توقفت الحياة الورقية عن الصدور في بيروت، بسبب تراجع المداخيل، لكن مالكها الأمير خالد بن سلطان مستمر على الإتنفاق عليها بسخاء، على الرغم من قراره الموجع بوقفها.

إيلاف من دبي: لا شك أن قرار "الحياة" التوقف عن الصدور ورقيًا في بيروت، والاكتفاء بجريدة مصورة على موقعها الإلكتروني، بصيغة PDF، صادم، بل مزلزل في عالم الصحافة العربية. فهذا القرار استدعى كلامًا مؤثرًا، آتيًا من صحفيين ومن صحف عربية، مخلوطًا بحسرة على حال الصحافة العربية المكتوبة.

أنفق بسخاء

في افتتاحية خصصتها صحيفة "الجزيرة" السعودية لهذا الأمر، كتب الصحفي السعودي خالد بن حمد المالك إن "الحياة" ارتبطت بشخصيتين مهمتين، "أعطياها من الجهد والمال والوقت ما جعلها واحدة من أهم الصحف العربية"، إذ كانت منذ ولادتها على يد مؤسسها الصحفي اللبناني كامل مروة صاحبة خط سياسي واضح، "لا يحني صاحبها رأسه إلا للمبادئ التي آمن بها، وحدَّد ذلك (بأن الحياة عقيدة وجهاد)، فدفع حياته ثمنًا لتمسكه بعقيدته وجهاده، حيث اغتيل في مجزرة رهيبة لإسكات الصوت الإعلامي القوي الذي كان معارضًا بقوة لما لا يتفق مع النهج الذي رسمه كامل مروة لصحيفة الحياة".

بعد اغتياله، وتصفية معارضتها للخط الناصري، تراجعت وقل تأثيرها وتعرضت للتهميش، وفي فترات للتوقف أو للتهديد بالتوقف، "قبل أن ينتشلها الأمير خالد بن سلطان، وتصبح ملكيتها له شخصيًا، حيث أخذ بقرارات جريئة، أهمها طباعتها في عدد من دول العالم، والإنفاق بسخاء عليها بما جعلها قادرة على الصمود بقوة ونجاح كل هذه السنوات، بفضل تغطيته العجز المالي من حسابه الخاص".

القرار الموجع

الآن، بحسب المالك، يبدو أن الأمير خالد بن سلطان "لم يعد مستعدًا للاستمرار في الصرف عليها بهذا السخاء، خاصة بعد أن تراجعت حصة الصحيفة من الإعلانات التي كانت أساسًا لا تغطي إلا الجزء اليسير من الميزانية السنوية للصحيفة، ما جعل الأمير يعيد النظر في الوضع، ويأخذ بقرار حاول على مدى عقود أن يتجنبه للمحافظة على استمرار النسخة الورقية من الحياة رغم تكلفتها العالية، والإبقاء على تاريخها الذي يحترمه الجميع، وكان الأمير خالد بن سلطان بهذا الموقف المهم في تاريخ الصحيفة هو الرجل الذي حافظ عليها بعد اغتيال المؤسس كامل مروة، ما جعل القرار الصعب الذي صدر أخيرًا بتوقف طباعة الصحيفة في عدد من عواصم العالم، وإقفال مكاتبها، والاستغناء عن عدد من صحفييها والعاملين فيها قرارًا موجعًا، وربما قاد صحفًا سعودية أخرى تعاني هي الأخرى إلى محاكاة الحياة في قرارها".

يضيف المالك: "إنه لشيء مؤلم ومحزن أن تتوقف طباعة صحيفة مرموقة كالحياة في عدد من عواصم العالم، وتكتفي بالطباعة بالمملكة والخليج، دون أن تجد حلولًا أخرى، وهي التي ظلت لسنوات طويلة تعتمد على ما ينفقه الأمير خالد بن سلطان، إذ أن اعتمادها من الآن على صيغة PDF كما قرَّر مجلس إدارتها غير كافٍ لإبقاء الصحيفة على وهجها، وبذات المستوى والمتابعة التي كانت عليه قبل إيقاف طباعة نسختها الورقية في كل من لندن وبيروت والقاهرة، ما يجعل تأثيرها محدودًا في المستقبل مقارنة بما كانت عليه الصحيفة حين كانت تطبع في عدد من العواصم العربية والعالمية".

تراجع المداخيل

من الواضح، برأي المالك، أن هذا القرار الموجع سببه تراجع الدخل من الإعلانات، ما اضطر مجلس الإدارة إلى إعادة الهيكلة، لتعتمد الصحيفة على مكتب واحد في دبي بدلًا من مكاتبها التي كانت منتشرة في عدد من العواصم العالمية والعربية، بعد أن قرّر مجلس الإدارة ضرورة توحيد الجهود بمكتب واحد، وفي غرفة أخبار موحّدة، من خلال دمج كل الإمكانات البشرية والمالية، "على أمل استمرار توفير المحتوى والمضمون لمنتوجات دار الحياة الورقية والرقمية بجودة عالية ونوعية، مع وعد بأن تبقى طباعتها ورقيًا في بعض المناطق".

لا يتوقع المالك أن يكون للصحيفة بصيغة PDF موارد إعلانية تغطي نفقاتها، فالصحف الإلكترونية لا تزال تعاني نقصًا حادًا في الإعلانات، "الأمر الذي سيظل الأمير خالد بن سلطان هو الممول السخي لتغطية العجز كبر أو صغر، فالصحيفة تعني له الشيء الكثير، ويجد صعوبة في أن يتخلّى عن دعمها وتمويلها بعد عقود كان ولا يزال فيها هو المنقذ منذ رحيل مؤسسها كامل مروة".

لقراءة افتتاحية الجزيرة:
http://www.al-jazirah.com/2018/20180605/ria1.htm