لندن: يناقش مجلس اللوردات الاثنين تعديلا لمشروع القانون حول بريكست قبل إعادة النص الى مجلس العموم في ما يشكل أسبوعا صعبا لتيريزا ماي التي تجد نفسها وسط شد حبال بين مؤيدي ومعارضي خروج البلاد داخل حزبها.

ومن المقرر ان تخرج البلاد من الاتحاد الاوروبي في اذار/مارس المقبل وعلى الحكومة البريطانية ان تنهي قبل هذه المهلة مفاوضات حساسة مع التكتل حول الشروط العملية بينما يصر البرلمان البريطاني على أن يقول كلمته حول الاتفاق النهائي.

وحققت ماي انتصارا هذا الاسبوع عندما نجحت في اقناع النواب المحافظين المؤيدين للاتحاد الاوروبي بتأييد النهج الحكومي.

ورفض هؤلاء النواب تعديلا كان سيمنح البرلمان الحق في منع البلاد من الخروج من التكتل في حال عدم التوصل الى اتفاق حول ترتيبات تجارية جديدة، لقاء وعد من ماي بأنه ستكون لهم كلمتهم رغم كل شيء.

الا انهم اعترضوا على التعديل التسوية الذي تقدمت به الحكومة بعد التصويت وعلق النائب دومينيك غريف ابرز المتمردين في حزب ماي ان الامر "غير مقبول" وانه "يتنافى تماما والغرض من التعديل وهو كان اعطاء الكلام الى النواب"، متهما ماي بالعودة عن وعودها.

وكانت ماي بررت موقفها الاحد لـ"بي بي سي"، مؤكدة أنها استمعت الى مطالب النواب لكن من غير الممكن للبرلمان أن "يكبل يدي الحكومة في المفاوضات" ولا "العمل ضد رغبة الشعب البريطاني الذي يريد الخروج من الاتحاد الاوروبي".

وهذه التصريحات تصب في خانة المحافظين المؤيدين لانفصال واضح عن التكتل والذين يتهمون المؤيدين لاوروبا بانهم يحاولون فرض القرارات على الحكومة والسعي في نهاية المطاف الى معارضة عملية الخروج أو التخفيف منها.

ولا تريد ماي الذهاب الى اجتماع قادة الاتحاد الاوروبي في بروكسل في 28 حزيران/يونيو المقبل وهي خاسرة للدعم في البرلمان البريطاني. 

أمنيات

وفي اطار مساعيها لابراز منافع بريكست، أعلنت ماي الاحد زيادة موازنة هيئة الخدمات الصحية الوطنية (إن إتش إس) بواقع 20 مليار جنيه (27 مليار دولار) تمول جزئيا من المبالغ التي سيتم توفيرها مع الخروج من التكتل.

وقالت إن جزءا من هذا المبلغ سيأتي من "الأموال التي لن ننفقها على اشتراك عضويتنا السنوية في الاتحاد الاوروبي"، ما أثار غضب مؤيدي البقاء في التكتل الاوروبي.

كما أعلنت أن جزءا من الزيادة سيمول من عائدات الضرائب، ما اثار غضب الجناح اليميني بين مؤيدي بريكست في حزبها الذين يؤيدون خفض الانفاق العام. 

وأحدى أبرز حجج مؤيدي الخروج خلال حملة الاستفتاء في 2016 كان ان الاموال التي سيتم ادخارها من العملية ستتيح ملء خزائن هذه الهيئة التي تعاني من أزمة بسبب نقص التمويل.

واعتبرت المعارضة على الفور ان التمويل يقوم على "تمنيات".

وتواصل ماي معركتها في الداخل حيث تواجه صعوبات في رص صفوف المحافظين وفرض سلطتها ازاء التحديات المتواصلة من قبل وزير خارجيتها بوريس جونسون المؤيد بشدة لبريكست.

وكان جونسون اعتبر مؤخرا ان لندن تفتقد الى "الجرأة" في المفاوضات مع بروكسل وان الرئيس الاميركي دونالد ترامب كان سيصل الى نتيجة أفضل. كما وصف بروكسل بانها "عدو" لا بد من "محاربته" وذلك خلال لقاء كان يفترض ان يظل مغلقا.

ورد عليه كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي لبريكست ميشال بارنييه "لن نتأثر بذلك".

ويطالب بارنييه المملكة المتحدة بمزيد من "الواقعية" بينما تراوح المفاوضات مكانها والوقت يداهم اذ من المفترض ان يتم حل نقاط الخلاف بحلول الخريف من اجل أن يتسنى للبرلمان الأوروبي خصوصا اقرار الاتفاق قبل الموعد المحدد لبريكست.

ولا تزال المسألة الايرلندية، اذ يمكن ان يؤدي بريكست الى اقامة حدود بين الشمال التابع للمملكة المتحدة والجنوب العضو في الاتحاد الاوروبي، بعيدة عن أي تسوية اذ لم تقتنع بروكسل بالمقترحات الاخيرة التي قدمتها لندن.

كما يختلف الطرفان حول مشروع غاليليو الاوروبي الذي سيتيح للاتحاد الاوروبي تطوير برنامج ملاحي عبر الاقمار الاصطناعية. ومع ان بريطانيا ساهمت في المشروع فان بروكسل تريد استبعادها منه بعد بريكست مبررة ذلك باعتبارات أمنية ما اثار غضب لندن.

اما بالنسبة الى العلاقة المستقبلية بين الجانبين فتحاول ماي التقريب بين التزام الحفاظ على علاقات تجارية جيدة مع الاتحاد الاوروبي وانفصال فعلي يفسح المجال امام المملكة المتحدة لابرام عقود تجارية ثنائية في المستقبل.

وأعلنت ماي الاحد ان "المفاوضات مستمرة" مشددة على اقتناعها بان "مستقبلا باهرا في انتظار المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي".