تفتتح بمدينة الصويرة، اليوم الخميس، فعاليات الدورة الـ21 لــ"مهرجان كناوة وموسيقى العالم"، التي تعد جمهورها، كما جرت العادة، بلحظات موسيقية استثنائية، في نهاية أسبوع غنية بالإبداع الموسيقي لكبار معلمي الفن الكناوي وموسيقيي العالم، في امتزاج متناغم بين أنواع "الفيزيون" و"تاكنويت".

إيلاف من الرباط: كما دأب المهرجان كل سنة، ستتحول "مدينة الرياح"، اللقب الذي تعرف به الصويرة، إلى ملتقى لفن كناوة وموسيقى العالم، ما يجعل منه، حسب بيان للمنظمين، تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، "موعدًا لا محيد عنه، كأحد أبرز التظاهرات الفنية التي تجمع معلمي هذا الفن المتجذر تاريخيًا، والذي يعتبر إرثًا فنيًا للأجداد، إلى جانب أشهر الموسيقيين العالميين. 

ملصق مهرجان كناوة بالصويرة في دورته الـ21

سيكون أحد أشهر المعلمين على الساحة الدولية حاضرًا لمنح الدورة 21 من المهرجان نفسًا فنيًا بارزًا، ويتعلق الأمر بالمعلم حميد القصري، ليقدم ثمرة عمله الفني الجديد، الذي يعتبر ثمرة أسبوع من التدريب مع الفرقة العالمية الشهيرة "سناركي بابي"، التي يتزعمها الفنان ميكاييل ليغ".

تعد "سناركي بابي" إحدى الفرق الأميركية الموسيقية التي وضعت بصمتها في السنوات الأخيرة بكل تألق، وتضم موسيقيين من أصول مختلفة، واشتهرت بانفتاحها على فنانين من مشارب وآفاق فنية مختلفة. وستقدم الفرقة، رفقة المعلم حميد القصري، عرضًا يمزج بين الجاز وفن تاكناويت، خاصة وأن القصري اعتاد على القيام بعروض مختلطة مع فنانين من جنسيات مختلفة، ما يعطي طبقًا فنيًا مميزًا من فن "الفيزيون".

تقترح دورة هذه السنة من المهرجان أربع حفلات خاصة بالفيزيون، حيث سيستمتع الجمهور بلقاء غير مسبوق لاسمين كبيرين في سماء الموسيقى العالمية، لا يشتركان فقط في الأصل المالي، وإنما يتوحدان أيضًا في طبيعة القضايا والمعارك التي يخوضانها عبر التزامهما الفني ودفاعهما عن المساواة والحرية، ويتعلق الأمر بـ "فاطوماتا دياوارا" وأسماء حمزاوي (بنات تمبوكتو).

أما الحفل الثاني فلا يقلّ روعة عن السابق، وسيجمع بين المعلم الأكثر اتسامًا بنوع من الخفة واللياقة الموسيقية، وهو المعلم حسن بوسو، ومجموعة الموسيقى الدولية لبنين، وهي إحدى الفرق الموسيقية التي تتسم بالحيوية وغزارة العطاء الفني على الخشبة.

فيما سيجسد الحفل الثالث تناغمًا بين روافد فنية مختلفة، تنهل جميعها من منبع موسيقي قديم موروث عن الأجداد، إذ سيلتقي المعلم سعيد أوغسال والثلاثي هولند/ ذكير/ حسين المكون من ديف هولاند على "الباص"، وذكير حسين على "الطبلة" وكريس بوتر على "الساكسفون".

ويعتبر ديف هولاند أحد الموسيقيين المؤثرين في الجاز المعاصر، وسبق أن جاور كبار هذا الفن على الصعيد العالمي من أمثال مايلس ديفيز، وشيك كوريا، وجون سكوفيلد، وأنطوني براكستون، وبيتي كارتر، وستيف كولمان، وهربي هانكوك. وسيقدم هذا الحفل تمازجًا بين ثلاث مدارس موسيقية عريقة، إذ ستشهد منصة الصويرة حفلًا فنيًا يلتقي فيه الجاز بإيقاعات كناوة، بينما تحفهما معًا أهازيج هندية، ما يمنح الجمهور سفرًا ثلاثي الأبعاد.

ويعتبر المعلم سعيد أوغسال أحد أعلام العزف على الكمبري، إذ يجر وراءه تجربة غنية من المشاركات المختلفة في حفلات دولية متفرقة، حيث سبق له العمل مع أسماء كبيرة في عالم الجاز كراندي واتسون، وجورجي باردو، أو روبيم دانتاس، ضابط إيقاع "باكو دو لوسيا".

لن يخرج الحفل الرابع عن سياق سابقيه، إذ تحضر الموسيقى الأندلسية بدورها خلال هذا العام، وسيتقاسم المعلم والمدير الفني عبد السلام عليكان المنصة مع بيبي باو الباسيست الشهير في الموسيقى الإسبانية الشعبية، ليقدما عملًا فنيًا يمزج بين فنين ينتميان إلى ضفتين مختلفتين، لكنهما يتوحدان في الأصول، وهكذا سيكون هذا العرض مسيرًا من طرف أندرياس لوتس ومجموعة "أوفنك أولو"، وهي الفرقة التي سبق لها التعامل فنيًا مع أسماء من قبيل رايموندو أمادور، وأوبيس، وبارون روخو ومدينة الزهراء.

ويجمع مهرجان هذا العام حفلات موسيقية، موزعة على منصتين رئيسيتين هما: منصة مولاي الحسن ومنصة الشاطئ.

وإذا كان المهرجان يحتفي بكبار أعلام الموسيقى التقليدية، فإنه لم ينس الجيل الواعد الحامل لمشعل تاكنويت، إذ ستستقبل منصة مولاي الحسن أسماء شابة موسيقية، تجسد إرادة المهرجان منذ أن رأى النور في 1998، عندما كرّس طاقاته سواء الفنية أو التنظيمية لمنح الشباب فرصة للظهور والتألق ولقاء جمهور مهرجان الصويرة.

بالموازاة مع ذلك، ووفاء منه للمواعيد التي حققت نجاحًا، يعيد المهرجان الكرّة، وينظم منتدى حقوق الإنسان، للسنة السابعة على التوالي، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كفضاء للنقاش المواطن والإنساني، حيث سيسلط الضوء في هذا العام على موضوع حقوق المرأة، تحت شعار "حتمية المساواة".

كما يعيد المهرجان خلق لحظات حميمية من جديد من خلال كسر الحواجز بين الفنانين والجمهور، من خلال "شجرة الكلمات" وفتح فضاء جماعي يؤلف بين الطرفين على صينية شاي من شرفة جميلة تطل على معالم المدينة التاريخية.

وتخصص الدورة حفلات تكريمية، ستهدى لذكرى معلمي كناوة المغاربة الذين رحلوا تاركين خلفهم إرثًا موسيقيًا وتراثيًا لا يموت، وذلك بـ "زاوية سيدنا بلال"، عبر حضور سبعة أسماء من معلمي تاكنويت.

لترك بصمات في نفوس الحاضرين، والاحتفاء بالأصول الأفريقية لهذا الفن التقليدي الضارب في جذور التاريخ، سيجري تنظيم معرض الآلات الموسيقية الأفريقية على هامش المهرجان.

اختصارًا، يختم المنظمون، يمكن القول إن النسخة الحادية والعشرين للمهرجان، التي ستتواصل على مدى ثلاثة أيام، تعتبر دورة ناضجة، وذات بعد أفريقي أكثر من أي وقت مضى، تحتفي بصيغة المؤنث والكرامة النسائية.