أحمد قنديل من دبي: حذرت الإمارات المواطنين والمقيمين على أراضيها وكذلك المؤسسات والمنشآت المختلفة من جمع التبرعات في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة خارج إطار القانون، مشددة على أن من يقوم بذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية ولعقوبات مغلظة بالحبس الذي قد يصل مدته إلى ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم، ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك كونها تعد جرائم احتيال وقد تكون وسيلة لتمويل الأنشطة الإرهابية.

قصص مفبركة وإعلانات وهمية

ورصدت "إيلاف" خلال جولة على مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات انتشار الكثير من القصص المفبركة والإعلانات الوهمية الغير حقيقية لجمع التبرعات لحالات مرضية، من بينها أطفال مصابون بأمراض خطيرة ومنها بالسرطان وأخرى معسرة لا تستطيع تدبير نفقات المعيشة وتدعو أهل الخير لعونهم ومساعدتهم دون إظهار أي دلائل تثبت صحة المعلومات المنشورة.

وشكا مواطنون ومقيمون في الدولة انتشار ظاهرة التسول الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة ملحوظة خاصة في شهر رمضان، لافتين إلى رصدهم رسائل تحوي قصصا مأساوية متنوعة، وتدعو أهل الخير إلى المساعدة في رفع الغمة عن أطفال ومسنين بدول مختلفة وأخرى لمساعدة فقراء يعانون جراء الحروب، وهناك دعوات أخرى للإسهام في بناء مساجد ومستشفيات.

ورصدت وزارة الداخلية الإماراتية ظاهرة جمع التبرعات لحالات مرضية ومعسرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات ذكية خاصة "واتس أب"، مؤكدة أنها تلاحق المتورطين في مثل هذه الأفعال التي تستهدف الاستيلاء على أموال المحسنين، وممارسة أنشطة من دون ترخيص.

النائب العام: الظاهرة تشكل خطورة

قال المستشار حمد سيف الشامسي النائب العام لدولة الإمارات في بيان له إنه ونظراً لما رصدته الأجهزة المعنية من تعدد حالات قيام بعض الأشخاص الطبيعية والاعتبارية بالدعوة والترويج لجمع التبرعات خارج إطار القانون باستخدام الشبكة المعلوماتية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما ضبطه مكتب التحقيقات الاتحادي التابع لمكتب النائب العام من حالات تمت إحالتها إلى نيابة مكافحة جرائم تقنية المعلومات الاتحادية للتحقيق.

ويحذر النائب العام للدولة من أن هذه الظاهرة تشكل خطورة أولاً لجهل المتبرع صدق وحاجة الحالة الإنسانية والمبلغ المستحق لتلك الحالة، وبمصير ما قد يتم جمعه من أموال وسبل إنفاقها بما يفتح مجالاً لاحتمالات، بدءاً من كونها جرائم احتيال وانتهاءً بكونها وسيلة لتمويل الأنشطة الإرهابية ومرتكبيها، وثانياً لما لهذه الظاهرة من مساس بما بلغته دولة الامارات العربية المتحدة من مركز حضاري مرموق يعنى ضمن ما يعنى به بسد فجوات الاحتياج لدى الأشخاص، والمساهمة في تمويل الجمعيات والهيئات والمؤسسات التي تقوم على العمل الخيري ودعمها.

حبس حتى 3 سنوات وغرامة حتى نصف مليون درهم

أشار المستشار الشامسي النائب العام الإماراتي إلى أن هذه الأفعال تُعد جرائم بنص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ومعاقب عليها بالحبس الذي قد تصل مدته إلى ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم، ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين. مؤكدا وجوب حصول أية جهة ترغب في ممارسة هذا النشاط على ترخيص مسبق من وزارة تنمية المجتمع باعتبارها السلطة المختصة بمنحه.

أسماء وهمية

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى وسيلة سريعة لبعض ضعاف النفوس ممن امتهنوا مخالفة الأنظمة القانونية تجاه جمع التبرعات النقدية والعينية، حيث أكدت الجهات المختصة على تحديد القنوات الرسمية التي تستقبل تلك التبرعات، وطرق إيصالها إلى أصحابها عبر حسابات وجهات معروفة معنية بذلك وليس لمن هم يتخفون خلف أسماء وهمية على هذه المواقع، أو ممن يظهرون بأسمائهم الحقيقية لكنهم يفتقدون الوسيلة الصحيحة والواضحة التي سيجمعون من خلالها أموال المتبرعين، وضمان إيصالها لأصحابها أياً كانوا بطرق سليمة، سواء من المحتاجين خارج الدولة أو المرضى أو أصحاب حاجات داخلها، أو عبر دعم المشروعات الخيرية وماشابهها.

التسول الإلكتروني

هجر متسولون طرق التسول التقليدية وبسط اليد لاستدرار العطف والشفقة ولجؤوا إلى تسول حديث يدر عليهم أموالا طائلة دون أن يضطروا الى الطلب بأنفسهم بشكل مباشر، إذ سخروا التكنولوجيا الحديثة لاستجداء الناس بأسلوب جديد، وسلبهم أموالهم من خلال التسول الإلكتروني، خاصة أن طرق التسول التقليدية وارتداء ملابس ممزقة لم تعد تنطلي على كثير من الناس، فلجأ متسولون إلى وسائل التواصل الاجتماعي (واتس أب، وتويتر، وفايسبوك، والبريد الإلكتروني الشخصي)، وبدأوا في بث رسائل تتضمن قصصا مليئة بالدموع والمآسي، وتدعو المحسنين وأهل الخير إلى مساعدة مرضى ومنكوبين وأطفال في دول أخرى، أو الإسهام في إقامة دور عبادة بأماكن بعيدة والاستيلاء على مبالغ طائلة بأقل مجهود ممكن.

تبرعات فايسبوك.. هل هي بعيدة عن الإرهابيين؟

قامت إدارة فايسبوك مؤخرا بإضافة أداة جديدة تتيح لمستخدمي الموقع جمع التبرعات للأعمال الخيرية، والمشاركة في القضايا التي يريدون دعمها، وذلك بإضافة زر جديد إلى نافذة الموقع باسم "تبرع"، الذي يتيح طريقة سريعة وغير معقدة لجمع التبرعات ودون رسوم، حيث يتيح الموقع هذه الخدمة مجاناً، ويتم تحويل حصيلة التبرعات إلى الجهات التي تم التبرع لها مباشرة.

وقد أضافت الشركة زرا جديدا إلى نافذة الموقع باسم "دونيت" أو "تبرع" ليتيح طريقة سريعة وغير معقدة لجمع التبرعات، موضحة أنها وفرت أداتها الجديدة للمنظمات الخيرية من أجل جمع التبرعات بسهولة وبشكل فوري عبر الموقع. وأنها وفرت قاعدة بيانات للمؤسسات الحكومية وغيرها حتى يسهل الوصول إليها خلال مواجهة الكوارث.

ولكن من غير المعروف ما إن كان فايسبوك سيتمكن من التحكم في التبرعات لتصل إلى الجهات المعنية، ومنع وصولها إلى جهات مشبوهة أو تنظيمات إرهابية، حيث يعد هذا تحدي كبير خاصة أن الموقع يرتاده أكثر من ملياري مستخدم حول العالم، وهذا ما يدفع للتساؤل: هل تبرعات فايسبوك تعد بعيدة عن أيدي الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية وأنشطتهم حول العالم؟

عاش فايسبوك في الآونة الأخيرة أوقاتا عصيبة بسبب فضائح حول أخبار وهمية وتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية والأوروبية والعنف على "فايسبوك لايف".