يضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل ثقله لتعبئة قاعدته الناخبة في الاقتراع المرتقب الأحد، لكن يحتمل أن يخسر عددًا كبيرًا من الأصوات لمصلحة خصم يتمثل في حزب إسلامي محافظ يستمد جذوره من الفكر السياسي الإسلامي نفسه لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه.

إيلاف: المرشح تيميل كرم الله أوغلو، زعيم حزب السعادة، والمعروف بهدوئه وحزمه، من بين مرشحي المعارضة، الذين ينافسون أردوغان، ويأملون دفعه إلى دورة ثانية على الأقل.

من رحم مرشد أردوغان
ومع إجراء الاقتراع البرلماني في اليوم نفسه، انضم حزب السعادة إلى تحالف أحزاب معارضة، تريد تجريد حزب العدالة والتنمية الحاكم من غالبيته. ويحتاج أردوغان 50 بالمئة على الأقل من الأصوات لضمان فوز مطلق في الدورة الأولى.

وفيما من المتوقع أن يحسن حزب السعادة وزعيمه كرم الله أوغلو، في أفضل الأحوال، نتائجهما الأخيرة بنقطتين مئويتين، فإن هذا وحده كافٍ لترجيح الكفة في اقتراع يتنبأ كثير من المراقبين، بأنه سيشهد منافسة قوية.

انبثق حزب السعادة من الحركة السياسية نفسها للراحل نجم الدين أربكان، مرشد أردوغان، والذي أدخل الإسلام السياسي للمرة الأولى إلى قلب السياسة في الدولة القائمة رسميًا على العلمانية.


قال كرم الله أوغلو (77 عامًا) الذي يتزعم حزب السعادة منذ 2016، لوكالة فرانس برس، أن حزبه اختلف مع حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان، بعدما ابتعد عن مبادئ أساسية.

أضاف: "أعلن السيد أردوغان هذه المبادئ في انتخابات 2002: العدالة والديموقراطية وحرية التعبير وحرية التفكير. لكن يبدو أنه الآن وضعها جانبًا". رفض حزب السعادة التعديل الدستوري الذي طرح في استفتاء في أبريل 2017، ومنح أردوغان سلطات تنفيذية واسعة. "قد يكون هناك منصب رئيس، لكن هناك أيضًا برلمان قوي. والنظام القضائي يجب أن يكون بعيدًا عن تأثيرهما".

بديل متدين 
قال أنتوني سكينر، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مركز دراسة المخاطر فيريسك مايبلكروفت، لوكالة فرانس برس، إن حزب السعادة وكرم الله أوغلو، يلعبان دورًا مهمًا في الانتخابات في "إثارة غضب" أردوغان.

أضاف "إن ترشح كرم الله أوغلو في السباق الرئاسي يحمل أهمية لكونه قد يجذب أصواتًا يحرم منها أردوغان، الذي يحتاج أكبر عدد ممكن من الأصوات تجنبه دورة انتخابات ثانية قد تكون صعبة".

ويمثل حزب السعادة حركة بدأها أربكان أذهلت المؤسسة العلمانية في تركيا، لكنها ألهمت مؤسسي حزب العدالة والتنمية، مثل أردوغان والرئيس السابق عبد الله غول. وأسس أربكان في ما بعد حزب السعادة، فيما أطلق أردوغان وحلفاؤه في 2002 حزب العدالة والتنمية.

بل إن كرم الله أوغلو أجرى محادثات مع غول، الذي بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 2014 اختلف أيضًا مع أردوغان، بخصوص الترشح للرئاسة. لكن الرئيس السابق المتحفظ عادة، قرر عدم المجازفة.

وليس لحزب السعادة حاليًا نواب في البرلمان، إذ نال 0.7 بالمئة فقط من الأصوات في الانتخابات البرلمانية عام 2015. غير أن بعض الاستطلاعات ترجح أداء أقوى له هذه المرة. وقال سكينر "إنه (كرم الله أوغلو) يقدم بديلًا للدوائر المتدينة التي تشعر بالخيبة من أردوغان وحزب العدالة والتنمية".

الزخم آت 
لا يحظى حزب السعادة حاليًا بالـ10 بالمئة الضرورية لإرسال نواب إلى البرلمان. لكن نفوذه تزايد بانضمامه إلى ما أطلق عليه "تحالف الأمة" لأحزاب معارضة تتحدى أردوغان في الانتخابات البرلمانية. ومن بين شركائه في التحالف حزب الشعب الجمهوري، العلماني نقيض حزب السعادة الإسلامي الجذور. لكن وجودهما في التحالف نفسه يعني أن حزب السعادة قد يتمكن من إدخال نواب إلى البرلمان.

وأشار كرم الله أوغلو إلى أن الحزب ينظر ببعض الاستياء إلى محاولات حزب العدالة والتنمية في الفترة الأولى من توليه السلطة، الاندماج مع الاتحاد الأوروبي وتشكيل تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة. وقال أوغلو "قلنا إننا بحاجة إلى انتهاج سياسة خارجية قوية. لكن أولئك الرجال تخلوا عنها، وها هم الآن ينتظرون على عتبة أوروبا".

يبدو كرم الله أوغلو متفائلًا بخصوص اقتراع الأحد. وقال إن المعارضة يمكنها أن تستفيد من موجة تغيير ساعدت رجل الأعمال التركي علي كوتش على الإطاحة بعزيز يلدريم، الذي تولى لعقدين رئاسة مجلس إدارة نادي فنربغشة الرياضي في 3 يونيو.
وقال "الزخم آت، رأيناه في مؤتمر نادي فنربغشة".