عندما أعلن دونالد ترمب ترشحه للانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 عن الحزب الجمهوري، ضحك المسؤولون الديمقراطيون كثيرًا، فمن وجهة نظرهم أتى من سيهدم بنيان الجمهوريين في الولايات المتحدة.

إيلاف من نيويورك: آراء الديمقراطيين وتحليلاتهم، تعززت بعد إعلان حوالى خمسة عشر جمهوريًا ترشحهم للانتخابات التمهيدية، وارتفع منسوب التفاؤل في معسكر الديمقراطيين أكثر بعد الاشتباكات الإعلامية الكبيرة التي خاضها دونالد ترمب ضد المرشحين الأساسيين كتيد كروز، وماركو روبيو، وجون كاسيتش، وجيب بوش.

كارثة 2016
لكن الأيام أظهرت أن كارثة حلت بالديمقراطيين في نوفمبر من العام 2016، بعد خسارتهم المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وفقدانهم السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب، وسقوط أكثر من ثلاثين ولاية بيد حكام جمهوريين.

صراع داخلي مرير
وفي حين انتظرت قيادة الحزب الديمقراطي انقسام نظيرتها الجمهورية في الانتخابات، استفاقت لتجد أن التشرذم ضرب صفوف حزبها، الذي بات يترنح وسط صراع مرير بين التقليديين، ودعاة اليسار، الذين يزداد نفوذهم يومًا بعد يوم، في بلد لا تكن الغالبية العظمى من سكانه ودًا للإشتراكيين والشيوعيين.

صفر تأثير
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، تشير غالبية التوقعات إلى أن تواجد الديمقراطيين سينحسر أكثر فأكثر في أعلى سلطة قضائية في البلاد إذا نجح مجلس الشيوخ في تثبيت تعيين مرشح ترمب المنتظر لخلافة القاضي أنتوني كينيدي في المحكمة العليا، وهذا الأمر يعني عمليًا رجحان كفة الجمهوريين داخل السلطات التنفيذية والتشريعية، والقضائية.

تعويل جديد
ويبدو أن التعويل على انقسام الجمهوريين مجددًا يدغدغ قيادة الديمقراطي في المرحلة الحالية أيضًا، فزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، يحاول وبكل الوسائل منع ترمب من تسمية مرشح جديد للمحكمة العليا. 

ولهذه الغاية يلعب على وتر قضية أساسية تهم الأميركيين (الإجهاض)، في محاولة لاستمالة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ مثل سوزان كولينز ممثلة ولاية ماين وليزا موركوفسكي من ألاسكا.

معادة شومر لإسقاط مرشح ترمب
تقوم حسابات شومر على المعادلة الآتية: يمتلك الجمهوريون غالبية بسيطة في مجلس الشيوخ (50+1)، وإذا ما نجح في إقناع كولينز، وموركوفسكي، بعدم منح الثقة إلأى مرشح ترمب الجديد، سيسقط تلقائيًا، ولن يتمكن الرئيس من تقديم مرشح آخر قبل فترة الانتخابات النصفية، مما يعني أن الديمقراطيين بإمكانهم المشاركة في قرار تعيين خليفة كينيدي في حال امتلاكهم للأكثرية بعد السادس من نوفمبر.

انقلاب محكوم عليه بالفشل
لكن شومر الذي يقاتل ترمب ومرشحه بكل ما أوتي من قوة، قد تطاله سكاكين الديمقراطيين من الخلف، قبل أن ينجح في تنفيذ انقلاب داخل الحزب الجمهوري، خصوصًا أن الرئيس الأميركي يجيد اللعب بورقة أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين يمثلون ولايات حقق فيها انتصارات كاسحة على هيلاري كلينتون.

ورقة ترمب السحرية
عند كل استحقاق يتطلب الحصول على أكثرية الأصوات في مجلس الشيوخ، يخرج ترمب من جيبه ورقة الانتخابات النصفية ملوّحًا بها لكل من هايدي هايتكامب (نورث داكوتا)، وجو دونيلي (إنديانا) وجو مانشين (وست فرجينيا)، وجون تيستر من مونتانا، وبيل نيلسن الذي يواجه حاكم فلوريدا ريك سكوت، ويحتاج دعم بعض الجمهوريين والمستقلين للانتصار على الحاكم المدعوم بقوة من الرئيس الأميركي. 

هؤلاء يواجهون خيارات صعبة، فمن جهة لا يريدون شرذمة أكبر بين القيادة والقاعدة في الحزب الديمقراطي، وأيضًا لا يتصورون خسارة مقاعدهم في الانتخابات المقبلة، والسماح للجمهوريين برفع عدد ممثليهم في مجلس الشيوخ.

خيارات صعبة للواقعين تحت رحمة الرئيس
ويعلم الديمقراطيون الواقعون تحت رحمة ترمب، أن معارضتهم لخياره المنتظر للمحكمة العليا سيفقدهم دعم أصوات جمهورية معتدلة في الولايات التي يخوضون فيها الانتخابات سبق وأن صوّتت لمصلحتهم في المرات السابقة، وبالتالي ستصبح مراكزهم مهددة، ولكنهم في الوقت نفسه يخشون تقدم اليساريين على حسابهم داخل الحزب الديمقراطي في حال صوّتوا بالموافقة لمرشح الرئيس.

وفتح ترمب مبكرًا معركة إحراج أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وأعطى لموضوع المحكمة العليا حيزًا كبيرًا في مهرجاناته الأخيرة في الولايات التي زارها، خصوصًا مونتانا، ما دفع بالحملة الانتخابية للسناتور جون تيستر إلى إصدار بيان، قالت فيه: " سجل جون واضح - إذا كان الأمر جيدًا بالنسبة إلى مونتانا، فإنه يعمل مع أي شخص من أي طرف لينجز الأمور".