والخير وعرفان للمبادئ التي عاش من أجلها وإعلاء للقيم التي نذر نفسه لها وظل ينادي بها من أجل مساعدة المحتاج ونجدة الملهوف وإغاثة المنكوب إلى أن رحل عن دنيانا تاركا إرثا غنيا ونهجا متفردا في ميادين العطاء الإنساني. لافتا إلى أن تلك المبادئ والقيم ستظل نورا ساطعا يضيء عتمة الطريق للسالكين دروب الخير والساعين في قضاء حوائج الناس.

وتابع أن دولة الإمارات صارت مصدرا مهما لإطلاق المبادرات والقيم التي تعلي من شأن الإنسان وتحفظ حقه في الحياة والعيش الكريم، مشيرا إلى العديد من المبادرات الهامة التي انطلقت من أرض الإمارات وتركت أثرا طيبا على حياة الملايين من المهمشين والفقراء والمحتاجين.

سلطان بن زايد: وهب زايد نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه 

وذكر الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل رئيس دولة الإمارات أن الراحل الشيخ زايد بن سلطان يمثل رمزا للعمل الإنساني محليا وإقليميا وعالميا بفضل ما قدمه من أعمال خيرة كان لها بالغ الأثر في تخفيف معاناة المعوزين والمحتاجين حول العالم.
وأضاف "في يوم زايد للعمل الإنساني الذي يصادف يوم 19 رمضان من كل عام وهب زايد نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة وقاد ملحمة البناء من مرحلة الصفر منطلقا من رؤية ثاقبة بتسخير عوائد الثروات الطبيعية لبناء الإنسان.. الوالد زايد كان بحق رجل التنمية ومن الزعماء القلائل الذين تفانوا وكرسوا حياتهم وأعطوا بكل سخاء من أجل عزة وطنهم وإسعاد شعبهم".

مبادرات إنسانية وخيرية في مختلف بقاع العالم

وتشهد احتفالات الإمارات بيوم زايد للعمل الإنساني هذا العام إطلاق المزيد من المبادرات الإنسانية والخيرية الحيوية والنوعية من خلال الآلاف من الفعاليات الحكومية والمجتمعية التي تنظمها المؤسسات العامة والخاصة والأهلية.

واقترن اسم الشيخ زايد بن سلطان على الدوام بالعطاء وتقديم العون لكل محتاج في أي منطقة بالعالم وأصبحت الإمارات في عهده من أهم الدول المساهمة في العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم وها هي اليوم بفضل إرثه تحتل وللسنة الخامسة على التوالي المركز الأول عالميا كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية.

واكتسب العمل الإنساني في مسيرة الشيخ زايد تميزه وريادته من كونه انه عمل مؤسسي تقوم على النهوض به العديد من المؤسسات والهيئات العاملة في الامارات وشموليته وعمومتيه، حيث لا يقتصر فقط على تقديم المساعدات المادية وإنما يمتد أيضا إلى التحرك إلى مناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل المباشر مع مشكلاتها، كما يمثل بعدا مهما من أبعاد السياسة الخارجية لدولة الإمارات ويتوجه إلى كل البشر أينما وجدوا من دون النظر إلى دينهم أو عرقهم او لغتهم او لونهم.

 98 مليار درهم مساعدات

وقد بلغ حجم المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات بتوجيهات من الشيخ زايد في شكل منح وقروض ومعونات شملت معظم دول العالم أكثر من 98 مليار درهم حتى أواخر عام 2000. حيث القضايا الإنسانية والخيرية على مكانة متقدمة في فكر واهتمام الشيخ زايد سواء كان داخل الامارات أم خارجها.

ولم تتوقف المشاريع الخيرية الإماراتية في عهد الشيخ زايد على العالم العربي والإسلامي فقط بل امتدت لتشمل حتى دول العالم المتقدم، ففي عام 1992 تبرعت دولة الإمارات بخمسة ملايين دولار لصندوق إغاثة الكوارث الأميركي لمساعدة منكوبي وضحايا إعصار اندرو الذي ضرب ولاية فلوريدا الأميركية.

مواقف مشرفة لزايد عالميا

ويسجل التاريخ مواقف مشرفة للشيخ زايد في نصرة ودعم شعب البوسنة والهرسك خلال تعرضه لأبشع جرائم الحرب في تسعينات القرن الماضي حيث وجه في 26 أبريل 1993 بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لإغاثتهم من الأوضاع المأساوية التي يمرون بها، وأمر بإرسال العديد من شحنات الإغاثة من المواد الغذائية والطبية إلى البوسنة ووجه باستقبال أفواج من الجرحى لعلاجهم بمستشفيات الدولة وتكفل بإقامة العشرات من العائلات في شقق مجهزة بالكامل وتوفير فرص العمل لهم.

وفي مايو 1990 تم التوقيع على الاتفاق لإقامة مطبعة إسلامية في العاصمة الصينية بكين بمنحة من الشيخ زايد لدعم أنشطة المسلمين الصينيين ونشر الدعوة الإسلامية بتكلفة 3,1 مليون درهم كما تبرع بنصف مليون دولار لدعم جمعية الصداقة بين الإمارات والصين. وفي عام 1999 وبتوجيهات من الشيخ زايد غادرت مطار أبوظبي طائرة إغاثة متوجهة إلى اليونان لمساعدة المتضررين من الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة من البلاد.

نازحو الشيشان

وبتوجيهات منه في عام 2000 بدأ الهلال الأحمر الاماراتي في توزيع الأضاحي بجمهورية أنجوشيا على النازحين الشيشان، كما قدمت مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية 145 طناً من المساعدات الغذائية للمتضررين من المجاعة التي اجتاحت منطقة القرن الأفريقي كذلك قرر مجلس الوزراء تقديم مساعدة عاجلة بقيمة 100 ألف دولار لمنكوبي الزلزال الذي ضرب بجواتيمالا.

واستحوذ دعم المنظمات الدولية والإسلامية على حيز مهم من جهود الشيخ زايد فبعد قيام الاتحاد تبرع بمبلغ 50 ألف دولار لدعم أنشطة منظمة "اليونيسيف " في برامجها الهادفة لمساعدة الطفولة. وتبرعت دولة الإمارات بمبلغ وقدره 424 ألف دولار لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي و100 ألف دولار لصندوق رعاية الطفولة "اليونيسيف" و54 ألف دولار لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وأعلن زيادة رأس مال صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي بمقدار أربعة أضعاف ليصل إلى 500 مليون دولار.

البنك الإسلامي

وفي العام 1974 قدمت دولة الإمارات دفعة مالية جديدة للبنك الإسلامي للتنمية بلغت 10 ملايين دينار إسلامي ليرتفع مجموع مساهمات الدولة في البنك إلى 110 ملايين دينار، كما قدمت دولة الإمارات قرضا من دون فوائد إلى منظمة اليونسكو تبلغ قيمته مليونين و400 ألف دولار وفي العام 1982 منح صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي قرضاً لمنظمة دول حوض نهر السنغال قيمته 259 مليون درهم.

مولد مجلس التعاون الخليجي

وفي عام 1981 ترأس الشيخ زايد قمة الإعلان عن ميلاد مجلس التعاون الخليجي من دول الخليج العربية الست وقدم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي قرضين لدولة البحرين بقيمة 160 مليون درهم لتمويل المشروعات الكهربائية والصناعية.

وفي عام 1972 قرر مساعدة اليمن بإنشاء إذاعة صنعاء وفي عام 1974 قدم الشيخ زايد مبلغا إضافيا قدره مليون و710 آلاف دولار لتكملة مشروع الإذاعة والتلفزيون في اليمن. وبتوجيهات منه قدمت دولة الإمارات مساعدة عاجلة وقدرها 3 ملايين دولار لتخفيف آثار الفيضانات والسيول التي اجتاحت جمهورية اليمن في التسعينيات من القرن الماضي.

مصر والمغرب

وكان للشيخ زايد بصمات واضحة في مصر حيث تكفل بعد حرب أكتوبر عام 1973 بمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس السويس، الإسماعيلية، بور سعيد التي دُمرت في العدوان الإسرائيلي عليها عام 1967.
وتبرع في العام 1990 خلال مشاركته في الاحتفال التاريخي العالمي الذي أقيم في أسوان بجمهورية مصر العربية بمبلغ عشرين مليون دولار وذلك لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة.

وفي المغرب أراد الشيخ زايد أن تتجاوز العلاقات بين الإمارات والمغرب حدود المألوف فكانت مبادراته المتتالية التي مثلت الدافع القوي لكي تنهض هناك عشرات المشاريع الشامخة أمام الأعين وهى تحمل اسم "زايد". ومن بين هذه المشاريع مؤسسة الشيخ زايد العلاجية وتطوير مركز مريم الخاص برعاية الطفولة وإنشاء وحدات سكنية متكاملة، وقدم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي في العام 1976 قرضا بقيمة 40 مليون درهم لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالمملكة المغربية.

فيضانات السودان

وشكلت مساعدات الشيخ زايد للسودان أبرز ملامح العطاءات الخيرية حيث تبرع بإنشاء كلية الطب ومستشفى ناصر بمدينة ود مدني السودانية وبمبلغ 3 ملايين دولار أميركي لحل مشكلة العطش في السودان، كما قدم صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي قرضا بقيمة 5,16 مليون درهم لمشروع التنمية الريفية في منطقة دارفور بغرب السودان. وفي عام 1999 وصلت إلى الخرطوم طائرة الإغاثة الثانية لمساعدة المتضررين من الفيضانات التي اجتاحت ولاية دنقلا السودانية وعلى متنها 40 طناً من المساعدات الغذائية.

ألغام لبنان

واهتم الشيخ زايد بمساعدة لبنان من خلال مبادرته بنزع الألغام التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي للجنوب وعلى نفقته الخاصة وكذلك اهتم بأن تقوم الإمارات بدور فاعل في عملية إعادة بناء لبنان بعد الحرب فقدمت الدولة المساعدات المالية والهبات والقروض للمشاريع الحيوية والتنموية.

وفي سوريا قدم الشيخ زايد حزمة من المشاريع الخيرية والتنموية حيث وقع صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي في دمشق ثلاث اتفاقيات مع سوريا لتمويل ثلاثة مشاريع صناعية بقيمة 911 مليون درهم.

مراكز باكستان

وفي باكستان وتحديدا في مدن كراتشي ولاهور وبيشاور أقام الشيخ زايد فيها مراكز إسلامية لنشر الثقافة الإسلامية والعربية بين أبناء باكستان إضافة إلى تمهيد وتوسيع الطريق الجبلي من مدينة خاران وبناء مسجد دالي وحفر آبار المياه وبناء المساجد والمدارس والمساكن.
وتبرع في عام 1982 بمبلغ 500 ألف دولار لمشروع مبنى الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة في كراتشي كما وجه بتقديم المساعدات الطبية والمنح الدراسية والمساعدات العاجلة لضحايا الزلازل والفيضانات.

أوسمة.. نياشين

وحصل الشيخ زايد بن سلطان على أوسمة ونياشين من مختلف دول العام تقدير لما قدمه من خدمات جليلة للإنسانية ففي عام 1985 منحت المنظمة الدولية للأجانب في جنيف الوثيقة الذهبية للشيخ زايد باعتباره أهم شخصية لعام 1985 لدور البارز في مساعدة المغتربين على أرض بلاده وخارجها في المجالات الإنسانية والحضارية والمالية.

وفي عام 1988 اختارت هيئة رجل العام في باريس الشيخ زايد وذلك تقديرا لقيادته الحكيمة والفعالة ونجاحه المتميز في تحقيق الرفاهية لشعب دولة الإمارات وتنمية بلاده أرضا وإنسانا، جعلها دولة متطورة متقدمة.

وفي عام 1993 منحت جامعة الدول العربية وشاح رجل الإنماء والتنمية للشيخ زايد وفي عام 1995 قدمت جمعية المؤرخين المغاربة له الوسام الذهبي للتاريخ العربي وذلك تقديرا منها لجهوده في خدمة العروبة والإسلام واعترافا بأياديه البيضاء على العلماء واعتزازا بشغفه بعلم التاريخ والدراسات التاريخية .

وفي عام 1995 اختير الشيخ زايد الشخصية الإنمائية لعام 1995 على مستوى العالم، من خلال الاستطلاع الذي أجراه مركز الشرق الأوسط للبحوث ودراسات الإعلامية في جدة، وشارك فيه أكثر من نصف مليون عربي، وفي عام 1996 أهدت منظمة العمل العربية درع العمل للشيخ زايد تقديرا من المنظمة للدور الرائد له في دعم العمل العربي المشترك.

شخصية استثنائية

ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في قصر الحصن بمدينة أبوظبي عام 1918. والده الشيخ سلطان بن زايد كان حاكماً لإمارة أبوظبي من (1922-1926م). وكان الشيخ زايد الابن الأصغر من بين أربعة أشقاء، وسمي باسم جده زايد بن خليفة المعروف بـ "زايد الأول" الذي حكم الإمارة من (1885-1909م). 

أظهر الشيخ زايد شغفا متزايدا بكل ما يمت إلى العربي الأصيل، كالصيد بالصقور، وركوب الهجن العربية الأصيلة والخيل، وإتقان الرماية. وتشكَّلت شخصيته في فجر شبابه عندما كان في مدينة العين، واستمد الكثير من صفائها ورحابتها. واكتسب صفات الزعامة والقيادة السياسية التي اتسمت بها شخصيته الاستثنائية الفذة.