إيلاف من لندن: تشخص الانظار المهتمة بالميدان السوري وعلى وجه الخصوص المنطقة الشمالية منه، لمعرفة مصير أهم مكون فيه "هيئة تحرير الشام" التي أسسها "أبو محمد الجولاني"، بعد أن أدرجته أميركا على قائمة الإرهاب.

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية "هيئة تحرير الشام" ( النصرة سابقا ) وأسماء التنظيمات الأخرى التابعة لها في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية الأسبوع الماضي ، ولكن ما مصير "هيئة تحرير الشام " في سوريا بعد هذا الادراج ؟ .

الدكتور محمود حمزة الأكاديمي والباحث السوري قال لإيلاف أنه يستبعد "فكرة أن تحل هيئة تحرير الشام نفسها اثر موقف الادارة الأميركية الأخير" ، ورجح فرضية "أن تتبخر الهيئة مثل داعش وتنتقل الى مكان آخر ".

ولكنه اعتبر "أن دور هيئة تحرير الشام الملتبس والذي أضر بالثورة منذ اليوم الاول لم ينته بعد".


ضمن تسوية سياسية 

من جانبه يؤكد جمعة الدبيس العنزي القاضي السوري وعضو المجلس العربي في الجزيرة والفرات في حديث لـ " ايلاف" أنه "لا شك في أن المجتمع السوري بطبيعته مجتمع وسطي معتدل متجانس بالرغم من تعدد أعراقه ودياناته ومذاهبه ذلك قبل ان تعصف به هذه المتغيرات الهائلة في السنوات الأخيرة, والتي أفرزت تيارات فكرية غريبة عن المجتمع السوري, بعضها محلي وأغلبها عابر للحدود".

وأضاف "لا يمكن لعاقل أن يتجاهل أثر العامل الخارجي في القضية السورية, وسنكون عاطفيين أكثر مما ينبغي إذا قلنا أن القضية السورية يحلها السوريين وهذا ليس استسلاماً بقدر ما هو واقعية".

ورجح العنزي "أن التسوية السياسية المنتظرة والتي لم تتبلور ملامحها بعد، ستسطع بأثرها على كافة مكونات المشهد السوري, ومن ضمنها " هيئة تحرير الشام " التي يبدو أنها فقدت الكثير من مناصريها حتى في مناطق نفوذها".


تصنيف المجتمع الدولي

واعتبر أنه "بعد انسحاب حركة نور الدين الزنكي وجيش الأحرار، نستطيع القول أنها عادت في تشكيلها إلى مكونها الرئيس (فتح الشام) أو النصرة التي هي فرع من القاعدة بالإقرار الصريح لمؤسسها أبو محمد الجولاني".

وقال " يشعر كثير من السوريين بالأسى والخذلان للنظرة غير المنصفة للمجتمع الدولي لما هو إرهابي وغير إرهابي, ويتساءلون: لماذا لم تصنف مليشيات طائفية بغيضة تابعة لإيران والنظام على أنها إرهابية كما هو حال تنظيم الدولة وجبهة النصرة ".

ورأى في النهاية "أن كل هذه التنظيمات الراديكالية ستندثر وتزول لأنها تسير بمسار مخالف لمنطق التاريخ وحركة الشعوب المتحضرة".


حل أم اندماج 

 وتحدثت عدة مصادر أن " هيئة تحرير الشام " ستحل نفسها أو ستندمج مع تنظيمات أخرى في محافظة إدلب.

لكن يوسف الهجر مسؤول إدارة الشؤون السياسية فيها نفى هذا الموضوع ، وقال عبر “تيلغرام” أن “الأمور التي تخص البنية التنظيمية لتحرير الشام غير خاضعة للتفاوض أو المساومة خارج البيت الداخلي، وضمن الثوابت والمبادئ التي قامت عليها، مع الاستمرار على تحقيق مصلحة أهل الشام بما يحفظ جهادهم وثورتهم وتحقيق أهدافها”.

واعتبر ان “الحديث عن وجود جولات اندماجية أو جبهوية بين هيئة تحرير الشام مع أي من الفصائل غير صحيح”.

ويلمح مراقبون إلى تخبط في مواقف الهيئة حاليا عبرت عنه تصريحات متضاربة من قادتها تعكس حجم الضغط الداخلي الذي تتعرض له بالتزامن مع الضغوط الخارجية الدولية .

حيث كتب أبو اليقظان المصري، أحد القادة الشرعيين في الهيئة في منشور له على قناته في "تليغرام" منتقدا الخطاب السياسي الجديد للهيئة : "إذا خلا الخطاب السياسي لجماعة مجاهدة من الاستعلاء بعزة الاسلام على الكفار الذين أذلهم الله، ستنطفئ جذوة الجهاد في قلوب أبناء تلك الجماعة".

فيما انتقد أبو شعيب الشرعي أيضا في الهيئة بعض العبارات التي قالها الهجر في بياناته ووصفها" بالركيكة" .

تقرب الجولاني 

وكانت قد أوضحت الخارجية الأمريكية في بيان، أن هيئة "تحرير الشام" هي الاسم الجديد المستعار الذي أطلقته جبهة "النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، كبديل لاسمها في يناير من العام الماضي، وذلك كوسيلة لمواصلة عملها في سوريا.

وقال منسق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأمريكية، ناثان سيلس، إن "تصنيف اليوم يسير في اتجاه أن الولايات المتحدة لا تنخدع بمحاولة القاعدة إعادة تشكيل نفسها".

وأضاف "مهما اختلف اسم جبهة النصرة، فسوف نستمر في حرمانها من الموارد التي تسعى إليها بغية تعزيز أهدافها العنيفة".

التصنيف الأميركي

ورغم أنه بذلك التصنيف الأميركي ، باءت محاولات كثيرة من قبل قائدها أبو محمد الجولاني حذف اسم " هيئة تحرير الشام " من قائمة الإرهاب الأمريكية بالفشل رغم ما قيل عن انسلاخه عن تنظيم "القاعدة" عندما غير الاسم والارتباط وتحولت "جبهة النصرة" إلى "هيئة تحرير الشام" حتى أنه اعتقل عناصر منشقين عن الهيئة بتهمة محاولتهم تشكيل فرع للقاعدة في إدلب، شمال غرب سوريا وأنشأ مكتبا سياسيا وغير من الخطاب ... ، الأمر الذي اعتبر تقربا لواشنطن كي يبقى في إدلب ويتوقف التحالف الدولي عن استهداف معسكراته وقياداته في الشمال خاصة بعد القضاء على تنظيم داعش ، رغم كل ذلك ورغم الرفض الأمريكي لتلك المحاولات من قبل الجولاني جاء رد الهيئة على بيان واشنطن حول الهيئة خاليا من نبرة التحدي وترسيخا لمحاولاته السابقة للتقرب ودعا "لحوار ممكن، من أجل عدم تكرار أخطاء الإدارة الأميركية السابقة في سوريا والمنطقة، وبما يفيد في مواجهة أعداء مشتركين للطرفين".

وهيئة تحرير الشام" هي امتداد لـ"جبهة النصرة" التي انفصلت عن تنظيم "القاعدة" الإرهابي، خلال السنوات الماضية.

وفي العام 2016 اعلن عن تشكيل الهيئة بقيادة الجولاني، وضمت جبهة "فتح الشام" و"حركة نور الدين الزنكي" و"لواء الحق" و"جيش السنة" و"جبهة أنصار الدين" ثم انفصلت عنها بعض الفصائل التي دخلت في مكونات أخرى.